للعرب آراء عدة في وثنيتهم فبعضهم كان يقول: ليس لنا أهلية لعبادة الله بلا واسطة لعظمته، فلذلك نعبدها – أي الأصنام – لتقربنا منه وقال آخرون: هي قبلة لنا مثل الكعبة، وفرقة اعتقدت أن لكل صنم شيطاناً موكلاً بأمر الله، فمن عبد الصنم حق عبادته قضى له الشيطان حوائجه بأمر الله. بلوغ الأرب للبغدادي ج2 ص 198 -197.
وهنالك شواهد عديدة على عودة الكثير من أحفاد إبراهيم للتوحيد بسبب الغزو الثقافي الذي وصل إليهم عبر الرقيق من الأحباش النصارى، وعبر الشام وفلسطين للنازحين من أهل دين الناصرة من النصارى وأهل الديانة الموسوية من العبرانيين، ولذلك ترك الكثير من القبائل من طي وتميم وأياد – قبيلة قس بن ساعدة – الوثنية حتى وصل التنصير إلى قبيلة قريش نفسها واليمن ومنهم ذو نواس الذي سيصبح يهودياً لاحقاً ويعذب نصارى نجران كما في قصة أصحاب الأخدود، وكانت الكعبة كنيسة فيها صورة مريم والمسيح وذكرت في مصادر المسلمين بما لايشك أحداً في ذلك.
فمن تنصر أو تهود لايعني قناعةً جزماً، وإنما يحصل أحياناً، بسبب علاج المتنصر أو المتهود عند طبيب نصراني أو يهودي. أو كما ذكر الكاتب من أن * المرأة المقلاة في الجاهلية كانت تنذر إن عاش لها ولد أن تهوده، فتهود قوم منهم. قريش من القبيلة الى الدولة المركزية ص142. للباحث خليل عبد الكريم.
ولذلك كان إنتشار النصارى وديانتهم في الجزيرة موازياً لإنتشار اليهود وديانتهم أيضاً في الجزيرة العربية وكأن هنالك أجندة خارجية لزرعهم في الجزيرة العربية، ولربما كان زرع الديانة النصرانية له أبعاد سياسية تخدم أجندة الإمبراطورية البيزنطية آنذاك وليس اليهودية وهو أقرب للصواب من زرع اليهودية وسنبين السبب لاحقاً في محله، وهذا ما ساعد على أنتشار فكرة التوحيد وولادتها من جديد في نفوس أحفاد إبراهيم.
فدعوة الرسول للتوحيد لم تكن جديدة، لما سبقه اليهود والنصارى من تأسيس بالدعوة له، ولذلك رد الله على توحيد النصارى في التثليث وعلى اليهود بالتحريف.
وهنالك مصادر ذكرها الكاتب ليؤكد أن أمر (اليهود في الحجاز ونزولهم في وادي القرى وخيبر وتيماء ويثرب إنما كان في أيام بختنصر، أما ما ورد في روايات الأخبار عن هجرة اليهود الى أطراف يثرب وأهالي الحجاز على أثر ظهور الروم على بلاد الشام، وفتكهم بالعبرانيين وتنكيلهم بهم، مما إضطر ذلك بعضهم الى الفرار الى تلك الأنحاء الآمنة البعيدة عن مجالات الروم، فإنه يستند الى أساس تاريخي صحيح. ويذهب د. حسن إبراهيم حسن الى أن اليهودية إنتشرت في جزيرة العرب قبل ظهور الإسلام ولاسيما اليمن* قريش من القبيلة الى الدولة المركزية ص150.
*أن من الأنصار ( الأوس والخزرج) من كانوا مسترضعين في بني قريضة وغيرهم من يهود فتهودوا، وأن من الأنصار ( الأوس والخزرح) من رأى في الجاهلية أن اليهودية أفضل الأديان فتهود أولادهم.
وسبب آخر هو إختلاط اليهود مع العرب ( فقد عاش اليهود في جزيرة العرب معيشة أهلها فلبسوا لباسهم وتصاهروا معهم.
ويرى أحمد أمسن أن اليهود عملوا على ( نشر دينهم جنوبي الجويرة حتى تهود كثير من قبائل اليمن ومن أشهرهم ذو نواس الذي إشتهر بحبه لليهودية وإضطهاده لنصارى نجران* قريش من القبيلة الى الدولة المركزية ص148
الكثير من قبائل العرب التي بقيت على الوثنية، لم تكن تتعمد أن تشرك بالرب الذي تتقرب إليه بأصنامها، ولا فهمت الغاية من توحيدها، ولذلك لم تستوعب منطق تحطيم الأصنام وتوحيدها بصنم جديد واحد لاتستوعبه المادة ولا المكان ولا الزمان وهو ربهم الأعلى خالقهم وخالق الأكوان. وهذا ما أقلقهم فخافوا من الله ترك أصنامهم التي يتقربون بها إليه، كي لاتحل بهم مصيبة ما.
فلما بعث الله نبيه وآتاهم بتوحيد الله وعبادته وحده لاشريك له، قالوا أجعل الآلهة إله واحد إن هذا لشيء عجاب، يعنون الأصنام. الأصنام لإبن الكلبي ص ۳۳.
الدينات التوحيدية السابقة أيضاً رفضت عبادة الأصنام للداخلين في دينها، لكنها لم تحطمها قهراً، كما فعل الإسلام.
من الأصنام :-
” السجّة والبجّة صنمان ”
السَّجّة: صنم كان يعبد من دون الله عز وجل وبه فسر قوله صلى الله عليه وسلم: ” أخرجوا صدقاتكم، فإن الله قد أراحكم من السجة والبجة. تاج العروس. الزبيدي .ج3 ص398.
وفي كتاب الأصنام يذكرها الكلبي:-
(السَّجّة الخيل، والسجِّة صنم يعبد من دون الله،
والبجّة قيل في تفسيره، الفصيد الذي كانت العرب تأكله في الأزمة، وهي من، البجِّ لأن الفاصد يشقّ العِرق). الأصنام ص3
…….
التوحيد:-
كما بينا سابقاً من أن مفهوم التوحيد لاتستسيغه العرب ولاتعني بأصنامها الكفر بالله الذي يتقربون إليهْ سواء بواسطة كبيرهم هبل أو يغوث أو ود أونسر أويعوق أو سواع أومناة واللات والعزى والكواكب، كالشمس والقمر وغيرها. ولا إيمان لهم بشكل عام بيوم الآخرة والحساب، إلا لفرادى من الناس وبعض القبائل من تأثر بالديانات الموسوية والنصرانية وآمن بها فمارس فيها حجها وصيامها وصلاتها.
ونستشهد بمثال الشهرستاني عن توحيد البعض منهم، عن لسان قس بن ساعدة. يقول الشهرستاني في الملل والنحل:-
(وممن كان يعتقد بالتوحيد ويؤمن بيوم الحساب قس بن ساعدة الإيادي قال في مواعظه:
كلا ورب الكعبة ليعودون ما باد ولئن ذهب ليعودن يوما.
وقال أيضاً كلا بل هو الله إله واحد ليس بمولود ولا والد أعاد وأبدى و إليه المآب غداً) إنتهى.الملل والنحل للشهرستاني ص 860.
كان الناس في عهد آدم موحدين ثم أختلفوا من بعده بعدة قرون لايعلمها إلا الله.
قال تعالى : (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ) البقرة/213
فالشرك وِلد بعد موت آدم وربما بعد بعض موت بنوه حتى ترسخ في النفوس لعدة أجيال لعدة قرون لايعلمها إلا الله.
ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لايعلمهم إلا الله)
إبراهيم 9.
لكن لماذا يشير لهم الله؟
أشار إليهم لأنهم غفيرٌ من أحفاد آدم أشركوا به وجعلوا له أندادا، فحق عليه عقابه كما هو معلوم.
ومن تلكم الأحفاد: قوم نوح وقصة أصنامهم الخمسة التي ذكرها القرآن في سورة نوح:-
قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا ۖ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24).
……
ما ضر الله لو سجد الناس للأصنام تعبداً وأشركوا به جمعاً؟
لماذا يعاقب الله على الشرك بالنار؟
(إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً) النساء : 116
كل آيات السجود في القرآن لم تأتْ بمعنى سجود التذلل والعبادة لبشر والطاعة لغير الله، وإنما للتحية والموافقة والتقدير ولم تُعد شركاً، كما فی سجود الملائكة لآدم أو في سجود أبوي يوسف وأخوته ليوسف:-
وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ. 100 يوسف.
ترى؛ ما المقصود من الشرك وما أهميته لو أشركت؟ أفلم يكونوا المشركون موحدين لله وما أصنامهم إلا للتقرب إليه زلفة؟
يقول الله في سورة الزمر:-
أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3).
وعن شرك الديانات الأخرى فصّل لون شركهم بقوله:-
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ التوبة 31.
ولذلك كان إبراهيم يدعو ربه أن يجنبه هو وقومه عبادة الأصنام.
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ إبراهيم : 35-36 ] .
من وحي التفاسير والقرآن لايمت معنى الشرك بصلة لغياب التوحيد لإلوهيته:- من إقرارٌ بوجود إله آخر غير الله، ولا حتى الله يخاف أن يعبدوا إله غيره كإعتراف ضمني بوجود رب يشاركه الملك.
فالله حتى في طلبه لعبادته وحده لايقصد ذاته لنفسه بل معايير عدله في كتبه فمن سار عليها وحدَّ الله. ولذلك العدل هو أول وأهم ركن من أركان الإيمان، ولولاه لإنتفت الحاجة للإيمان بالله.
الشرك بين المعنى القرآني والمعنى اللغوي:-
لغةًْ، يُعنى بالإشراك:-
إِشراك ( اسم ):
مصدر أَشْرَكَ
يَوَدُّ إِشْراكَهُ في مَشْروعِهِ : أَيْ جَعْلَهُ شَريكاً وَمُساهِماً
الإِشْراكُ بِاللَّهِ : الإلْحادُ بِهِ عِنْدَ الاعْتِقادِ بِأَنْ تَجْعَلَ لَهُ شَريكاً في مُلْكِهِ
أشركَ بالله : جعل له شريكًا في مُلْكه. * معجم المعاني.
قرآنياً وفق قناعتي، يأتي الإشراك بمعنى الركون للظلم والله عادل لانِدَّ لمعايير عدله.
كيف:
يوضح الله أكثر بقوله على لسان لقمان لإبنه:-
*إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ* 13 لقمان.
فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ }
[العنكبوت: 65-66]
المشرك هو من له علم بعدل خالقه ولاينكره ومع ذلك يشاركه بعبادة ندا له غيره أي معايير ظالمة يزهق الحق فيها؛ أي هنالك فريقين، وهذا هو نصاب الشرك بالمفهوم اللغوي والمنطقي ولايتحقق دونه. ونستشهد على الفريقين من القرآن:-
وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81)
والأحق بالأمن هو صاحب المعيار الأعدل وهو الحق ونور الهدى.
.وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (74) الأنعام.
فمن أشرك فهو في ضلال مبين لعدم إتباعه المعيار الأعدل.
وقال تعالى : ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده ) [ الممتحنة : 4 ]
لانكن البغض والعداوة إلا للظلم.
عندما يكفر الإنسان هو عندما لايشكر الله بعمل إنساني تتجلى فيها خصائص الإيثار على النفس من أجل شريكه المحتاج الآخر، فالله يمن على الإنسان بالخير وينظر إليه كيف يعمل فأن مد يد العون وتكفل المحتاج واليتيم، فقد عبد الله ولم يشرك به أحدا، حتى وأن سجد لكل أصنام الأرض، فهذا لايغيض الله ولايسميه شركاً، لأن الله لم يخلق الإنسان فردا وخَيرَهُ هو نتاج المجموع ولولاه لما حقق له المحصول الطيب، فأن أمتنع عن العطاء، ظلم الناس ونفسه، وهنا يتجلى الظلم لأنه عبد صنم حوائجه ورغائبه وهذا لظلم عند الله عظيم.
فالشرك الذي يبغضه الله ويريدنا أن نبغضه، هو الذي يتحقق فيه الظلم.
وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ }
[الزمر: 8]
من هم الذين لايشركون بالله ؟
يجيب الله تعالى:-
ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ }
[الأنعام: 82]
ولكن الله يقول كقولنا اليوم على شعوبنا وحكامنا، يتلبسون بالإيمان( بعدل الله) وهم لايؤمنون إلا لساناً وقلوبهم حجرٌ أنتحر الضمير عليها ونفق.
يعبر الله عنهم بقوله :-
وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ. يوسف: 106
عن إبن عباس في تفسير القرطبي للآية (106 یوسف) أعلاه :- أن مشركي العرب موحدة بدليل أنهم في التلبية يرددون كما يردد المسلمون ويزيدون عليها قليلا بقولهم :
لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك. تفسير القرطبي من النت.
بعيداً عن تفسير إبن عباس، نستفيد من الآية عمق المعنى للشرك، فالشرك له معنى واسع ولايقتصر على المعنى الضيق لإبن عباس.
لو كان الشرك بمعناه الضيق؛ عبارة عن صور سجود وتضرع لأصنام من حجر مع الإيمان بالله كما ذهب إبن عباس، فكل الحجاج اليوم بصورة حجهم يطوفون حول الحجر الذي نكره إبراهيم بأمر الله على أبيه آزر وقومه، والفارق بين الحجران نوعية الحجر ، فإبراهيم إستبدل حجر صنم عبادة أبيه آزر بحجر سماوي، كما وبإختلاف درجة الإنحناء أمامه فيما عدا حداثة التقبيل له، أصبح حجرٌ من الله جائز الطوفان حوله وتقبيله، ولاشرك فيه، بالرغم من أن كلاهما من صنع الله.
نستخلص معنى الشرك الحقيقي يراد به الظلم، ولهذا يرفضه الله ويحاسب أشد الحساب على مقترفيه. لذلك ختماَ أقول:-
إسجدوا لعدل الله، وأصنعوا من الحجر صنماً له، وأنصبوه أمام بيتوتكم وفي الطرقات، لتطوفو حوله، فحجه أعظم مليار مرة حج حجر الكعبة.