البطاقة التموينية كانت ولاتزال احدى الاساليب المهمة والناجحة لتحقيق الامن الغذائي اليومي بحده الادنى في الظروف الطارئة , بدأت بعدة مواد تغطي احتياجات العائلة الغائية , فهي امنت الحد اللازم من السعرات الحرارية التي يستهلكها الفرد , صغيرا وكبيرا , ولكن تراجعت وهزلت نوعا وكما مع استمرار الحصار الاقتصادي والعقوبات زمن النظام البائد . كما انها اهملت وتدنت اكثر بعد التغيير عام 2003 وشطبت منها مفردات ضرورية احوج ما يكون الناس اليها في معيشتهم ولتخفيف هجوم وحش الغلاء عنهم , وذهبت الاماني في تحسينها ادراج الرياح , بل ان الفساد المفضوح طالها , رغم تظاهر الناس واحتجاجهم على المآل الذي آلت اليه , وبين الحين والاخر تحت ضغط الازمات يتذكرها القائمون على السلطة ويكيلون الوعود بشأنها , فتكون الحصيلة اعادة بعض ما سلبوه منها في وقت سابق او انقاص واضافة هذه المادة وتلك , ويبقى الحال في الجوهر مترد ومزر .
الحاجة الى البطاقة التموينية لتحسين الاستهلاك في موضوعة تحقيق الامن الغذائي ماسة وملحة , فنسب الفقر ترتفع وتنحدر فئات جديدة تحت خط الفقر , وتزداد اعداد العاطلين , وتنحسر فرص العمل , في الوقت الذي ترتفع اسعار النفط وتزداد كميات تصديره الا ان الحكومة لا تخطو في اتجاه انتشالهم من جب العوز والحرمان والفقر , وبالتالي ابعاد القلق الذي يساورهم ويقض مضاجعهم ويدفع نحو زيادة الجرائم المرتكبة وتنامي العنف والانخراط في التنظيمات الممارسة له , وهذا ما يضع كل ما تدعيه الحكومة والطبقة السياسية الحاكمة والنافذة في خبر كان .
الازمة الاقتصادية الحالية التي ازاحت عنها العمليات العسكرية بين روسيا واوكرانيا ورقة التوت تتطلب وقفة جادة من الحكومة وليست اجراءات ترقيعيه في معالجة آنية لا تنهي ولا تشبع الجوعى وتستر العريانين , الامر اكبر من ذلك بكثير.
ليس الاجراءات المؤقتة تشكل حلا , سرعان ما يزول تأثيرها , فعلى سبيل المثال اعطاء حصة اضافية لشهر رمضان وما بعده ماذا يحدث ويفعل المواطن في مواجهة ارتفاع الاسعار والتضخم ؟ وهل تلبي حاجاته لبقية ايام السنة ؟
كان الاجدى على الحكومة ان تعيد النظر في مفردات الكميات الموزعة بوجب البطاقة التموينية من حيث النوع واعادة مواد حذفت منها , كانت زمن الحصار وشح التمويل موجودة غابت في زمن الوفرة المالية , وايضا العودة الى توزيعها شهريا , وفتح منافذ لتوزيعه بأسعار مدعومة لا تستهدف الربح , وانما اشباع الجياع وسد الحاجة.
ومن البديهي والمهم ان يكون في البلد خزين استراتيجي كاف لفترة زمنية وقت الطوارئ يشعر الناس بالاطمئنان من الجوع ويحقق الاستقرار في السوق وثبات الاسعار , ويجنب المستهلكين من الشعور بالهلع والخوف من فقدان الغذاء , وبالتالي من التدافع نحو الاسواق والوقوع تحت ضغط رفع الاسعار الحاد للمواد الاستهلاكية , وفسح في المجال للفاسدين والمضاربين بالتلاعب بقوت المواطنين لأجل الاثراء الفاحش .
للأسف لم تشعر وزارة التجارة المواطن بالأمان , بل زادته قلقا عندما تضاربت تصريحاتها بشان الخزين من الطحين وغيره , واسهمت بإثارته عنما اعلنت انه لا يكفي سوى الى ايام محدودة .
ان الوضع دقيق وحساس ومحتقن قد يتفجر لأي سبب يتعلق بالأمن الغذائي , فعلى الحكومة ان تكون حذرة وتستجيب لمتطلبات توفير الغذاء للمواطنين قبل وقوع ثورة الجوع التي لن تبق شيئا على حاله .