هناك مؤشرات واضحة لكل ذي عقل نَيَّر على أن الخونة والحاقدين والعملاء في داخل العراق وخارجه يسعون إلى تشجيع الحكومة وقياداتها العسكرية والأمنية على الاستمرار في توجهاتها الوطنية! وحرصها على وحدة البلاد وتحرير مدنه قدر المستطاع أو بكل المستطاع! ودفعها إلى البدء في عملية تحرير “الموصل” بالوسائل التقليدية! ولما ننتهي بعد من تطهير المدن الأهم من الموصل! لاستدراج القوات المسلحة والحشد الشعبي إلى معارك يختار الأعداء مكانها وزمانها!!؟ ولا نعتقد أن القيادات العسكرية تخفى عليها تلك النوايا ومَنْ يقف وراءها من بعيد أو قريب!
كما تلوح في الأفق السياسي العراقي نوايا شريرة للانتقام من الجيش العراقي والحشد الشعبي وباقي فصائل المقاومة العراقية التي كان لها الدور الحاسم في الانتصارات التي تحققت في ديالى وآمرلي والضلوعية والعَلَم والدّور وأخيراً في “تكريت” التي هزت كيانات أعداء العراق و استشعَروا بخطورة هذه الانتصارات وتوسعها واستمرارها حتى النصر النهائي على المرتزقة من “الدواعش” والحواضن والخونة الذين اتخذوا من أهل السنة غطاءً وملاذاً لتبرير إجرامهم وتحريض الأغبياء في الوقت الذي يتمتع به أهل السنة بالاحترام والتقدير والمشاركة في الحكم وعلى نطاق واسع وليس محدوداً أو منتقى؛ ولم يكن هناك أي تهميش أو إقصاء كما يدعي مجرمي الدواعش والبعثيين الصداميين وأذنابهم وأذيالهم بدعم ومساندة دول الجوار الأشرار الذين يرتعدون من نهوض العراق وتقدمه وانتصاره على أعداءه.
في الوقت الحاضر ليس من الحكمة إرسال جندي واحد أبعد من مدينة “الشرقاط” ويقتصر الجهد العسكري والأمني على تحرير المدن المحتلة مثل “هيت” و “عنه” وغيرها وتنظيفها تماما من الدواعش والحواضن وإجراء مسح وإحصاء لكافة العوائل المتواجدة في تلك المدن وتسجيل أسمائها وأسماء مَنْ يزاورها وعدد ساكني كل دار وأعمالهم حتى تؤمن هذه المناطق بالكامل وتحميل سكانها مسؤولية الحفاظ عليها بالتعاون مع السلطات المحلية وباتصال دائم مع القيادات الأخرى, وتبقى هذه النشاطات والتحضيرات حتى تؤمن المنطقة مئة بالمئة وضرب إي تحرك معاد ومشبوه بقوة وقسوة ومحاسبة المقصرين في واجباتهم في حفظ الأمن والنظام فيها وفي نفس الوقت تفعيل النشاط الإستخباراتي والأمني في المناطق المحيطة بـ “الموصل” وفي داخلها وتهيئتها للمستقبل القريب والوقت المناسب!
من هنا نقول أن معركة تحرير”الموصل” محفوفة بالمخاطر الجسيمة في حالة هزيمة ما تبقى من الدواعش والقضاء عليهم في الأنبار والفلوجة وأطرافهما وتأمين سلامة بغداد وأهلها؛ بعد ذلك بالإمكان التوجه إلى التخطيط والترتيب والاستعداد لتحرير “الموصل” بطريقة الحصار!؛ لذا نرى أن يتوقف زحف الجيش العراقي والحشد الشعبي وفصائل المقاومة عند مشارف وأطراف الموصل ويستقر في مواقعه الجديدة ويؤمنها ويضمن تماما طرق الإمداد والمساندة والاتصال الممتد إلى مراكز القيادة وقواعد التجمع والمعسكرات خلف مناطق تواجده ومن ثم تبدأ عملية حصارشامل من جميع الجهات حول الموصل وخاصة الجبهة المفتوحة إلى حدود العراق سوريا وتركيا إذا وفقنا! بالتفاهم مع القيادات العسكرية الكوردية! بالمساهمة في مثل هذه العمليات من دون غدر أو خيانة!؟ مصحوبا بالحذر واليقظة؛ ذلك لأن القيادات الكوردية المتطرفة تنوي المساومة على ضم “كركوك” من خلال فسح المجال للأتراك في التصرف في”الموصل”!! ومن هنا فإن الأتراك يرغبون في أن يكون لهم في “الموصل” موطئ قدم وموضع يد لهم يساومون به من طرف خفي! الحكومة العراقية باعتبارهم وسطاء خير!! وابتزازها باستمرارهم في دعم “الدواعش” في الموصل والسماح للمتسللين من الإرهابيين ومنهم بعض من القادة الأتراك! إلى الموصل مع تأمين السلاح والإمدادات الأخرى لإدامة المعارك والمقاومة والقتال لاستنزاف القوات العسكرية العراقية ومعها يتورط الحشد الشعبي وبقية فصائل المقاومة التي سوف تنال قسطاً من الخسائر والإنهاك المخطط له من قبل الكورد والترك والأميركان وإسرائيل والعملاء في محميات الخليج وما تبقى من البعثيين الصداميين وسوف تعتبر معركة تحرير الموصل المعركة الحاسمة والإصرار على هزيمة بعض قطعات الجيش العراقي مرة أخرى!! وفي حالة انسحاب الجيش العراقي أو بعض فرقه! بعد أن يدرك المؤامرة وعجزه عن المطاولة سوف يتحرك “الدواعش” وأنصارهم نحو قطعات الجيش العراقي والحشد الشعبي لتوجيه ضربات نوعية هنا وهناك وسوف تحدث الكارثة لا سمح الله. هذا السيناريو محتمل الوقوع وليس غريبا استنادا إلى ما يجري في جبهات المواجهة هذه الأيام وما نراه ونلمسه من التكتيكات والتدخلات الأجنبية التي تعجز الحكومة العراقية من الصمود أمامها إلا بإعطاء التنازلات المؤلمة للمحافظة على ما تبقى من العراق!!
بعد هذه الصورة القاتمة لما سوف يحدث في عملية تحرير الموصل والتعقيدات في طريق القوات العسكرية العراقية والقوات الأخرى يمكن القول أن ما تقدم اعتباره حلماً وكابوساً وعند الصحوة منه وإعادة الهدوء للنفس نقول إن عملية تحرير الموصل بالحصار الصارم والمحافظة على زخم قواتنا المقاتلة وتكليف جزءا منها للقيام بهذه المهمة وما تبقى يحتفظ به جاهزاً مستعدا للدعم والإسناد عند الحاجة يمكننا أن نقوم بالمناورات التكتيكية خلال فترة الحصار حتى لو طالت أكثر من سنة! ومن ضمن عمليات الحصار ضرب المطارات أو تعطيلها ومراقبة ومتابعة الطائرات المروحية وأماكن هبوطها بما لدينا من المضادات الجوية التي يجب تجهيزها وإعدادها وضبط الحدود ومراقبتها بدوريات متحركة لا معسكرات ثابتة لقطع طرق الإمدادات ونصب الكمائن وعمليات المخادعة والإغراء! لا أن تكون قطعاتنا ثابتة جامدة خاملة حيث تهاجَم وتباغَت بالضرب والهرب! والقيام بتعرضات للقوى المعادية وبذلك نقلب المعادلة وتقوم قواتنا المسلحة بعملية استنزاف للدواعش وبقية المرتزقة على أطراف “الموصل”.
في نفس الوقت والأوان يستمر العمل على المحافظة على الوضع المستقر في محافظة الأنبار بعد تحريرها بالكامل! وإجراء الجرد والمسح للسكان وتقديم المساعدات المختلفة لهم وتصحيح المسار السياسي والعلاقة بين المحافظة ومركز الحكومة مع توسيع صلاحيات المحافظة وزيادة ميزانيتها ليتمكن أهلها من القيام بعمليات إعادة التأهيل والبناء وتعويض الخسائر المادية والبنيوية للمحافظة ومركزها وإشاعة الثقة والاحترام المتبادل بين المحافظة والمركز وبقية المحافظات! وجعلها الظهير القوي للحكومة والقوات المسلحة والاعتزاز والافتخار بها للمضي في عملية البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي وجعلها مثلاً للتآخي بين أبناء الشعب العراقي كله وبدون تمييز!
أما إذا أراد الأكراد أن يقوموا بتحرير “الموصل” كما يزعمون بدل الحصار فعليهم القيام بعملياتهم لوحدهم وإفهامهم بأن إستراتيجية القيادة العسكرية العراقية هي الحصار والتضييق والخنق الجغرافي؛ فمن يتفق معنا عليه إطاعة أوامر القيادة العامة التي يجب أن تشمل قوات البيشمركه باعتبارها جزء من القوات المسلحة العراقية كما يدعون عند المطالبة برواتبهم!؟! ومَنْ يريد أن يتصرف وفق هواه! فعليه تحمل مسؤولية النتائج لوحده.
جميع العراقيين يدركون صعوبة العمليات التي تخوضها القوات العراقية والحشد الشعبي في هذه الأيام ومناورات “الدواعش” وتهديدهم مراكز إستراتيجية مهمة تتطلب من الحكومة جهدا إضافيا مستمر وقلق دائم وبذل جهود استثنائية لإعادة التوازن في المعادلة العسكرية ومن ثم التفوق؛ ثم يعاد نفس المشهد في مواقع أخرى التي يختارها العدو ويكون هو المبادر والمبادئ مع الأسف! مما يتطلب جهداً مضنى ومستمر يؤدي في بعض الأحيان إلى خسارة وتراجع وهذا الحال مستمر لحد الآن؛ من هنا نقول أن معركة تحرير الموصل سوف تأخذ نفس النهج والخطط في المناورة والتحرك في أماكن مختلفة الاتجاهات والأهداف لتشتيت قواتنا المسلحة وإضعافها ثم الإجهاز عليها فيما إذا فكرت القيادة العامة وقررت تحرير الموصل بالطريقة الكلاسيكية التي تجري الآن وندفع الثمن غال فيها وسوف تتكرر إذا غامرنا بالاتجاه إلى تحرير الموصل مباشرة.
لذلك وباختصار نقول وعلى بساطة معلوماتنا أن حصار الموصل المدروس والمخطط له بعناية هو أفضل من مهاجمتها مباشرة لأن القوى المسيطرة على الموصل قد أعدت العدة والوسائل الدفاعية ومنها الأنفاق التي تنفذ من خلف المهاجمين ومن مناطق مختلفة؛ والأفضل تركها محاصرة من بعيد لبعيد مع القيام بتعرضات مضمونة في الوقت المناسب من أجل إفشال مخطط الأعداء الذي ينوي الإجهاز على ما موجود من فرق الجيش العراقي المخصصة لتحرير الموصل وإنزال ضربات وخسائر فادحة بالحشد الشعبي وبقية فصائل المقاومة حتى لا يتفاقم أمرها في المستقبل بالتعاون مع قوى خارجية قررت التخلص من التنظيمات الشعبية والمقاومة الوطنية في هذه المعارك إذا تورط فيها الجيش العراقي والحشد الشعبي.. وقد أعذر مَنْ أنذر!!؟