القضاء على تنظيم داعش الارهابي و تخليص العراق من شره و جرائمه و مجازره، يعتبر أمرا بالغ الاهمية و حيويا جدا بالنسبة للأمن و الاستقرار في هذا البلد، لکن الاهم من ذلك بکثير هو تحرير و تطهير العراق من المد الطائفي البغيض الذي صار يجتاحه بشکل إستثنائي بحيث إذا لم يتم وضع حد له فإنه من الممکن أن يعاني الشعب العراقي من الوباء الطائفي لفترات طويلة.
المد الطائفي بالصورة و الدفع و القوة الحالية لم يکن أبدا موجودا في العراق قبل الاحتلال الامريکي و تفشي نفوذ نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في سائر أرجاءه، وإن من يتمعن في الصبغة و النمط و السياق الطائفي السائد في العراق ولاسيما بعد عام 2006، وتحديدا بعد أن قامت عناصر تابعة لطهران بتفجير مرقدي الامامين العسکريين، فيجد إنه ذو طعم و رائحة إيرانية أکثر من واضحة.
اليوم، والقوات العراقية منهمکة بالعمل من أجل تحرير الفلوجة من تنظيم داعش، فإن عليها أن تعلم جيدا بأن تقوم بتقطيع بعض الاغصان من شجرة الطائفية التي للأسف صارت لها جذور قوية في العراق، وإن العلة و بيت الداء في تلك الجذور، والانکى من ذلك، إن قوات الحشد الشعبي التي تعتبر طوع أوامر زعيمها و عرابها الروحي قاسم سليماني، تبادر و هي تقاتل کما تدعي من أجل القضاء على داعش و فکر داعش، غير إنها تقوم بذبح 17 من أهالي مدينة الکرمة بدعوى إنهم من داعش، تماما کما جرى مع أهالي المناطق المحررة في ديالى حيث لاقى الاهالي أحيانا أساليب و طرق قمعية و دموية أسوء من تلك التي مارسها ضدهم داعش.
في بدايات النفوذ الايراني في العراق، حذرت زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي بقوة من هذا النفوذ و أکدت بصريح العبارة”إن نفوذ نظام الملالي في العراق أسوء بمئة مرة من القنبلة الذرية”، وقطعا إن من يقوم بمراجعة سريعة لما جرى و يجري في العراق بعد خضوعه الکامل لنفوذ و هيمنة نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، يجد إن بلاد وادي الرافدين قد صارت دولة بلا سيادة و حتى شعب بلا إرادة فقد صار الامر کله رهن إشارة المرشد الاعلى الايراني و قاسم سليماني وهما من يقرران و يمليان الامور في حين إن ميليشيات الحشد الشعبي و الرموز التابعة لهم في العراق تتکفل بتنفيذ الاوامر عن طيب خاطر!
مشکلة العراق الاساسية ليست تکمن في تحرير الفلوجة أو الموصل أو طرد داعش من العراق و القضاء عليه رغم الاهمية الکبيرة لذلك، وانما تکمن المشکلة الاساسية في تحرير العراق من المد الطائفي و الذي نعتقد بأن جذوره الاساسية ترتبط بالنفوذ الايراني و تتغذى منه، ومن دون إنهاء هذا النفوذ، فإن الظلال السوداء للطائفية تبقى مخيمة على العراق و مهددة لأمنه و إستقراره.