القيادة من ضرورات تواصل الحياة وتقدمها , والجموع مرهونة بطبيعة قياداتها ونوعها , فهي الرأس الذي يوظف البدن المجتمعي , وينظم تحركاته وتفاعلاته والتعبير عما فيه من إمكانات.
وبعض القيادات تدوسها أقدام الحياة , فتسحق مجتمعاتها , وتجلب لها الويلات والتداعيات , والقيادات المقصودة ليست سياسية وحسب , وإنما كافة أنواع القيادات القائمة في ميادين الحياة.
وأقدام الحياة هي الإستسلام والخنوع لإرادة الضياع والقنوط والعجز , والركون إلى زوايا الإنكماش والضمور والخواء.
وتساهم في زيادة حكم وثقل أقدام الحياة , المشاعر والرؤى السلبية العاصفة برؤوس قادتها.
وعندما تقترب من القيادات المعرفية العلمية والأدبية والفكرية والفلسفية , تجدها غاطسة في اليأس والتشاؤم والإبلاس , وتحلق في فضاءات سوداوية لا تسمح برؤية الألوان , وتتخذ من القعود والخمود منهجا , ومن التبرير والإسقاط مذهبا.
ولا تجد فيها طاقة صيرورة وثابة , وإرادة حياة لهابة.
وهذه الحالة القنوطية تنعكس على الواقع المجتمعي , وتكبله بأصفاد الإنهيارات والتداعيات المتعاقبة.
وفي بعض مجتمعات الأمة , تجد هذه العوامل شديدة التأثير , ومدمرة لواقعها الجمعي , ومصادرة لمصالحها ولاغية لأهدافها.
وتبدو قياداتها المعرفية مرتهنة بدوائر مفرغة من الإخمال والإهمال وعدم الإعمال العقلي , والنزوع إلى ما هو ديني , وتسويقي لما لا يجوز القبول به.
مما تسبب بديمومة الوهن الحضاري , وتعميق الهوة بين مجتمعات الأمة وغيرها , وإقناع المواطن بأنه غير منتج , وعليه أن يكون مستهلكا وعالة على الآخرين من حوله.
فالأمة تتطفل على غيرها من الأمم لتبقى , والنفط يمدها بسلوك التطفل المرير , وهو يمضي في طريق الأفول القريب , لأن القرن الحادي والعشرين , إمتلك ناصية إبتكار ما يريد وبسرعة مذهلة , وفيه ستصبح الشمس وأخواتها طاقة الحياة وليس النفط وأقاربه وحسب.
فهل للقيادات أن تعي إرادة عصرها , وجوهر أمتها , لكي تحقق للأجيال منطلقات معبرة عن ذاتها الحضارية الأصيلة!!