الساحة السياسية العراقية تشعرنا دوما بالغثيان, نتيجة السلوك السياسي الغريب, الذي يمارسه اغلب الموجودين فيها, ومن اغرب ما حصل أخيرا هي قصة استجواب وزير الدفاع, الاستجواب الذي ارتد تأثيره بعنف على تحالف القوى السنية, نتيجة الاتهامات العلنية التي أطلقها ألعبيدي بحق رئيس البرلمان وآخرون, فأسرع قادة تحالف القوى للاجتماع مع القادة السنة المبرزين ( النجيفي والمطلك), بغية حلحلة الأمور وعبور الأزمة, التي تعصف بقيادات الأحزاب السنية في العراق.
فكانت خطوات أربعة متسلسلة عملوا بجد واجتهاد على تنفيذها, للخروج من المأزق, حتى الوصول إلى بر الأمان.
الخطوة الأولى: عملية تحسين السمعة, حيث قام تحالف القوى بالطلب من السفير الأمريكي في بغداد, إلى إبلاغ حكومته والمجموعة الدولية بان وجود فاسدين في تحالف القوى لا ينال من سمعته, في تصرف يوضح اهتمام القوى السنية بالسفارة الأمريكية, نتيجة إدراكهم مدى تأثيرها في القرار العراقي, فكان الإسراع نحو السفير الأمريكي ليكون جزء من الحل في أزمتهم الأخيرة.
ويبدو أن قنبلة ألعبيدي قد أثرت على سمعة تحالف القوى السنية, فكانت خطوتهم الأولى إزالة عار الفضيحة عبر تطمين السفير الأمريكي, حيث يبدو أنهم يشعرون بالخجل والحرج من فضيحة البرلمان, لذا توجهت جهودهم إلى ترميم البيت السني, وإزالة اثأر العار بالوسائل الممكنة.
الخطوة الثانية: الترويج من جديد لتحالف القوى, حيث عمد تحالف القوى إلى محاولة ألإثبات لواشنطن والمجتمع الدولي بأنهم مازالوا قوة مؤثرة, ولن تهزها فضيحة اتهامات وزير الدفاع, وانه يمكن اعتبارهم هم الحصان السني الرابح في العملية السياسية, ولكي تدرك واشنطن أهمية التعامل مع تحالف القوى, فإعلان تحالف القوى عن رفضه مشاركة الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل المرتقبة, كنوع من التزلف ومبادرة حسن نية لواشنطن, حتى لو كان على حساب المصلحة الوطنية وقضية أتمام التحرير, فغير مهم أن يسيء لمشاعر الأغلبية العراقية ما دام يحقق رضا واشنطن.
الخطوة الثالثة: أعادة الروح لكيان يموت, حيث يمر تحالف القوى باسوا أيامه, حيث أن جماهيره ساخطة عليه, فهي تعيش النزوح من مناطقها, الذي يمثل ضريبة احتضان المناطق السنية لقيادات ورجال تنظيم القاعدة وداعش, وهذا الاحتضان كان نوع من الفعل السياسي, والذي أنتج مصيبة لأهالي المناطق السنية, فكانت مصيبة النزوح نتيجة الأداء السياسي السيئ للساسة السنة.
ألان الجماهير السنية تبحث عن بديل سياسي عن نخبة سياسية سنية سيئة, لم تحقق طموحات الناس, مع فسادها بعد افتضاح أمرها على لسان ألعبيدي, بل إن الجماهير السنية ألان تجد في العسكري القوي الذي فضح الفاسدين, خير بديل عن الفاسدين المتخاذلين, مما اثأر مخاوف نخبة أهل السنة السياسية من وزير الدفاع ألعبيدي.
الخطوة الرابعة: التحرك نحو القضاء العراقي, لعبور أزمة الاتهامات, والوصول لحلول قانونية تعبر بهم للضفة الأخرى, فكانت أول بادرة نجاح لجهودهم, هو إعلان القضاء العراقي تبرئة الجبوري! في أسرع محاكمة في تاريخ العراق, مما أثار تندر الشارع العراقي, وشكك الجماهير في السلطة القضائية, حيث كان الأهم عند النخبة السياسية السنية عملية غسل العار, ثم الانطلاق لأداء دورهم المعطل للحياة السياسية, كما هو منذ حدوث التغيير.
قال احد الأدباء (( والمحزن دائما أن الأقرباء هم أكثر من يتمنى فشلنا, لكي لا يشعروا بالنقص)).