أبرز المتغيرات التي أفرزها الوضع السياسي في البلاد في السنوات الماضية هو أن الأحزاب الشيعية والتي كان من الصعب التفكير باحتمالية تفككها ، أصبحت اليوم مشتتة ومنقسمة حالها حال باقي الكتل ، وأبرز هذه المتغيرات هو الزيارة التي قام بها الصدر إلى الحكيم في مقر أقامته بالنجف الاشرف ، حيث تشير المصادر أن اللقاء انتهى بمجموعة من التوافقات المهمة بين الطرفين ، يمكن أن تفرز تحالفاً مستقبلياً مما يجعلنا أمام متغيرات كثيرة على مجمل التحالفات القادمة ، حيث تشير أغلب التحليلات أن مثل هذا التحالف يمكن به أن يحقق التوازن في داخل البيت الشيعي ، إذ يمكن لهذا التحالف أن يكون كمقدمة لتفاهمات في المحافظات والمركز ، حيث كانت هذه التفاهمات سبباَ في حصول الحكيم والصدر على البصرة وبغداد ، وأن يكون لهما توجهاً لتشكيل الحكومة الوطنية ، هذا أن تحقق للسيد العبادي الفرصة في الالتحاق بهم .
هناك عوامل مهمة تجعل من هذا التحالف أن يكون قريباً من أحداث تغيير جوهري في مجمل العملية السياسية خصوصاً وأن ذلك سيؤثر بالتأكيد على تحالف العبادي مع الحشد ( الفتح + النصر ) وعلى الرغم من حصول الأخير على العدد المريح في البرلمان القادم ، إلا أن مثل هذا التحالف يمكن لآي أمر مفاجأ أن يغير قواعد اللعبة السياسية ، خصوصاً وأن الحكيم يتمتع بعلاقات مميزة مع السنة والأكراد ، وهذا الأمر ينطبق مع الصدر إلى حد ما ، مما يجعل هذا التحالف مهم خلال المرحلة القادمة إذا ما تم الأمر بسلاسة ودون أي تعقيد بين الطرفين .
السيد العبادي بدا وخلال خطوته الأولى في التحالفات مطمئناً لموقعه لذلك بدأ بوضع شروط مسبقّة ، خصوصاً مع حليفه الجديد (تيار الحكمة ) من قائمة الشركاء ، ليضع شروطاً وصفها المحللون بالتعجيزية ، وهي رسالة للحكمة ( انك غير مرغوب بك ) الأمر الذي جعل الأخير ينسحب ، حيث وصف المحللون هذا الانسحاب (بالانتحار السياسي ) ولكن من ينظر إلى هذا الأمر من جانبه الآخر يجد أن الحكيم وعلى ضوء فترة وجوده السياسي ، كان محافظاً على حجم وعديد جمهوره ،وربما حصل هناك تراجع خلال فترة ما ، إذ ذهبت أصواته إلى شركائه في التحالف الوطني ، مع حصول فراغ سياسي جعله يتراجع بين الجمهور ، إلا أن مجمل الوضع يبدو لا خسارة فيه ، وأن التيار الشبابي الجديد الذي دخل اللعبة السياسية بأسم ( الحكمة ) لا يبدو أن مستميت على ثقل وجوده السياسي حالياً ، بقدر ما يسعى إلى بناء قاعدته الجماهيرية لخوض الاستحقاق القادم ، ألا وهو الانتخابات المحلية ، والتي يعدها الجميع تمثل خطوة مهمة في تغيير الخارطة السياسية في المحافظات ، وبما يحقق التوازن في القوى السياسية الشيعية .
الأمر المهم الذي ينبغي الالتفات له في هذه التحالفات ، هو ضمان حفظ صوت الناخب ، وعدم ضياع الأصوات هنا أو هناك ، خصوصاً وان الجميع يعلم أن الانتخابات السابقة كان ارتفاع أصوات الصدريين على حساب أصوات المجلس الأعلى الإسلامي (سابقاً ) وهذا الأمر يجعل الطرفين أمام اختبار صعب في الحفاظ على أصواته من الضياع لهذا الطرف أو تلك ، كما ينبغي على القوى الشيعية الانتباه على الحفاظ على الغالبية في البرلمان ، لان الوضع الداخلي الشيعي لا يبدو مريحاً للناظر ، خصوصاً مع رفض المرجعية الدينية لهولاء الساسة ، وضرورة الاستعداد لتغير الوجود الفاسدة ، وربما تذهب الغالبية السياسية للشيعة ، خصوصاً مع الأخبار السياسية التي أكدت على وجود تفاهم بين علاوي والبارزاني يمكن له أن يعيد الأمور إلى توازنها السياسي وبما يحقق الأغلبية السياسية في البرلمان القادم .