23 ديسمبر، 2024 5:55 ص

تجليات افول نجم الهيمنة الأمريكية

تجليات افول نجم الهيمنة الأمريكية

لاشك أن الولايات المتحدة الأمريكية، ما زالت، هي القوة العظمى الوحيدة في عالم، واللاعب الأساسي، المهيمن على صنع القرار، في الساحة الدولية، في عالم اليوم ، نتيجة تفوقها العسكري، والاقتصادي، والتكنولوجي.

إلا أن النهج العدواني للسياسة الأمريكية، وتدخلها السافر في شؤون الآخرين، وتكرار فشلها في العديد من حروبها المعاصرة، يعتبر من ابرز تجليات تخبطها، مثلما أعلنت، ان احتلالها للعراق في عام ٢٠٠٣، كان اكبر خطأ استراتيجي ترتكبه في تاريخها، الامر الذي هز مصداقيتها، أمام الشعوب، وطعن معايير أخلاقيات تعاملها مع الدول، في الصميم،خاصة وأن الاحتلال تم بذرائع مفبركة، ثبت أنها كانت تستند على معلومات كاذبة.

ويقينا فان تلك الحروب العبثية ، وما تبعتها من الفوضى، وتدمير البنى التحتية للبلدان التي احتلتها، او غزتها، وانتشار الفقر، والبطالة،وانهيار الاقتصادات الوطنية، وتحول السكان الآمنين، إلى نازحين، ومهجرين، داخل، وخارج اوطانهم، المنكوبة بغطرسة الهيمنة الأمريكية ، وتصاعد كراهية الشعوب، للنهج العدواني الأمريكي، تعتبر من ابرز تجليات أفول نجم الهيمنة الأمريكية .

وتجدر الإشارة إلى أن من تداعيات تلك السياسة العدوانية، هو الازمة الاقتصادية الخانقة في الغرب عامة، وفي امريكا بشكل خاص. فقد تفاقمت الديون الأمريكية، بسبب ارتفاع تكاليف الحروب ، في حين ارتفعت البطالة بين أوساط الايدي العاملة،الأمر الذي أرهق الاقتصاد الأمريكي بشكل ملحوظ، ناهيك عن انهيار معنويات الجنود الأمريكان، في العراق، وافغانستان، في مقابل تصاعد الوعي الشعبي التحرري العام، في عموم الشرق الاوسط، ومناطق الصراع الأخرى من العالم.

وفي ظل مثل تلك التداعيات، فإن الظروف الموضوعية المحيطة بعظمة الهيمنة الأمريكية عموماً، تبشر بنهضة حركات التحرر العالمية ، وتصاعد كراهية الشعوب للنهج العدواني للسياسة الأمريكية، وصعود نجم أقطاب جديدة ، ورفض التدخل في شؤون الدول الأخرى، تحت ذريعة حقوق الإنسان، ونشر القيم الديمقراطية، وعولمة الثقافة الأمريكية، القائمة على الربح، والابتزاز، وتحقيق المصالح الأمريكية المباشرة، في إطار سياسة الفوضى الخلاقة، وما ترتب عليها من آثار كارثية، شوهت صورة نموذج العولمة الأمريكي.

ولذلك فإن كل الدلائل، والمؤشرات، تشير بوضوح، إلى خفوت بريق عصر الهيمنة الأمريكية، وبداية افول نجم امبراطوريتها، حيث يلاحظ أن الكثير من الكتاب، والنقاد، والمختصين، باتوا يؤكدون، ان الهيمنة الأمريكية، اخذت تتدرحج على السفح الآخر من قمة التفرد، نحو هاوية السقوط الحتمي، شأنها شأن الامبراطوريات التي سبقتها، حيث سادت ردحا من الزمن ، ثم بظلمها بادت.