18 ديسمبر، 2024 10:17 م

تجري الرياح بما لاتشتهي السفن وفيها ربان لاعلم ولافهم ويثقب فيها

تجري الرياح بما لاتشتهي السفن وفيها ربان لاعلم ولافهم ويثقب فيها

في الوقت الذي ينعم فيه العالم بموهبة الكفاءات ومؤسسات المجتمع المدني.لا زلنا في العراق نئن تحت سياط ما يشبه حكم الاقطاع، واوامر شيوخ القبيلة او ابن فلان و ….والذي تسبب بشكل او باخر بالوضع الماساوي الذي يعيشه العراق، على الاقل في الوقت الراهن.هذه الحالة المرضية، تكاد تتجسد بشكل عملي في الحياة اليومية للمجتمع العراقي بثلاث صور.١
– الصورة الاولى، المباشرة.حيث يرث الابن السلطة عن ابيه مباشرة، وحسبنا في ذلك :
# عمار الحكيم، ابن عبدالعزيز السيد محسن الحكيم.الذي ورث رئاسة المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عن ابيه عبدالعزيز الحكيم، والذي ورثه بدوره عن اخيه الاكبر محمد باقر الحكيم، وكانها شركة اهلية تابعة لآل الحكيم.
# مقتدى الصدر، الابن الرابع للزعيم الشيعي محمد محمد صادق الصدر.الذي ورث ولاء مقلدي ابيه ومؤيديه، ليتزعم التيار الصدري.
# قباد جلال طالباني، الابن الثاني للامين العام للاتحاد الوطني الكوردستاني جلال طالباني.الذي يشغل منصب نائب رئيس حكومة اقليم كوردستان.
# مسرور بارزاني، الابن الاكبر لرئيس حكومة اقليم كوردستان مسعود بارزاني.الذي يتراس اهم واعلى جهاز امني في الاقليم وهو جهاز حماية الاقليم = الآسايش او باراستن
٢- الصورة الثانية، المباشرة ولكن من الدرجة الثانية.وذلك حين تجتمع مفاصل صنع القرار بيد مجموعة من افراد عائلة واحدة. وحسبنا في ذلك عائلة العلاق والمالكي والحكيم و… في حكومات ما بعد السقوط في بغداد، وعائلة البارزاني وطالبان و … في اقليم كوردستان.
٣- الصورة الثالثة، غير المباشرة.وذلك حين تقع ملايين الدولارات – بحكم الفساد الاداري المستشري في كل مفاصل الحكومة العراقية الحالية – بيد ابناء المسؤولين تحت مسميات من قبيل العقود والصفقات التجارية والشركات الوهمية و …. سواء داخل العراق او خارجه، مستغلين بذلك مناصب ذويهم.
ليتحكموا بقوة تلك الاموال بابناء الشعب العراقي المغلوب على امره، انطلاقا من ان : من يملك الخبز يملك القرار .والامثلة على هذا الصنف من مصاصي دماء الشعب العراقي لا تعد ولا تحصى.وحسبنا في ذلك ابناء طاقم الرئاسات الثلاث للحكومات العراقية المتعاقبة اثناء فترة ما بعد السقوط ٢٠٠٣ والى اليوم.حيث ياتي في مقدمة هؤلاء المجرمين اللصوص، ذريات البرلمانيين العراقيين، الذين اثبتوا وبجدارة انهم حقا : شر خلف لشر سلف.ختاما وختامه مسك.
فالذي لا شك فيه ان مثل هذه المقارنات – والتي هي غيض من فيض – ما كانت لتطفو على السطح، لولا غلبة لون الطبقية والظلم على لون العدل والمساواة بين افراد الشعب العراقي من اقصاه الى اقصاه. يقول تشارلز داروين صاحب نظرية التطور المعروفة : لا يمكن لجمهورية ان تنجح، الا حتى تحتوي مجموعة معينة من الاشخاص المتشربين لمبادئ العدل والشرف ………..
الاصنام على مر العصور-جاء النبي العربي محمد(صلوات الله عليه) ليخرج الناس من الظلمات إلى النور و يعتقهم من عبادة و تقديس الاصنام و الاوثان و الطواغيت , و لكن لم يفتأ العرب بعده و العجم باتخاذ أشكال مختلفة من التقديس الاعمى و الشرك مع أشخاص و أفكار و جماعات و غيرها و لا يختلف كثير مقدس الوثن الجامد و مقدس الاشخاص أو الاراء الباطلة أو الجماعات المضلة فجميهم منساقون الى تقديس باطل , و كما أن الامر عندما يتعلق بالقرآن و دين الاسلام الحنيف فيجب أن تكون الامور على مستوى الحق فمن ينجر وراء آراء بغير دليل و لا برهان بعد دراسة و تمحيص فإنه منجر وراء صنم ما و لا ترى الا ان الكثيرين قد انبرو من كل حدب و صوب ينسلون مدافعون مهاجمون مفترسون كل من يطول اصنامهم بسوء , ولاء أعمى و عصبية قبلية و رب وثن لك لم تلده أمك إذا ما انبرو ليدافعو عن اباطيلهم بالفكر و الحجة لوجدت افكاراُ و حججا مصابة بمختلف الانواع من العاهات و العلل و لا توصف الا لمرضى.
فثمة صيغ وكلمات أخرى توالت لإظهار الحكومة بمظهر لائق والتي تلتقي عند معنى واحد، وهي (الترضية) و(التوازن) و(التفاهم) وحتى (الترقيع) في نقد بعضهم للحكومة، وذلك وسط تكاثر الوزارات والعناوين الوظيفية بشكل غير مسبوق فلأول مرة نجد في تاريخ العراق (45) وزارة، وإذا كانت وزارات عدة في الحكومة السابقة وربما كلها، اتهم وزراؤها بالسرقة والفساد، فلا يتوقع أحد أن يكون الوزراء الجدد بأنزه من سابقيهم بل سيبرزونهم لصوصية وسنرى، وكلما أمعن الفكر في الرقم (40) + 100 تذكر فلمي (علي بابا والأربعين حرامي) و(حرامي بغداد) الذين تتوارى حراميتهم خجلة أمام سرقات كبار المسؤولين في العراق (الجديد) والتي بلغت أكثر من مليار دولار في العام الماضي، وما زال مؤشر الرشوة والسرقة في ارتفاع. هنا يكمن سر الصراع على المناصب الوزارية والمقاعد البرلمانية وغيرهما من المناصب الرفيعة التي تدر بأموال قارون للفائزين بها، والسباق إليها خلل تقبيل اللحى والأيدي والأكتاف، ليس بين الكتل فحسب، إنما داخل الكتلة الواحدة أيضاً، في حين تشكل رواتب الوزراء وكبار المسؤولين والبرلمانيين السرقة الأضخم وفي إطار من الشرعية تليق بمقامهم رغم عدم ارتقائها إلى الميزانيات المرصودة للرئاسات الثلاث، فبحسب النائب (جواد البزوني) أن ميزانياتها تفوق ميزانية خمس وزارات خدمية.ترى هل نصت الديمقراطية في البلدان المتقدمة على تقاسم السلطات عمودياً وأفقياً كما هو الحالة العراقية؟. فما يسفر عن الانتخابات في تلك البلدان تغيير وزراء لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد الواحدة وتبقى الهيكلية الإدارية كما هي دون المساس بها اللهم إلا لأغراض فنية وما شابهها، فلماذا غابت هذه الحقيقة عن القادة العراقيين؟. أليس ما يحصل الآن من استحداث لمؤسسات كمجلس الاستراتيجيات والكم الكبير من الوزارات مخالفاً للعقل والمنطق والحكمة؟إن عاجلاً أو آجلاً، وربما الآن ستحل كلمات (تائية) إن جاز القول محل المتداولة، وهي (التآمر) و(التناحر) و(التناطح) و(التصادم) و(التراشق) و(التنابذ) و(التقاطع) و(التدافع) و(التنافس) غير الشريف طبعاً… الخ، دون أن يتوطد الأمن أو الاستقرار أو يقضى على الفساد. ويظل الشعب المغلوب على أمره يتضور جوعاً يشد الأحزمة على البطون بقوة أشد، ولسان حاله عن المسؤولين الجدد القدامى أنهم (شر خلف لشر سلف)..
جاء سقوط لنظام الديكتاتوري في العراق ليطوي صفحة سوداء من تاريخ العراق بكل ماتحمله من ظلم وبطش ودمار وقتل وطائفية واضطهاد ولتعطي درسا للطغاة الاخرين أنهم وان طال الزمن فإن مصيرهم الى زوال سواء كان ذلك على يد أسيادهم من المحتلين الغزاة كما حصل في العراق أو على يد شعوبهم كما حصل في تونس الخضراء ومصر وليبيا؟؟؟ومن جانب آخر فإن سقوط الطواغيت لابد أن يعطي فرصة للشعوب لمراجعة مواقفها وعدم الوقوع في الخديعة مرة أخرى كما حصل لشعب العراق الجريح الذي أبتلي بالطواغيت على مر العصور فما أن تخلص من أعتى طاغوت في المنطقة حتى أبتلي بالاحتلال والساسة العملاء الذين جاءوا على دباباته ليكونوا يد ورجل ولسان المحتل الغاشم وبالطبع فإنهم لم يقصروا في رد الجميل له فراحوا يمكرون بما أوتوا من دهاء على خديعة هذا الشعب المسكين من أن المحتل جاء لخلاصهم وإعطائهم الحرية والديمقراطية التي يحلمون بها؟؟؟لقد رفعت أمريكا الاحتلال وساستها العملاء شعار الديمقراطية لخداع هذا الشعب المسكين وانطلت اللعبة خاصة وأن المحتل وأذنابة قد وجدوا في علماء الدين الاعراقيين الورقة الرابحة التي يلعبون بها جيدا فحصلوا من خلاله على شرعية وجودهم وبقائهم في العراق بل وضمان سكوت الجماهير الشعبية مادام بقاء هؤلاء العلاماء صامتين في نظرهم وهو عين ماتوصل اليه ساستهم وخاصة برايمر الذي حكم العراق لمدة عام؟؟وكان ثمن سكوت الجماهير بخسا وهو الحرية في ممارسة الطقوس الدينية السلمية التي لاتهز عرش الطواغيت ولاتقلق نومهم واصبح شعار الكثير ممن يدعي الولاء لاهل البيت (عليهم السلام) هو( المهم عندنا أن نمشي ونلطم على الحسين ونقيم الشعائر والطبخ والنفخ )؟؟؟؟ونسيت هذه الجماهير القضية الاساسية التي خرج من أجلها الحسين(عليه السلام) وهي الاصلاح في أمة جده(صلى الله عليه واله وسلم) والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وأصبحنا اليوم لانأمر بمعروف ولاننهى عن منكر …فما الذي تعلمناه من الحسين وكربلاء وعاشوراء؟؟؟ لقد تعلم من مدرسة الحسين (عليه السلام) من هو بعيد عن الحسين(عليه السلام) دينا ومذهبا ولغة وفجر الثورات وطرد المحتلين فما بالنا نحن أبناء الحسين وأحبائه كما ندعي يتربع المحتل على صدرونا ويمتص خيراتنا ولانحرك يدا ولارجلا ولاينطلق لساننا فقط نطبق ما يلقلق به خطباء منابرنا الذين جعلوا الحسين(عليه السلام) وثورته وأهدافه حبيسة هذه الطقوس التي لاتخيف الطغاة ولاتضرهم ولاتعجل برحيل المحتلين ولاتسقط حكوماتهم العميلة الخائنة التي كانت شر خلف لشر سلف؟؟؟ قالت الكذّابة فتيحة حرفوش : ” داعش فعلت ما فعله الفاتحين بالضبط من قتل وسبي وسلب واحتلال بلاد الناس باسم الدين”.وقال الشيخ البشير الإبراهيمي : “وكذب وفجر من يسمي الفتح الإسلامي استعمارا، وإنما هو راحة الهم الناصب، ورحمة من العذاب الواصب، وإنصاف للبربر من الجور الروماني البغيض”.وقال الفيلسوف العظيم غوستاف لوبون : “لم يعرف التاريخ فاتحا أرحم من العرب”وعَقَّب عليه الإمام عبد الحميد بن باديس بقوله : “نعم لأنهم فتحوا فتح هداية لا فتح استعمار، وجاءوا دعاة سعادة لا طغاة استعباد”.
عندما أرسل الله عز وجل الرسل كان يعلم أنهم سوف يواجهون أنصار الدعوة للباطل وأن أنصار الشيطان سوف يقفون أمام الحق لانه يتعارض مع مصالحهم الدنيوية و مكانتهم الأجتماعية فيركنون للقوة العسكرية و السلطوية بسبب ضعف حجة الباطل أمام الحق كما يستخدمون السلاح أعلامي لأبعاد الناس عن أنصار الحق وهذا السلاح له حدين وهما :-
1/ استخدام سلاح التسقيط الشخصي للمنتصرين للمستضعفين ووسمهم بصفات عدة ومنها أتهامهم بالجنون .
2/ استخدام سلاح التكذيب فكلما جاء نبي كذبه قومه كي يعرض الناس عنه .
وقد أستخدم أنصار الباطل السباحين في يومنا هذا سيرا على نهج أسلافهم في حربهم على الحق وبدل ان يواجهوا الحجة بالحجة يتبعون أسلوب التسقيط الشخصي و أسلوب التكذيب , وكان هذا واضح في المناظرة على المستقلة حيث أن الوهابية كانوا يشتعون بالتيجاني و النجدي وكأنها ساحة صراع شخصي كما استخدموا أسلوب التكذيب وحتى لما ورد في كتبهم وصححوه .