اغلب عمليات القتل والتعذيب والاختطاف في العراق ناتجة عن تبني المشروع الطائفي بشقيه الرسمي والارهابي الراديكالي . ومن فئات تعتاش على الانقسامات الطائفية والأيديولوجيات الإقصائية التي تعصف بالبلد .
والاكثر من هذا وذاك ان الدولة تسير باتجاه معاملة مواطنيها على أساس خلفيتهم الطائفية في مختلف مجالات الحياة ، ولا ادل على ذلك من قرار السيد رئيس الوزراء بحذف حقل الطائفة من استمارات التقديم للكليات العسكرية والامنية .
وهناك انتهاكات يومية لحقوق الإنسان الأساسية والحريات الشخصية والمساواة نتيجة خطابات الكراهية ونبذ الآخر .
وهذه الممارسات اللانسانية تعد من اكثر السمات المثيرة للقلق تجاه مستقبل المواطن العراقي والاجيال الجديدة ، وتعرض الوطن لخطر التقسيم الطائفي .
وما تعرض فئات وطوائف مهمة لعنف غير مبرر وتهجير مستمر ، الا واحدة من مخرجات الخطاب الطائفي . فلم تسلم اي طائفة في العراق من التهجير القسري .
فالطائفية سلاح ذو حدين ، لايمكن ان يخدم طائفة بعينها ضد طائفة اخرى ، وواهم جدا من يعتقد خلاف ذلك .
وليس في الامكان النهوض بالمجتمع المدني و الديموقراطية الحقة الا بالتماسك الاجتماعي . وهذا لايمنع من حرية المعتقد وممارسة الطقوس الدينية ، بشرط عدم استلاب حرية الآخرين في ممارسة حقوقهم ايضا .
ومن هنا ظهرت الحاجة الى سن تشريعات خاصة بتحريم وتجريم الطائفية . وتتعالى الاصوات يوما بعد يوم لاقرار مثل هذه التشريعات .
ان المعتقدات الدينية كافة تستحق الاحترام ، لكن الجماعات المسلحة والميليشيات تنتهك قوانين البلد باسم الدين والطائفة ، وترتكب جرائم خطيرة مما يتوجب القضاء عليها ، ومعاقبة المنتمين اليها بشدة . .
ان قطاعات كثيرة من الشعب العراقي ترفض التطرف والتعصب الطائفي من اي جهة كانت ، الا ان العنف المفرط وانتشار السلاح خارج الدولة جعل كثير من الناس خاضعين لسطوة الفكر الطائفي خوفا وهلعا .
ومازال الخطاب الطائفي المستمر يؤدي الى زعزعة الاستقرار النفسي للمواطن ، ويعد الدافع الاول لانخفاض التفكير المنطقي ، والانحراف عن السلوك الاخلاقي والحضاري المتعارف عليه .
تستخدم التنظيمات والكتل الطائفية رموزا وشخصيات دينية تاريخية لإخفاء أهدافها النفعية والتسلطية ، وتسخير التابعين لها لارتكاب ابشع الأعمال الاجرامية من قتل واختطاف وتعذيب .
من هذا المنظور ، يجب التركيز على الطبيعة الخبيثة للتوجهات الطائفية التي تقطع الصلة بكل ماهو طبيعي من قيم المجتمع ، وروح التسامح .
أن التعصب والكراهية الدينية لا مكان لهما في العراق ، حيث يتعايش مواطنيه بود وسلام على اختلاف اديانهم وطوائفهم . وان غالبية العراقيين يؤيدون اتخاذ إجراءات صارمة لمعالجة هذه المعضلة .
وقد اصبحت الحاجة ملحة لسن تشريعات خاصة لمكافحة الافكار الطائفية الخطيرة بشكل أكثر فاعلية .
ولذلك فان مشروع قانون تجريم الطائفية يجب ان يقدم الى البرلمان باسرع وقت ، ويعد من الاولويات المهمة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق لوقف العنف والعنف المضاد . والقضاء على الانفلات الامني الذي تسبب في انتشار المافيات والعصابات المسلحة ، وتفشي الفساد السياسي والاداري الذي جعل من العراق دولة فاشلة .
ان تشريع قانون تحريم وتجريم الطائفية ، سيحقق الوحدة الوطنية للشعب العراقي ويقضي على اي شعور بالتمييز والاضطهاد ، ويعد الركيزة الاساسية للمشاركة الشعبية الفاعلة وترسيخ النهج الديمقراطي لدى المواطن بعيدا عن تزييف ارادة الشعب من خلال دعوات دينية وطائفية مضللة تهدد السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية ، وبذلك تتعزز روح المواطنة وقيم الانتماء للوطن .