23 ديسمبر، 2024 4:32 ص

تجربة الحشد الشعبي -في ظل الأصطفافات الطائفية

تجربة الحشد الشعبي -في ظل الأصطفافات الطائفية

ان الشعوب الحية ذات العمق التاريخي الحافل بالانجازات  والتي تمتلك من الإرث التاريخي  الحضاري والانساني والعقائدي لايمكن لها ان تستكين وترضخ للاحتلال او الدواعش الذين يريدوا ان يعبثوا في الارض فسادا وقتلا وعدوانا … فمقاتلي الحشد الشعبي مزجوا بين البطولة والإنسانية باروع صور التلاحم فيدهم التي تضرب بقوة وتبطش بالدواعش هي نفسها التي تعانق وتداوي وتطعم ابناء تلك المناطق ممن استجاروا باخوتهم من ظلم داعش. وقتله وبطشه ،
ان الانتصارات الكبيرة التي يسطرها رجال الحشد الشعبي وابناء العشائر ستكتب تاريخ أمني وعسكري جديد للعراق بحاجة الى ان نكمل سطوره ونديم زخمه عبر الخطاب الوطني والتلاحم السياسي لكل الكتل المساهمة في العملية السياسية والحكومة والارتقاء لمستوى الدماء والتضحيات التي يقدمها ابناء هذا الشعب من اجل الوطن وتتطلب من البرلمان واعضاءه والحكومة ووزرائها ان يكونوا على قدر المسؤولية ويعيدوا صياغة مفرداتهم بما يتلاءم والمرحلة الجديدة من تاريخ العراق . وبما ينسجم مع المفاهيم الوطنية والاخلاقية  بعيدا عن اي تخندق واصطفاف فئوي وطائفي  لا يخدم  العراق وشعبه واصوله وتاريخه وعمقه  في التلاحم الوطني والمصيري
ان مصطلح الحشد الشعبي تحت رعاية المرجعية الرشيدة، وقوات سرايا السلام التي دعا الى تشكيل نواتها الأولى سماحة السيد القائد مقتدى الصدر لحماية المقدسات على اثر توغل العدو التكفيري داعش  ارض العراق وسيطرته على بعض المدن في شمال وغرب العراق فأن  مصطلح الحشد ، والذي كانت ولادته ولادة مبكرة  رغم حداثة التجربة وسرعة التشكيل  والاستجابة السريعة من قبل ابناء الشعب العراقي لفتوى المرجعية بالجهاد الكفائي وتوجه المواطنين المؤمنين لجبهات القتال وردع العدو الداعشي التكفيري وصد زحفه نحو مدن اخرى  وبالرغم من انضمام بعض لافراد والجماعات الصغيرة الغير منضبطة في هذا التشكيل الا انه تمت معالجة مثل هذه الخروقات من قبل قيادات الحشد بعد اكتمال الجوانب الادارية والتنظيمية  والرقابية افراد قوات الحشد ومحاسبة  اي فرد يخالف القوانين والتوجيهات الصادرة من قبل المرجعية وقيادات الحشد ومتابعة سير واعمال وانضباط واجبات الحشد الشعبي  في ظل المعارك التي خاضها منتصرا والسيطرة على المناطق المحررة .وقد ارتبطت هيئة الحشد الشعبي بالقيادة العامة للقوات المسلحة وانبثقت منها التشكيلات والفصائل النظامية  والمهيئة على مقاتلة العدو وفق استراتيحيات حرب المدن والشوارع والتي كان لدى اغلب افراد الحشد  الخبرة والمعلومات في هذا المجال كون افرادها الاغلب ممن كانوا يقارعون قوات الاحتلال الاميركي ابان فترة غزوه للعراق  وتعد تجربة الحشد الشعبي  تجربة رائدة ووطنية وخصوصا ضمت ضمن تشكيلاتها طوائف متعددة لاكتمال جانيها الوطني وعدم اتاحة الفرصة والمجال للاعلام المعادي بايجاد ذريعة للنيل من وطنية الحشد الشعبي والذي كان  هدفه تحرير مناطق العراق من الزمر التكفيرية تحت راية وطنية في ظل التحديات الخطيرة التي تشهدها المنطقة العربية وظاهرة التمدد الداعشي وفي  ظل  الاصطفافات والتحالفات العسكرية الدولية والداخلية التي تشهدها المنطقة  والتي كانت من الضرورات الحتمية تشكيل هذه القوات بعد حالة انكسار القوات العراقية  وانقسام وتدهور الوضع السياسي والامني في العراق
ودعوة تشكيل هذه القوات وتسميتها بالحشد الشعبي قد جاء مصطلحا وطنيا بناء على الدعوات الدينية والوطنية  والتي ساهمت بشكل فاعل ومباشر  لصد الغزو الداعشي في ظل تداعيات  خطيرة كانت تشهدها  المدن الساخنة نتيجة التظاهرات والخطابات الساخنة لمثيري الفتن الطائفية على المنابر والتي تعتبر الشرارة الاولى لانطلاقة داعش صوب العراق بعد ان وفرت له تلك الجماهير وتلك الاجندات بيئة مناسبة وظروف مواتية لدخول الدواعش ارض العراق وتدنيسها ظلما وفجورا  وعدوانا ..وقد هبت جحافل المؤمنين الملبين نداء الوطن والدين للدفاع عن الوطن والعرض والمقدسات بكل حماسة واندفاع وباعلى درجات التهيؤ والاستعداد للمواجهة .. بعد حالة انكسار القواات الامنية وانسحابها من تلك المناطق في ظروف واسباب غامضة ومريبة ورغم  كل التجاذبات السياسية والطائفية التي كانت ترافق نشوء الحشد الشعبي وتشكيلاته الاولى وما تعرض له من حملة تسقيطية من قبل بعض القوى السياسية الظلامية والدول الراعية للارهاب لاسقاط هيبة الحشد الشعبي امام انظار العالم وحملاتهم الدعائية الاعلامية المشوهة للحقائق والمزورة للوقائع في تشويه صورة الحشد الوطني في كل وسائل الاعلام المضلل المشبوه والمعادي..لكن المثير والجدير بالذكر ان التجربة الوطنية والاخلاقية والعسكرية للحشداثبتت بتجربتها الناضجة السامية من حيث اطارها العام عن البعد الاخلاقي والعسكري في عمليات التحرير واعانة النازحين ومساعدتهم وتوفير الخدمات والتعامل والانظباط العالي في تنفيذ الوصايا والتعليمات والارشادات العسكرية والدينية وبعيدة عن التقوقعات الطائفية وما كانت تثيره الوسائل الاعلامية المضللة  وبعض السياسيون المنتفعون واذنابهم الخونة من تصريحات واكاذيب لاضعاف دور الحشد الشعبي  وتصويره بالاوصاف التي لا يستحقها حسب  تصريحات تلك الألسن القذرة .. وكانت المراحل الاولى لتأسيسه منذ ان هبت قوافل المؤمنين تلبية لنداء المرجعية الرشيدة للدفاع عن الارض والمقدسات وتحريرها من براثن قوى الظلام حيث كانت تجربة متفردة في تاريخ حركات التحرر الوطني والاسلامي ومحاربة الإرهاب ودرس كبير في مواجهة الانهيار النفسي والهزيمة العسكرية التي تلقتها القوات العسكرية والامنية في المدن الفربية التي سقطت ضحية الارهاب الاعمى التكفيري ،وخطوة مهمة لتحرير الأرض وأسترجاع السيادة المسلوبة في تلك الاراضي المغتصبة وقد اثبتت قوات الحشد الشعبي قدرة الانتصار في المعركة وسرعة الحسم في المنازلة الكبرى ضد العدو التكفيري المدجج بالاسلحة الفتاكة والفكر الارهابي الخطير والدعم الخارجي الذي كان يتلقاه عسكريا ،وماليا، ولوجستيا، واعلاميا بالاضافة الى القدرات والخبرات التكتيكية ،والسوقية ،العسكرية التي يتمتع بها افراد التنظيم وتدريباتهم التقنية والميدانية وخبرتهم الطويلة في القتال واتقان فن الحرب والعصابات للقتال في حرب الشوارع والمدن وخصوصا كانت لهم خبرة مكتسبة في الحرب في الدول مثل افغانستان والعراق وسوريا …مقارنة بقوات الحشد العراقية المتواضعة بالتدريب والمعدات والقتال وخصوصا ان اغلب المتطوعين من فئات عمرية صغيرة او شيوخ  كبار في السن …لكن السؤال المطروح ما هو الدافع والمحرك المعنوي لدفع مثل هذه الفئات العمرية الى التطوع الى جبهات القتال ؟وسر انتصاراتهم الكبيرة وفي مناطق خطيرة ومسيطر عليها فلول الدواعش؟ مثل مناطق محافظة ديالى وجرف الصخر في بابل وامرلي الصمود وانتهاءا الى معارك التحرير في صلاح الدين وبيجي والفلوجة ومناطق اخرى عديدة؟والاستنتاج واضح ان تمعنا في الخلفية الفكرية والعقائدية والاخلاقية لتلك الفئات العمرية الا حدودة بمختلف الاعمارو الامكانيات المتوجهة الى ساحات المعارك لمقاتلة العدو الهمجي بكل قوة وعزيمة واصرار  لتببين لنا ان الخلفية الفكرية الناضجة والقاعدة الاخلاقية الشرعية لنشاة الحشد الشعبي تبنت العقيدة الصحيحة للدفاع عن شرف العراق والعراقيين دينيا واخلاقيا ووطنيا واسترجاع مدننا المغتصبة من قبضة اياديهم الاثمة وهذه الحقائق ما افرزته الطرق والاساليب الفكرية والوطنية والانسانية ابان المعارك وبعد عمليات التحرير المباركة والتي كان للمرجعية الرشيدة الدور الفعال في التوصيات والتوجيهات السديدة في التعامل مع المناطق المحررة وتامين طرق سلامة المواطنين وتوفير لهم الدعم والحماية وحث المقاتلين من خلال الدعم الميداني في الارشاد والتوعية الدينية والوطنية والثبات والاصرار على تحقيق الصمود والنصر في اصعب مرحلة انقسام وضعف كان يعاني منها المجتمع العراقي وتحديات المرحلة التي كانت تشهد انقساما اقليميا ودوليا
لقد قدمت تجربة الحشد الشعبي دروسا عظيمة في الصبر والنصر والشجاعة والتضحيات سيخلدها التاريخ اجيالا ويكتب عنها ملاحم اسطورية تبقى عالقة في وجدان واذهان الشعوب المتحررة وليبقى الحشد الشعبي وقوات سرايا السلام هو المعادلة الصعبة والرقم الوطني الذي لا يستهان به في معادلات المنطقة الاقليمية والدولية والذي اسقط الرهان الطائفي  بفعل سلوكه المنضبط وانتصاراته الباهرة وطرق ادارته  للمناطق المحررة واساليب  تعامله الانساني مع الاهالي والنازحين والذي اكسبته سمعة وتاريخا مشرفا في هذه  المرحلة والانعطافة التاريخية المهمة من تاريخ العراق والذي اثبت ولاءه وانتماءه  للوطن ولشعبه بكل طوائفه وتعددية اديانه وقومياته  لانه دافع عن  العراق بكل اطيافه  بماله ودمه وهذه  سمات ومنطلقات المقاتل الجهادي  المؤمن بقضيته وحربه العادلة  والتي انطلقت من مفاهيم اخلاقية ودينية  تسمو فوق كل الولاءات والانتماءات الطائفية  بل وافشلت المشاريع الطائفية الاخرى بمشروعها الوطني الكبير والذي خيب امال بعض الدول   التي كانت تبحث عن ايجاد مسوغ لها في البقاء والتمدد  وتجييش حركة المجتمع واقناع جمهورها بمشاريعها وتحالفاتها الطائفية ضد طرف محدد والتي تتبجح بعض الجهات الدولية بها وتتفاخر في تحالفاتها الطائفية واهدافها الطائفية  والقومية المقيتة  والتي باتت اليوم محسورة في اعلام حكوماتها وانظمتها  وجيوشها الخاصة بعد فشل مشروعها الطائفي الكبير في استقطاب حركة الراي العام و ايجاد تحالف طائفي دولي كبير لمواجهة اطراف محددة   وان ما يجري اليوم من أحداث على ارض الواقع يجعلنا جميعا فخورين بهذا الوطن وبمرجعيتنا الدينية الرشيدة وقياداتنا الدينية التي كان لها الدور الكبير في رص الصفوف وشحذ الهمم لمواجهة داعش ولوصاياها وحثها المستمر للمقاتلين لتجسيد مثل وقيم الاسلام الحقيقية والاصيلة بطمئنة الجميع والشعور بشراكة الوطن وتقاسم العيش وتغليب المصلحة الوطنية .
انه الحشد العراقي العقائدي المقدس بكل تشكيلاته الوطنية وراياته الدينية وفصائله المقاومة  التي قدمت الانجازات الكبيرة والتضحيات الكثيرة من اجل  الدفاع عن الارض والمقدسات. انه  شوكة في عيون الاعداء وشوكة في عيون الطائفية وشوكة في عيون الاستعمار العالمي الجديد