كل عمل يُرادُ له النجاح, لا بد للتخطيط الجيد, والإدارة الحكيمة, كي لا تضيع الجهود أدراج الرياح, وللمحافظة على ذلك العمل ونجاحه, لا بد من رؤية واضحة لما بعده. الموصل تلك المدينة العراقية, التي كانت تسمى أم الربيعين, شملها الخريف العربي, ليجعل من بناتها سبايا, ويحيل ربيعيها جحيماً, حيث عاث الإرهاب العالمي فيها فساداً, ليجعل منها مدينةً, تعيش بالفترة المظلمة, فقد هدموا كل ما هو حضاري.
بعد النجاحات الكبيرة, التي قامت بها القوات الأمنية, من كافة الصنوف, وتحرير ما يقارب 30%, من الأراضي التي المستباحة, إذ لم يتبق سوى محافظة نينوى, كان حقيقاً التفكير بجدية, لما بعد التحرير, فالموصل هي المدينة الثانية, بعد العاصمة بغداد, مدينة تمثل جزء مهم من التأريخ العراقي؛ ونموذجاً للتعايش المجتمعي, لتنوع الأعراق والأديان, والتي تستحق أن تكون مدينة سلام.
طَرح السيد عمار الحكيم, رؤية لما بعد التحرير, تتلخص في العمل السياسي, لرأب الصدع الحاصل, كنتيجة أريد لها أن تكون دائمة, فبدون نزع فتيل السياسة, لا يمكن للبناء أن يبدأ, لإعادة التلاحم الشعبي, عبر وسائل توعية اجتماعية, لتتمكن الحكومة من أداء واجبها, وذلك يساعد على توطيد العلاقات, لترسيخ الحس الأمني, لسد الطريق أمام الفكر الظلامي, وضمان العيش الكريم للجميع.
مكافحة الفساد هي المرحلة الثانية, فبوجوده لا يمكن النجاح, كون ضرب الفاسدين لا يقل أهمية, عن القضاء على الإرهاب, وهذا العمل يحتاج كما أكدت المرجعية, الى الجد وعدم استغلال ذلك, للتنكيل السياسي, إضافة لحث منظمات المجتمع المدني, للقيام بحملات شعبية, من اجل انخراط الشباب, بمجاميع تعمل على إعادة ما خربه الإرهاب.
لن تكون هناك مهمة صعبة, ما دامت الإرادة حاضرة, يمدها الفكر العراقي المتجدد, فشعبُ العراق أصيلٌ أصالة أرضه, يحدونا الأمل به, أن يكون كما عهدناه, صامداً أمام قوى الظلام المتعاقبة, فهذه ليست الجولة الأولى, وسيخرج حتماَ أقوى مما كان عليه.الرحمة والغفران لشهداء التحرير, الذين ضحوا بدمائهم, ليعود العراق معافى, وسيعود مهرجان الربيع, في ظل أمن مستقر, بهمة قادة أصلاء, لشعب عريق.