23 ديسمبر، 2024 5:22 م

تجارة الموت مهنة أم حاجة؟

تجارة الموت مهنة أم حاجة؟

المجتمع يضم بين طياتهِ أعمال كثيرة ورجال أعمال ينتشرون في كل مكان. جميع رجال ألأعمال الذين يتبنون تلك ألأعمال يكون هدفهم هو الحصول على المال بغض النظر عن نوعية العمل  المشيد على أرض الواقع. تكون هناك في بداية إنشاء المشروع دراسة دقيقة لجدوى ذلك المشروع وأهميتة ألأقتصادية  بالنسبة للمجتمع وهل يحقق أرباح تعادل الصرفيات الكثيرة التي يبذلها رجل ألأعمال . تكون هناك أيضا دراسة مستفيضة لموقع المشروع وهل يلبي حاجة المستهلك في كل الظروف. من المشاريع التي وُجدت في المجتمع العراقي – مشاريع الموت- فنجد الدفان الذي يتولى عملية حفر القبر وألأشياء ألأخرى المعروفة للجميع. نشطت أعمال الدفان على نطاقٍ كبير نتيجةً للحروب القاسية التي عصفت بالبلاد فترة الثمانينات. لدرجة أن بعض المغنيين مزجوا عمل الدفان بالعشق الذي يعتريهم تجاه المعشوقة المصابة بألمٍ كبير نتيجة موت أحد أقربائها حينما راح العشيق يحاول جلب أنتباههاهناك في المقبرة وتقول ” أنا بيا حال والدفان يغمزلي” . أصبح تعامل الدفان مع الموت كمن يتعامل بشيء ليس له وجود. خلال الستينات والسبعينات والثمانينات وحتى التسعينات كانت – الفواتح- أي مراسيم العزاء لعائلة الميت تقام في الشوارع القريبة من البيت حيث تُنصب الخيام وتذبح الذبائح ويُطبخ الطعام لدرجة ألأسراف . يتوافد على أهل المتوفى فئات بشرية كثيرة – حسب شهرة الميت- في ذلك الحي. يُضاف عبيء كبير آخر على كل فرد من أفراد عائلة الميت. في السنوات العشرة ألأخيرة نشأت فكرة القاعات المخصصة – للفواتح- , الحق يُقال أن تلك القاعات سهلت ألأمر على أفراد عائلة الميت من الناحية المادية والمعنوية. تُحجز القاعة لمدة ساعتين ويوضع إعلان قرب البيت أو عند المنعطفات الواضحة  ويحدد فيها وقت إستقبال الرجال الذين يأتون لتعزية أهل الميت. ثمن تأجير القاعة في حدود 200 دولار. تستمر هذه الحالة ثلاثة أيام وينتهي كل شيء. في ألأونة ألأخيرة  كثرت حالات الوفاة بسبب الوضع ألأمني المرعب الذي يجتاح البلاد خلال سنوات الغليان الطائفي والتفجيرات التي حصدت أعداد كثيرة من البشر – رجال ونساء- . إرتفعت نسبة تأجير تلك القاعات وأصبحت مشروعا يدر على صاحب القاعة ملايين في الشهر الواحد. هذه الفكرة رسمت لها طريقاً في ذهن الشيخ – أبو أحمد- الذي راح يعد العدة من الجهد والمال لغرض الحصول على مكان معين كان قد أستخدم كموقع لستة من المولدات الكهربائية الحكومية.
شيدت تلك المولدات في زمن ألأمريكان وظلت تعمل أكثر من سنة. وبقدرة قادر إختفت تلك المحطات الكهربائية وظل المكان مرتعاً للحيوانات السائبة. تحدثنا الى الشيخ أبو احمد حول هذه الفكرة ولماذا يريد المجازفة بأموال كثيرة لأعادة تاهيل الهيكل البنائي في هذه المنطقة بالذات فقال ”  أجريتُ مسحاً شاملا للمنطقة ووجدت أن تشييد قاعة عزاء في هذا المكان شيء مهم جدا من الناحية التجارية ومشروع مفيد لكل المناطق المحيطة . لاتوجد إلا قاعة واحدة في وسط المنطقة القريبة من  السوق وجميع مراسم العزاء تُقام هناك لدرجة أن بعض الناس يضطرون للانتظار كي يحصلوا على وقت مناسب لحجز القاعة. جائتني هذه الفكرة حينما كنت أمر بالقرب  من هذا المكان . أنا دلال ولكن لم تعد مهنة الدلالة كافية. حصلت على موافقة من المجلس البلدي ودفعت أموال كثيرة لأنهاء إجراء معاملة التأجير لمدة 25 سنة. أتمنى أن تكون هذه القاعة مفيدة للناس في المناطق المحيطة وتلبي حاجتهم عند حدوث حالة وفاة. هي في الواقع مشروع تجاري أيضا وساصرف على إعادة تاهيل البناية أموال كثيرة”. ستكون أجرة الساعتين 200 الف دينار عراقي وهذا مبلغ جيد للمشروع وجيد ايضا لصاحب الماساة بدلا من صرف الملايين على مراسم العزاء من طبخ الطعام وغيره.”هل يمكن أن نقول – مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد-؟ أم نعتبر ألأمر حاجة ضرورية لأبناء المنطقة بدلاً من الذهاب الى قاعات بعيدة لأقامة مراسم عزائهم؟ أم نقول فكرة جيدة توصل اليها رجل ألأعمال أبو أحمد وأستغلها لتدر عليه مبلغ ليس بالقليل شهريا؟