لا جرم أن تبيض الفتنة والفساد في بيئة شاعت فيها تجارة الارتشاء ؛ وبلغ من شيوع الاختلاس أن الذين كانت بأيديهم خزائن الدولة شاركوا
الموظفين في أرزاقهم اليوم وبالأمس منذ غزا
الأعاجم الدول العربية ساد الفساد، بلغ الأمر أنهم
لا يؤدون رزق الموظف أو صاحب الوظيفة الا إذا اقتطعوا منه اتاوة أوضريبة لأنفسهم واستكتبوا توقيعه باستيفاء رزقه غير مستثنين من ذلك أحدا بل قد بلغ من شيوع الاختلاس أن أًصبح سراً مذاعا لا يكتم في حضرة المسؤول ولا يبالي هؤلاء أن يجُهر بين أيديهم هذه الأفعال ،حتى شاعت فنون الخلاعة والمجون فكثر المحترفون المنعمون حتى أصبحت تجارات الفاسدين غادية رائحة في البر والبحر بما تستدعيه ضرورات العيش ،ونوافل الشهوات .
قيل عن الوزير المهلبي :
” إنه كان من ظرفه ونظافته في مأكله أنه اذا أراد أكل شيء بملعقة كالأرز وأمثاله وقف في جانبه
الأيمن غلام معه ثلاثين ملعقة من زجاج مجرد فيأخذ منه ملعقة يأكل بها من ذلك اللون لقمة ثم يدفعها الى غلام آخر قائم في جانبه الأيسر ثم يأخذ أخرى يفعل بها فعل الأولى حتى ينال الكفاية لئلا يعيد الملعقة الى فيه دفعة ثانية فهذا ضرب من الترف …!