23 ديسمبر، 2024 1:24 ص

تثقيف طلبة الدراسات العليا

تثقيف طلبة الدراسات العليا

اصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قبل ايام توجيها للجامعات بإعطاء محاضرة تثقيفية لطلبة الدراسات العليا المقبولين في السنة التحضيرية، واقتصر التوجيه على ان يقدم التدريسيون في الكلية ذاتها ضمن التخصص نفسه هذه المحاضرة على الطلبة.
لربما يخيل لبعضهم ان اعطاء محاضرة تثقيفية لهذه الفئة من الطلبة جاء بلا سبب، بل بالعكس ، فهذا الخبر يدفعنا الى قراءة سريعة للواقع التعليمي والبحثي في العراق، لان مثل هذه النتيجة لم تأت اعتباطا وانما جاءت بعد دراسة تفصيلية وهي بلا شك خطوة صائبة.
هذا التوجيه هو الاول من نوعه في تاريخ التعليم العالي العراقي، فلم نسمع سابقا سواء في العقود الماضية او خلال سنوات دراستنا مثل هذا التوجيه، وبالتاكيد جاء بعد تتبع واقع الدراسات العليا كاشفا عن مشاكل يتطلب الوقوف عليها وحلها، ابرزها مستوى واستعداد الطالب المقبول.
قبل ايام اعلن وزير التعليم الدكتور قصي السهيل ايقاف استحداث الجامعات الأهلية لحين انتهاء اللجان الفرعية من تقييم واقع ومستوى التعليم الأهلي، سبقها قرار عدم استحداث كليات طبية اخرى وهو بلا شك ردة فعل صحيحة للسيطرة على التضخم في اعداد الخريجين،.. وهذه الخطوة جاءت قبل التوجيه الاخير حول المحاضرة التثقيفية.
الطلبة المقبولون في الدراسات العليا هم مخرجات الكليات والجامعات سواء الحكومية او الاهلية والغالبية منهم بعد دخولهم الدراسات العليا يتفاجؤون بمستوى اعلى مما يملكون من خلفية دراسية، وبذلك يدخلون محطة جديدة لها خصوصيتها.
ومن اجل الوصول الى باحث متمكن علميا يحتاج المجتمع الى جهوده بعد التخرج ضمن مايعرف بـ(حاجة سوق العمل) في العراق في اطار تاكيدات الوزارة؛ بات من الضروري تهيئة الارضية العلمية لدخول الطلبة مرحلة التنافس على مقاعد دراسية ضمن شروط مشددة لتكون نقطة الانطلاق للوصول الى دراسات عليا مثالية وطلبة على قدر هذه المكانة،.. ضوابط دراسات عليا غير مرنة وشرط نجاح كاساس في القبول لامتحان شامل.
في السنوات الاخيرة تغيرت الكثير من القوانين بسبب واقع البلاد، وكان للقطاع التعليمي نصيب من هذه التغييرات ومنها الدراسات العليا التي لو نقارن شروطها منذ تاسيس وزارة التعليم العالي واستقلالها عن وزارة المعارف سنة 1970 ولحد الان سنجد ان التعديلات واضحة للعيان.
وبنظرة سريعة على ضوابط تلك الحقبة سنجد انها وضِعَتْ على اساس علمي جعلت العالم يعترف ان التعليم في العراق ذو مستوى اكبر من مستويات بعض الدول الاوربية، وهذا ماكشفته تقارير محلية ودولية مؤخرا.
لربما بعض التعديلات التي اجريت على شروط الدراسات العليا فيها جانب انساني لفسح مجال اكبر لمن فاته اكمال دراسته العليا بسبب التهميش والغبن قبل 2003 ، الا ان تلك الاسباب الموجبة للتعديل قد انتهت وجاءت مرحلة جديدة؛ كذلك فإن المسالة العلمية مهمة وحساسة اذا ماعلمنا ان مخرجات الدراسات العليا التي يؤكد عليها المسؤولون يجب ان تخدم المجتمع تطبيقيا، والمخرجات لايمكن الحصول عليها دون نماذج علمية متمكنة كل حسب تخصصه.
وامام هذا الظرف الذي يحيط بواقع اهم قطاع علمي في البلاد نرى ان هناك مشاكل تحتاج الى حركة فعلية مستمرة وهي مسؤولية ليست سهلة، فالسعي نحو الكمية دون النوعية غير مفيد والاهم منه كما ثبت ذلك على ارض الواقع هو تنمية طاقات الحاصلين على الشهادة العليا والاساتذة؛ وهو ماشدد عليه الوزير السهيل حينما وجه مؤخرا التدريسيين بنشر بحث علمي كل عام دراسي في مجلة علمية ضمن المستوعبات الدولية.