23 ديسمبر، 2024 4:32 ص

تاريخنا يجتر نفسه

تاريخنا يجتر نفسه

هل حقاً إن تاريخنا مازال يجتر نفسه.. ويعيد جرائمه بعد مرور ألف سنة.. وبنفس الأساليب والأدوات.. على الرغم من تقدمنا بلبس ألبدله الغربية والرباط.. وندير دولة تستخدم التقنيات في الكثير من أعمالها.. وننصب كآمرات في الشوارع وفي المحلات ووووو من التقنيات الحديثة.
نؤشر هنا حالات استخدمها أسلافنا باسم الإسلام.. وتاريخنا المعاصر يجترها ثانية..وكثير منا موافقون.. بل الكثير من عمائمنا تجد الفتاوى لتبرير جرائمنا التي ارتكبناها سابقاً.. ونعيدها اليوم فرحين بانتصاراتنا.. على الكفر والإلحاد.
ـ لقد نشر ابن المقفع رسالته المُعنونة “رسالة الصحابة” وأرسلها باحترام وتهذيب إلى الخليفة أبي جعفر المنصور.. “من ناصح أمين لا يُريد غير الإصلاح”.. فأمرً المنصور بتقطيع جسد ابن المقفع قطعة.. قطعة.. وهو ينظر إلى أعضاء جسده.. وهى تــُـلقى في النار.!
وها نحن في العراق الديمقراطي اليوم نسكت ونصفي ونختطف من يدعي ان هناك فساد في مؤسساتنا.. فنكتم صوته بكل التقنيات الحديثة.
ـ الفيلسوف السهْروَردى..( 1153- 1191) حامي حمى الدين والمدافع عن بيضته.. والقاهر لأعدائه من الفرنجة والزنادقة والمتفلسفة والشعراء وغيرهم.. إلا إن صلاح الدين الأيوبي كان مبغضاً لكتب الفلسفة وأرباب المنطق ومن يعاند الشريعة.. فقتل الفيلسوف السهْروَردى تجويعاً.. أكرر (تجويعاً).
ومن يثور اليوم على كتلنا الإسلامية فهو ملحد وكافر.. والشرع حلل قتله!. بأية طريقة يقرها الحاكم. سواء بالخطف والقتل.. أم بالتعذيب حتى الموت.. فأية طريقة محللة في تاريخنا..
ـ الحسن بن منصور الحلاج (858- 922) دعا الى إمكان الاستعاضة عن الوسائط في العبادة.. والتوفيق بين الدين والفلسفة.. على أساس من التجربة الصوفية.. فأتهم بالكفر.. فتـمّ تقييده وضربه بالسياط.. ثم صلبه وقطع رأسه وحرق جثمانه.
ـ الله .. الله.. كل العلمانيين والشيوعيين كفرة من سبق الإصرار والترصد.. والويل لهم من عمائمنا إن صعدوا في انتخابات 13 /5 / 2018.
المثير في الأمر حين يشترك فقهاء وفلاسفة في جريمة اغتيال زملائهم متواطئين مع السلطة في غريزة احتكار الحقيقة العمياء كما حدث مع
ـ ابن عربى ( 1165- 1240)..مؤلف الفتوحات المكية.. وكتابه (ترجمان الأشواق) الذي أثار عليه الفقهاء بدعوى الضلالة.. واتهموه باستعمال الرمز كستار لإخفاء ما يُـنافى الدين.
نحن اليوم من يكتب سطرين على صفحته الفيس بوك .. في التاريخ الإسلامي بحقيقته.. يتهم بالزندقة تماماً.. كما كان يكتب أجدادنا المفكرين ذووا النظرة التطورية.
ـ ابن رُشد : رأى إن الإنسان يحتاج للعقل والدين معاً.. داعياً الى إخضاع النص الديني للبرهان العقلي عند الخلاف.. أحرق العرب كتب الرجل.. ونفاه الخليفة من قرطبة الى مراكش حتى مات هناك… فيما أفاد الأوربيون من هذا الفكر المعتدل.
ـ أبو بحنيفة النعمان.. أفتى بأنّ الثورة على ملك الأمويين جائزة شرعًا.. ورفض أبو حنيفة التعاون مع الخليفة أبى جعفر المنصور.. فأمر بحبسه وجلده عشر جلدات يوميا.
ـ وتكرّر نفس الشيء مع أحمد بن حنبل في محنة (خلق القرآن) وانتهت بسجنه 28 شهرًا حيث كان يُـضرب بالسياط حتى يُغمى عليه.
في عراق اليوم الانتخابات.. فخروج جماهير “قلع شلع “وغيرها أساليب التعبير “الثوري” فهؤلاء هم أعداء ديمقراطية الفساد والسحت الحرام.. بل وصل الأمر باتهام من كان رضيعاً في عهد البعث بعثياً.. وأبوه الذي قاتل داعش واستشهد تصادر أمواله المنقولة وغير المنقولة.. بقانون كتبه مجلس الوزراء وشرعه مجلس النواب.. وصادق عليه رئيس الجمهورية.. ونشر في الجريدة الرسمية!! ومن لا يصدق أحلف له بالقران ألف مرة..
ـ واقعة ألطف تعيد نفسها عندنا ليس يومياً حتى.. لا يقال إني متطرف بطروحاتي.. لكن بصور ليس على أبناء بنت نبينا.. ولكنها على أبناء شعبي ممن لا يفسدون في الأرض.. وبالتأكيد يكون وقعها أخف وطأةً.. أو حتى تمر بضجيج وتنسى.. والأمثلة كثيرة: القتل على الهوية خلال الحرب الطائفية.. مجزرة سبايكر.. قتل الشيعة والسنة والمسيحيين والشبك واليزيديين في الموصل.
ـ اليوم بعض محتكري الحقيقة وسدنة السلطة.. وبعض مسؤولينا.. يكفروننا.. ويهددونا بالويل والثبور.. وغداً نصفى بأية طريقة عرفنها خلال ال 14 سنة الماضية.. تحت يافطة نحن كفرة وزناديق.
أفتونا يرحمكم الله.. كيف يُكَفرْ من يصلي خمسة مرات في اليوم.. ولم يرتكب جريمة.. ولم يسرق.. ولم يغش بضاعته.. ويزن بالقسطاط.. ويساعد الفقراء.. يهدد.. لأن ابنته وقفت مع المتظاهرات ضد مشروع قانون زواج من عمرها تسع سنوات؟؟