23 ديسمبر، 2024 2:58 ص

تأميم المنافذ البرية في العراق … مهمة وطنية

تأميم المنافذ البرية في العراق … مهمة وطنية

تمتد منافذ العراق البرية على طول حدوده الدولية البالغة أكثر من أربعة ألاف كيلومتر , شمالاً مع تركيا وشرقاً مع إيران وغرباً مع سوريا والأردن والسعودية وجنوباً مع دولة الكويت.
في الشمال العراقي توجد عدة منافذ برية مع تركيا , وهما منفذا (فيش خابور وإبراهيم الخليل ) ومع إيران منفذ (كيلي و شوشمي و طويلة وشيخ صالح وبشته) في محافظة حلبجة و(حاج عمران) في محافظة أربيل , (وباشماخ وبرويزخان وكرمك ) في محافظة السليمانية , وحكومة الإقليم تسيطر بالكامل على منافذ المناطق الشمالية ولديها أتفاق أبرم مع الأتراك يقضي بافتتاح أربعة منافذ , واحد مع محافظة أربيل وثلاثة مع محافظة دهوك , ومع السعودية يوجد منفذ قديم وكبير هو منفذ – جديدة عرعر- الحدودي الذي يمر عبر محافظتي كربلاء والانبار, و الذي أغلق عام 1990 بعد احتلال العراق لدولة الكويت وتم فتحه عام 2017 لتسهيل مرور الحجاج العراقيين وللتبادل التجاري بين البلدين .. وكذلك الكويتيون وإصرارهم على عدم زيادة المنافذ البرية والإبقاء على منفذ سفوان فقط.. أما بقية المنافذ مع سوريا هي : منفذ ( ربيعة والقائم والوليد وبيشابير ) في الموصل والانبار ودهوك لا يمكن الاستفادة الاقتصادية منها إلا بحدود ضيقة أو للمسافرين فقط .. وعليه لجأت السلطات المختصة في العراق وإيران إلى إعادة الحياة وتأهيل منافذ (الشلامجة والشيب و زرباطية والمنذرية ومندلي ) في محافظات البصرة وميسان و واسط وديالى , وهي المنافذ البرية الوحيدة التي تربطنا مع إيران الواقعة تحت سلطة الدولة الآن , ومن المؤمل فتح منفذي جلات في ميسان والشهابي في واسط لتخفيف حركة المسافرين في الزيارات الكبرى .. أما منفذ سفوان الحدودي مع دولة الكويت فتبلغ أجور التحميل والتفريغ والتوصيل لأي بضاعة من الخليج العربي فيه عشرة أضعاف ما يؤخذ في منفذ طريبيل مع الأردن .
ومن المعروف أن المنافذ الحدودية البرية مع إيران سواء كانت ضمن إقليم كردستان العراق أو عائدة للحكومة الاتحادية بشكلها الصوري لا تعود بالنفع التام إلا لإيران ولبعض الأحزاب والقوى السياسية وبعض الأشخاص في الإقليم وحكومة بغداد والحكومات المحلية التي تقاتل على عدم الاعتماد على منفذ طريبيل مع الأردن , والإبقاء على منافذ العراق مع إيران لأنها تسيطر كليا أو بصورة جزئية على تلك المنافذ, وهناك شبه تقاسم للسيطرة عليها وعلى رسومها والموافقة على ما يدخل إلى العراق وما يخرج منه ، بين أحزاب سياسية وقوى دينية معروفة والخروق والتجاوزات التي حدثت في هذه المنافذ معروفة والقوى المسيطرة عليها معروفة أيضاً , والحكومة على علم بها لكنها عاجزة عن التدخل للحد من هيمنة تلك الأحزاب والمليشيات المسلحة , ما يبقي باب الخطورة مفتوحاً على مصراعيه وثغرة التأثير السلبي على التجارة والصناعة والزراعة المحلية قائمة , وكان من المتوقع أن يحصل العراق على مبلغ 9 مليار دولار سنوياً لو استثمرت تلك المنافذ بصورة صحيحة, لكن إيراداتها في عام /2019 بلغت 162 مليار دينار أي ما يعادل 157 مليون دولار.. وهو مبلغ قليل أذا ما قورن بنشاط تلك المنافذ التجاري والسياحي , والتي جعلت العراق ساحة لبيع السلع الأجنبية تنخر في جسده الخاوي من التركات المالية التي يتحملها نتيجة انخفاض أسعار النفط في النصف الأول من عام / 2020.
والسؤال الذي يطرح نفسه ما الأقنعة التي يستخدمها الفاسدون والمحتالون على المال العام ؟ وخاصة أصحاب القرار والنفوذ في المجتمع العراقي ممن عاش البعض منهم خارج العراق أومن الذين ولدوا بطريقة غير شرعية من رحم النظام السابق وتربوا على أفكاره الشيطانية ومارسوها فعلاً وقولاً بعد إحساسهم بالحرية والأمن وضعف العقاب في عصر الديمقراطية العراقية الجديدة وحكومات التوافق العرقي والطائفي الحالية.
وهناك مجموعة من العوامل الثقافية والاجتماعية التي تجعل من الفاسد محل ترحيب من البعض كأن يكون من المندسين في بعض الأحزاب الدينية الحالية أو يكون ظل الله في الأرض بانتسابه للدوحة الهاشمية والكل تمجده مولانا وسيدنا الغالي وهو منها براء.
وكما قال الفيلسوف الصيني – كونفوسيشيوس – (551ق.م – 479ق.م ) (( إذا عرف الإنسان في الصباح طريق الحياة المستقيمة , لا يندم ولا يأسف إذا مات في المساء )) . وأخيراً أقول أذا كان المسؤول الحكومي فاسداً .. فمن ينقذ منافذنا الحدودية من الفاسدين ؟ .