22 نوفمبر، 2024 7:36 ص
Search
Close this search box.

تأملات وأمنيات بين عام يمضي.. وأخر يأتي

تأملات وأمنيات بين عام يمضي.. وأخر يأتي

ها نحن في هذه الفواصل من عمر الزمن الذي نعيشه بحلو أيامه ومرها.. بفرح لياليه وبحزنها، نمضي في هذه اللحظات إلى عام جديد بعد إن قطعنا مشوار العام الذي مضى بلحظاته.. ودقائقه.. وساعاته.. وأيامه.. وأشهره.. وقد عشناها بكل تفاصيل صفحات الحياة .

وها نحن في هذه الفواصل من عمر زمن يرحل عنا بشطب أيامه من التقويم؛ وهي أيام من عمرنا؛ تمضي ونحن نسعى بقدر ما نستطيع إلى إسعاد أنفسنا ومن حولنا بكل وسائل الفرح.. والسرور.. والسعادة؛ نعيش بآمال وأمنيات سعيدة.. وبقلوب صافية ومشرقه.. وبنوايا طيبة.. وبالتسامح.. والتآخي.. والمحبة؛ نمضي مع نبضات الزمن التي منها في الأعوام الماضية قضينا أوقات صعبة تائهون بأوجاعها بما تكاثرت وتعاقبت فيها من فتن وحروب ومصاعب الحياة.. لنستقبل في هذه اللحظات العام الجديد.. ونحن مع أنفسنا نراجع صفحات العمر الماضية بما جنينا وبما حصدنا؛ ونتذكر الأحبة وكلنا حنين للذين التقينا بهم وأسعدنا للقائهم.. وبمن رحل عنا.. وبمن تغيب وهاجر، أناس كثر كانوا في ذات اليوم هنا وأناس كثر رحلوا، هذه هي سنة الحياة؛ أناس يأتون.. وأناس يرحلون.. وأناس سيأتون.. ونحن نتأمل في هذه الفواصل من زمن يمضي.. وأخر يأتي.. وكل واحد منا على أمل تحقيق ما فات تحقيقيه في الأعوام الماضية من أمنيات لعام جديد؛ ليبقى (الأمل) هو محور الإنسان لتعلقه وتشبثه بالحياة لمواصلة مسيرته في مسعى لتحقيق الأمنيات والوصول إلى أهداف التي نريد تحقيقها من اجل غد أفضل كطموح نتشبث بأفكار لنقود مسيرة الحياة بالعمل.. والجهد.. والكفاح.. والصبر.. نبذر فيها بذور المحبة.. والتعاطف.. والرحمة.. والتآخي؛ لتنبت لتخضر كل مساحة الأرض والتي قد نكون سببا لتصحرها لرقى حضارة الإنسانية بالعادات والسلوكيات السليمة دون تمييز ودون تخندق في مواضع القومية.. والدينية.. والمذهبية.. والقتل على الهوية.. ودون النفاق.. والرشوة.. والسرقة.. والخيانة.. والخداع.. والكذب؛ لنعش بأمان وراحة البال؛ فلنستيقظ ضمائرنا في هذه الفواصل من عام يمضي.. وأخر يأتي مشاركين كل أبناء العالم والوطن بأفراح البشرية جمعاء كعائلة واحدة.. وروح واحد.. وجسد واحد.. دون تمييز.

فدعونا نعيش هذه اللحظات مستدامة بالأفراح والمسرات لما تبقى من عمرنا كأحبة وأصدقاء وإخوة في هذا الوطن الذي يجمعنا بنسماته بمائه بأرضه الطيبة؛ ولا تفرقوا بيننا لأننا في هذا الوطن إخوة من حق الجميع إن يعيش بحلمه وأمنياته بأمن وسلام، ولنسارع بطلب المغفرة والسماح لكل من أخطا أو أخطئنا بحقه.. ولنصحح مسار حياتنا بمعاير العقل والضمير والقيم الإنسانية الفاضلة وبالمحبة والسلام لبناء مستقبل ملئه رفاهية وازدهار لنا وللأجيال القادمة.. وليأخذ كل واحد منا دروس وعبر من حالات الألم.. والعذاب.. والخوف.. والقلق.. الذي سيطر علينا خلال الأعوام الماضية حين سادت مظاهر الفوضى والإرهاب وعدم الاستقرار بالقتل.. والتهديد.. والتشرد.. والاغتيالات.. والتهجير.. والتي أدت إلى نزوح الملاين من أبناء شعبنا مجبرين إلى ترك البلاد والأرض التي عاشوا فيها، وعلينا في هذه الفواصل من زمن يمضي.. وأخر يأتي إن نتشبث بالأمل ونمحى آثار السنوات المؤلمة الماضية بما نزرع في قلوب أبناء شعبنا بذور الكرامة.. والمحبة.. والإنسانية.. وتعميق الثقافة الوطنية والإنسانية في مناهج حياتنا اليومية، لنعيد مراجعة الذات لتصحيح مسيرة حياتنا مع الأيام القادمة ومع إطلالة العام الجديد بالحب.. والرجاء الصالح.. والنقاء.. والصفاء؛ لنستقبل العام الجديد ونحن متطلعين لمستقبل مشرق متضامنين معا ولنعش معا متآخيين من اجل المحبة والسلام في الوطن.

فطوبى لمن سقى واستقى من ماء المحبة.. لأن (المحبة) وحدها تعيش

وطوبى لمن علم وتعلم الحب.. لان (الحب) وحده يعيش، في كل لحظة من لحظات عمرنا وفي هذه اللحظات من فواصل زمن يمضي.. وأخر يأتي ولابد من وقفة مع الذات، فالحياة كأرض إن أجدنا حرثها وزرعها ابتعد عنها التصحر، كذلك هي عقولنا إن أجدنا حرثها بالفكر.. والعلم.. والتربية.. أبعدنا عنه التخلف.. والجهل.. والأمية التي هي من تسبب لنا ولأوطاننا أوجاع لا أول لها ولا أخر؛ بتصاعد وتيرة الفساد.. والعنف.. والإرهاب.. والقتل.. وطغيان العنف.. والكذب.. والنفاق.. بعد أن يصبح (الجهل) وباء يدمر البشرية.. و(الأمية) تصبح عبثا، وهي من المسببات التي أوصلت مجتمعاتنا إلى اللامبالاة والعبث التي شاهدناه في الأعوام الماضي من قتل.. ودمار.. وخراب.. وانتشار الإرهاب وفضائح التي ارتكبها بما يندى له الجبين؛ وكل ذلك حدث نتيجة قصور التنشئة والتربية السليمة التي هي من الأسس الرئيسية في بناء الضمير والأخلاق الفاضلة ليكتسب منها الطفل وأفراد المجتمع العلم والمعرفة لبناء قدراتهم العقلية؛ والتي من خلالها تنمي في ذات الإنسان الخبرة الحياتية؛ ليتم من خلال ذلك التمييز بين فعل الخير والشر؛ لان الإنسان يولد وعقله صفحة بيضاء؛ فتلقي الإنسان العلوم.. والتربية.. والمعرفة.. هي التي تملئ صفحة العقل بما يكتسب وبما يتعلم، ومن هنا يأتي دور (الأسرة) و(المدرسة) في تقوية أنشطة العقل لدى الإنسان منذ نعومة أظافرة؛ ليتم له بناء تصوراته في الحياة بعد إن تتوسع دائرة المعارف والإدراك عنده؛ فيستطيع بعد ذلك التمييز بين الأسود.. والأبيض.. والشر.. والخير؛ لتعكس طريقة تنشئة الإنسان وهو طفل في سلوكه وتصرفاته سلبا أو إيجابا؛ وكلما كانت التنشئة سليمة كلما كانت أفعاله سليمة توازي قيم الإنسانية النبيلة؛ لان بناء شخصية الإنسان السليم (صنعة) يتم بنائها بوسائل التربية والتعليم؛ ليتم بناء العقل بالعلم والمعرفة التي هي ثروة الإنسان السليم، فبناء عقل الإنسان (صنعة) كلما أحسنا بنائه.. كلما أحسنا بناء إنسان خير ينعم بطيبة قلبه إزاء إخوته من أبناء مجتمعه ووطنه، ومن هنا علينا إن نجعل (منازل الأسر) و(مدارس الدولة) ورش لتصنيع العقل السليم لأبناء المجتمع؛ وكلما كان الصانع ماهرا وأجاد تعليم صناعته للأخريين.. كلما كان انتاج صناعته مثمرة؛ بكونها تثمر عقول نيرة تخدم المجتمع والوطن والأسرة؛ فيكونوا مدار فخر المجتمع والوطن بهؤلاء الرواد الذين تلقوا هذه الصنعة ليثمر إنتاجها لبناء الوطن ورفاهية أبناءه؛ وهو يقيننا بان الذين حرصوا على تلقين الطفل التربية والأخلاق الفاضلة؛ ما هم إلا مبشرين للمحبة والسلام بعد إن استطاعوا مواصلة جهودهم الخيرة في التربية السليمة ليغرزوا من خلالها في نفس الإنسان نبته الخير لتثمر ضمائرهم بالمحبة.. والخير.. والسلام.. لينعم بنو البشر بطيبها؛ فالذين يتلقون تربيتهم وفق هذا المنهاج – في المطلق – لا نتوقع منهم إن يأتي يوم عليهم فنراهم يرفعون السلاح بوجه إخوتهم من أبناء وطنهم .

وهذه هي فلسفة الحياة، علينا إن نتأمل معانيها ومفاهيمها واخذ بمعطياتها الفكرية الغنية بمعاني الحياة؛ لنبني.. ولنسير لتكملة مشوار عمرنا القصير بمعالمها الجمالية؛ ولنمضي قدما وبتغيير نمط حياتنا وسلوكنا إلى الأفضل؛ نأخذ مما مضى من عمرنا عبرة ونتعظ.. ولنباشر بزرع وبذر بذور المحبة.. والسلام.. والتعاطف.. والرحمة الإنسانية في مساحة كل الأرض التي نمر وسنمر عليها في قادم الأيام وحتى التي تصحرت؛ ونمد يدنا لتضميد جراحات الآخرين – مهما كانت – بروح من المحبة والتضامن؛ لنشارك معا لإحياء احتفالات ليلة رأس السنة بالفرح.. والسرور.. والمحبة.. والسلام.. والمغفرة؛ (مغفرة) كل من أخطا بحقنا والاعتذار لمن أخطئنا بحقه، فالمغفرة.. والتوبة.. والاعتذار.. والعودة إلى الضمير إنسان الحي.. هي سمات الأخلاق وحسن التربية إنسان؛ رغم يقيننا ونحن نعيش في هذه الفواصل من عمر زمن ينتهي.. ليبدأ بصفحات عمر جديد.. بأننا لسنا أكثر المحتفلين بهجة وسرور؛ ولكن لسنا اقلهم مشاعر وإنسانية ورحمة، ولذا فإننا سنضيء شموعنا، شموع المحبة والسلام.. وشموعا للأمل والحب، وشموع لكل الذين رحلوا عنا واستشهدوا دفاعا عن أرض الوطن .

وما أحوجنا في هذه الفواصل من نهاية العام وبداية العام الجديد إلى إيقاظ هذا الضمير في ذواتنا وإحياءه؛ كما نباشر ونستعد في هذه الفواصل من عمر الزمن لإحياء ليلة رأس السنة الجديدة باحتفالات بداية العام الجديد، ففي هذه اللحظات سنترك محطة من العمر.. لنتجه إلى المحطة التالية من مشوار العمر.. وفي خلدنا أمنيات وأسئلة نحاور ذاتنا بما مضى.. وبما سيأتي.. وبما سيحملنا هذا العمر من مواقف وأحداث وتفاصيل نجهل تفاصيلها؛ ولكن لا محال سنعيشها بآلامها وطيبها .. بأوجاعها وشدوها.. انها أقدارنا وتجربة الحياة وسنخوض غمارها بكل مفردات الحياة؛ وهذا ما يدعوننا إن نقف بين فواصل هذا الزمن من عام يمضي.. وأخر يأتي.. متأملين وأعماقنا تمتلئ بأحاسيس ومشاعر ويقظة الضمير لاجتياز طريق الحياة وبكل ما يسعدنا ويسعد الآخرين بالخير.. والسعادة.. والصحة.. والأمن.. والسلام.. والسعي بطيبة القلب إسعاد كل من سنلتقي بهم في محطات العمر القادمة بالحب.. والوفاء.. والصدق.. والإخلاص .

وكل عام انتم والوطن بآلاف خير .

منطقة المرفقات

أحدث المقالات