22 نوفمبر، 2024 10:42 م
Search
Close this search box.

تأسوا بالقضاء

هذا المقال استكمال للمقال السابق الذي يحمل عنوان ( القضاء و تحرير الموصل ) ، و فيه نريد أن نكمل كيف يمكن للسلطتين التشريعية و التنفيذية أن تستفيدا من تجربة السلطة القضائية في العراق في موضوع ما بعد تحرير الموصل ، فهذه المدينة و المدن الأخرى التي تسببت عوامل مختلفة في سقوطها بشكل لا يصدق بيد الجماعة الإرهابية داعش ، يعد سوء العلاقة بين أجزاء من مواطنيها و مؤسسات الدولة فيها أحد أهم الأسباب في الانهيار الأمني و استفحال ظاهرة التطرف و العنف الديني ، و كيف تسبب ذلك كما قلنا في إيجاد حالة حضانة الجماعات الإرهابية و عدم وجود حضانة لأجهزة الدولة ، ليس هذا فحسب بل أن هذه المدن شهدت تقاتل داخلي لا يمكن غض الطرف عن نتائجه المتوقعه خاصة في محافظتي نينوى و الانبار ، تمثلت بانضمام عراقيين إلى الجماعة الإرهابية و قاموا بقتل  مواطنين من أبناء المحافظة كما حصل في قضاء تلعفر و سنجار و منطقة سهل نينوى

كل هذه المفردات تستوجب التفكير و العمل بشكل جدي على اعادة بناء العلاقة بين مكونات الشعب في هذه المدن ، و ترميم العلاقة بين مؤسسات الدولة و الناس ، و هذا عمل ليس بالهين ؛ و أعتقادنا لهذا الموضوع يتضمن ان خلق علاقة سليمة و ايجابية بين الأطراف تستلزم إعادة هيكلة و بناء المؤسسات على أسس وطنية فقط ، و هذا ما يجري في السلطة القضائية لذلك نقترح أن يستفاد من هذه التجربة

السلطة القضائية توازي السلطتين التشريعية ( مجلس النواب ) و التنفيذية ( الحكومة و المؤسسات التابعة لها ) ، في الوقت الذي لم يعد خافيا أن هاتين السلطتين نخرت المحاصصة بناءهما و عملهما ، و تسبب ذلك فيما كنا نتحدث عنه ، أستطاعت السلطة القضائية و هي على الرغم من اتساعها و عمقها ، أن تحمي نفسها بقدر كبير من المحاصصة ، فالعراقيين جميعا يعرفون أن المناصب و المواقع المتقدمة بل و حتى ما هي دون ذلك في السلطتين التشريعية و التنفيذية ، تتشكل على أسس المحاصصة و وفق معايير غير مهنية ، و هذا هو أساس جميع الأزمات التي تضرب بالدولة ، و لكن دعونا نوجه سؤال بطريقة مباشرة لجميع العراقيين و حتى للنخبة السياسية و الثقافية و الاعلامية منهم : تتشكل المحكمة الاتحاديا العليا من تسع قضاة يعادل منصب كل منهم منصب الوزير ، فهل أحد منكم يعرف من أي مكون رئيس المحكمة أو نائبه أو اعضاء المحكمة ؟ و هل يعرف أحد ما هو دين أو قومية أو مذهب أو حزب رئيس مجلس القضاء الأعلى أو أعضاء المجلس ، أو رئيس محكمة التمييز الاتحادية أو هيأة الاشراف القضائي أو الادعاء العام ؟

هل سمعتم بمنطق السلة الواحدة كما يحصل في تشكيل الحكومة في السلطة القضائية ، هل سمعتم أو هل بإمكان أحد أن يقول أن هنالك عملية بيع للمناصب العليا في مؤسسات السلطة القضائية كما يجري في السلطتين التشريعية و التنفيذية ؟ و هل يمكن لأحد أن يثبت أن منصب مدير عام أو أي منصب أخر في السلطة القضائية عين صاحبه لإنه من هذا المذهب أو من ذاك الحزب ؟

و هل سمع أو رأى أحد من العراقيين مقولة التوافق أو التوازن أو المشاركة الوطنية في مؤسسات القضاء ، كمبرر لتوزيع المصالح و المنافع و المناصب على أتباع و رجال الجهات السياسية ؟

كل هذا و أمثلة أخرى من المحاصصة تجري ، و هذه هي التي أفرغت الدولة العراقية من معنى و مضمون الدولة ، و الأمن و المصالحة لا تتحقق إلم تقام دولة ، أما المحاصصة فهي و بكل وضوح حكومة العصابات التي تتقاسم الغنائم و بعد ذلك تختلف و من ثم تتصارع فتسبب القتال .

أحدث المقالات