23 ديسمبر، 2024 5:54 ص

تأريخنا عظيم وجهلنا مقيم!!

تأريخنا عظيم وجهلنا مقيم!!

العيب ليس في تأريخنا , وإنما في جهلنا له , فنحن أجيال أمة مقطوعة عن جوهر تأريخها وينابيع أنوارها , ونتوهم بأننا جذوع نخيل خاوية إجتثت من عروقها.
وعلينا أن نعتذر من تأريخنا الذي أهملناها , وتراثنا الذي أهناه , فهل لنا أن نستفيق من غينا وأميتنا الحضارية الفاعلة فينا؟
هل لدينا القدرة على مد جسور التواصل الإيجابية والتآخي مع تراثنا المنيف؟
الهجمة على التأريخ بدأت منذ القرن التاسع عشر , وهي مبرمجة لعزل الأمة عن جذورها , وقد أبدعت بعض أقلام الأمة في الهجمة , وكذلك بعض المستشرقين الذين حاولوا سلخها من جوهرها ونزع جلدها.
واليوم تواجه الأمة حربا ضارية ضد تأريخها , وجهودا حثيثة لتحويله إلى عثرة ومعوق , وذلك بإستخدام الدين كوسيلة لتدميرها , وإقتلاع قيمها ومعاييرها الأخلاقية والسلوكية , ذات المعاني الحضارية الرائدة.
وتحقق تجنيد العديد من أدعياء الدين التابعين لأعداء الأمة , لترويض الناس وخداعهم وتضليلهم وسوقهم إلى غايات مناهضة لوجودهم ومسيرة إنطلاقهم المعاصرة , وها هي في ذروة نشاطاتها وتسويقها وتمويلها , وتسليحها للنيل من إرادة أمة يجب أن تكون.
هؤلاء المنسبون إلى الدين , لا يعترفون بوطن وبمواطن وبمواطنة , وإنما ديدنهم الإستحواذ على مصير المواطنين , وترويعهم وتجريدهم من منطلقات الحياة الحرة الكريمة , ورهنهم بالتبعية والخنوع والهوان , والقبول بحياة القطيع الراتع في الضيم والنكد السقيم.
والعجيب في الأمر أن الرموز الممثلة للدين تساند سلوكياتها فعلا وتناهضها قولا , وتجرد نفسها من المسؤولية , وتحسب أن ما يتحقق ضد المصلحة العامة , لكنها لا تفعل ما يساهم بتعزيزها , وإنما غاية ما تتفضل به هي الأقوال الوعظية الباهتة للخداع والتضليل , وفي قرارة نفسها راضية عما يحصل في البلاد وما يطال العباد من القهر والإستعباد , لأنها غنمت الدنيا والآخرة , وصار لها جاه وسلطان , وصوت في تقرير مصير الأحوال.
فهل من تفاعل إيجابي مع التأريخ , وطرد لأعدائه المتظاهرين بدين؟!!