دعك من كل ما تسمع وترى عن غيبوبة مصر تحت حكم السيسي وسكوت الشعب على القهر والجوع وعن تنفيذ اوامر الغرب والصهيونية ، عد الى تفحص الشعب المصري بطبقاته وافراده ونماذجه بعين ناقدة محايدة غير عاطفية متعصبة لا له ولا عليه ، ستجد :
•الشعب المصري -شرائح واسعة منه – متميز عن شعوب العرب بالوعي السياسي العالي وفهم ما يفعله الحاكم العسكري ولواءاته بالتفصيل الدقيق وبالمقابل تغرق الشعوب العربية بجهل وعمى شبه كامل عما تفعله ميليشيات او عساكر او حكومات اكثر عمالة من السيسي واقرب الى الصهاينة منه ، (رغم السيطرة البوليسية المحكمة التي تفرضها اجهزة الدولة هناك بدعم غربي اسرائيلي امريكي كامل بالمال والسلاح والاستخبارات)
•الشعب المصري ثار على الظلم وقدم تضحيات بالأنفس ونام بالشوارع ليستعيد حريته وكرامته وسجن وما زال ونفي ومازال ، (رغم الحيلة الاقتصادية التي نفذها الحاكم بالاتفاق مع الغرب بإشغال مصر بالديون بحجة البنية التحتية ثم افقار الشعب وجعله لا يتمكن من التحرك لإغراقه بدوامة الجري خلف لقمة العيش المرة) ،
•الشعب المصري أعلى الشعوب العربية فنّا وانفتاحا وآدابا وعلوما وعشقا للحياة ومع هذا فالسيطرة عليه عبر التفكيك الأسري والاخلاقي بحجة القنوات والمنابر “الفنية” لإفساده واخراجه تماما من المشهد لم يثمر بالقدر الذي افترضه المتآمرون وعملاؤهم العساكر و”الفنانون والمؤثرون الماجورون” في الداخل ، وهو واقعيا من أقل الشعوب العربية تأثرا بذلك ، ولو كان مثل ذلك التركيز في اي بلد عربي آخر لانتهى اجتماعيا ، ونرى بلدان عربية اخرى اليوم انهارت واستسلمت تماما تحت المخطط من الناحية الاخلاقية الاجتماعية منها العراق ،
• النساء في مصر تفهم وتتدخل في السياسة والوعي والمقاومة الشعبية السلمية التوعوية ، وبعض نساء مصر على قدر من الوعي يفوق كثير من رجال البلدان االعربية الأخرى مع قدرة على المحاججة والدعوة والاصلاح ولا ينافسهن في ذلك الا المراة السودانية بينما تغرق معظم نسوة العالم العربي المثقفات بالتفاهة ومطاردة الرومانسية ، ومن يحكم على ما يطفو على السطح من مشاهد قادمة من مسارح مصر او مهرجاناتها فهو ضيق النظر سطحي الحكم لا يفهم شيئا في البحث الاجتماعي ، فمصر مائة مليون والذي تراه هو آلاف في اقصى حد ، أما في الحلقات الدينية والدورات القرآنية والمدارس الأزهرية والتجمعات الثقافية والنشاطات الأدبية والتوجهات الاصلاحية والدعوية التي لا تسليط إعلامي عليها فهي بعشرات الآلاف من النسوة الصالحات المؤثرات ان لم يكنّ ملايين.
•وأخيرا فالشعب المصري مؤثر في قضية فلسطين اكثر من اي شعب عربي اخر ، ليس شرطا ان يكون دائم الثوران كالعراقيين او متحفز كالجزائريين او عميق التخطيط كالسوريين ولكن لو اتاحت الظروف المحيطة والدسائس العالمية للشعب المصري التحرك اليوم ولو بتظاهرات سلمية في الشوارع لتراجع ترامب من فوره وألجمت إسرائيل ، ولكن السيسي لا يمكنه استيعاب قيمة ذلك ووزنه الدولي ، لذلك هو يعوّل على التطبيع والتوسّل والتذلّل بدلا من التلويح بإرادة الشعب لفرض الدور الإقليمي وحصد المكاسب ، وتلك سياسة خارجية عسكرية غبية الى أبعد الحدود إن احسنّ الظن واستبعدنا كومها متعمّدة.