من المتعارف عليه في علوم النفس والاجتماع والإعلام أن للشخصية المهمة تأثيرا كبيرا في لفت إهتمام الجمهور، وفي تغيير إتجاهاتهم سلبا أو ايجابا ، حسب قربهم منها او شدهم إليها!!
وأعرض لكم نموذجا كان قد سرده لنا الدكتور ابراهيم الكناني، رحمه الله، وهو أستاذ علم النفس في الجامعة المستنصرية عام 1979 – 1980 وفي دورة مهمة عن الحرب النفسية إستمرت لعام كامل، عن تأثير الشخصية في إتجاهات الرأي العام!!
لقد أشار أستاذ علم النفس رحمه الله ، في حينها ، أنه في إحدى المرات قام بإجراء إستبيان لطلبة قسم علم النفس في الجامعة المستنصرية ، وقد اختار إحدى قصائد الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري لتكون مادة لـ (الإختبار) ، وذكر لهم فيها أن هذه القصيدة من تأليف أحد طلبة الجامعة ، في حين كتب إسم أحد الطلبة على قصيدة للجواهري ، وطلب منهم تبيان مدى جمالية تلك القصيدتين ، وقربها اليهم ، من وجهة نظرهم، لمعرفة تأثير الشخصية في لفت إهتمام الجمهور!!
وما إن ظهرت نتائج الإستبيان حتى تبين أن القصيدة التي كتب عليها إسم الجواهري وهي تعود لطالبة الكلية، قد حصلت على المراحل العليا من إهتمام الطلبة ، وأشادوا بقيمتها الجمالية والشعرية ، في حين جاءت القصيدة التي نسبها الى الطالب، وهي للجواهري ،في المرتبة الثانية وبدرجات أقل ، لدى من شملهم الإستبيان!!
لقد أراد الأستاذ ابراهيم الكناني رحمه الله أن يوضح لنا مثلا على أهمية ودور الشخصية في لفت أنظار الجمهور وتأثيرها الساحر فيهم وتغيير إتجاهاتهم ، بحيث أن مجرد ذكر قصيدة للجواهري وهي لطالب في الكلية معهم ، وقد نسبت الى الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري ، فقد حصلت على المراتب المتقدمة، في جاءت قصيدة الجواهري في مراحل لاحقة ،في الإستبيان، كما ذكرت..بالرغم من أنها من القصائد الرائدة، مايدل على ان الطالب او أفراد المجتمع عموما ينحازون الى الشخصية المؤثرة قبل مضمونها!!
رحم الله أساتذتنا الكبار الذين كانوا يدخلون في عقولنا علم الشخصية بهذا النوع من التجارب الإختبارية العلمية، ,ومنهم الدكتور ابراهيم الكناني ، رحمه الله ،الذي كان أستاذا يمتلك من التواضع ومحبة طلبته وعلمه الغزير مايشار له بالبنان ، وكان معه أنذاك أساتذة عراقيون منهم المرحوم الدكتور صباح باقر وأساتذة مصريون طيب الله ذكرهم على مستوى رفيع من المكانة العلمية والحرفية في تبيان أثر علم الشخصية ودخول ميادين هذا العلم الحيوي في هذا الجانب!!
يذكر أن الدكتور خالد عبد الرحمن النعيمي والدكتور حبيب فارس وآخرون كانوا من زملائنا الأعزاء ومن اللافتين لإهتمام زملائهم لما يمتلكونه من خبرات متقدمة ، في تلك الدورة، وهي تعد من الدورات المتقدمة في علم الشخصية والحرب النفسية التي دخلناها بعد عام من تخرجنا من قسم الإعلام ، ومن أقسام أخرى ، وهي تعادل من حيث الأهمية ، دراسة أربع سنوات جامعية، تمنح فيها (الدبلوم) في علوم الإعلام والنفس والحرب النفسية، إذ إنها تعادل سنتي دراسة!!