ِنَّ أَيَّ فَردٍ يَحترِمُ قِيَمَهُ، كإِنسانٍ يُشاركُ الآخرينَ في الحيَاةِ، لا بُدَّ أَنْ يكونَ مُلتزماً، بمنهجٍ قِيَميٍّ يَجعلُ شَخصيَّتَهُ، لها سِماتٍ، و خصائِصَ واضحَةٍ و معروفةٍ، في ذاتِهِ أَوَّلاً، و عند الآخرين ثانياً. و لا يَحسَبَنَّ أَحدٌ، أَنَّ هذا الشَرطُ، يقتصرُ فقطّ، على الاشخاصِ المُلتزمينَ، بخَطٍّ عقائديّ لِدِينٍ مُعيَّن.
أَبَداً … فالموضوعُ مرتبطٌ، بذاتِ الانسانِ و ضميرهِ، و مقدارِ وعيهِ بدوّرهِ الايجابي، الّذي يجبُ أَنْ يَقومَ بهِ، في حياتِهِ و وجودِه، داخلَ دائرةِ مُجتمعه. هذا الدَّوْرُ الايجابيُّ الواعي، المنبَعثُ من كينونَةِ الانسانِ، و ذاتِهِ النَّقيَّةِ، هو الذي يَصنَعُ المواقفَ التَّصحيحيَّةِ، و يُشيرُ إلى مواطنِ الخَطأ، في سلوكياتِ الأفرادِ و الجماعَات. لأنّ هذهِ الذَّاتُ، الّتي تَمتلكُ ضَميراً حيَّاً، لا تَنسَجِمُ مُطلقاً، مع التَّصرفاتِ غيّر المَسؤولةِ، أو الخاطئةِ لأَيِّ إِنسانٍ كان.
و حَسْبَ المفاهيمِ الاسلاميَّةِ، يُطلَقُ على مثلِ هذا الانسانِ، عنوانَ (الانسانُ المُؤمنُ)، و حَسْبَ المعاييرِ الانسانيَّةِ، بمختلَفِ مَشارِبها و موارِدِها، يُطلقُ عليهِ عنوانُ؛ (المُواطنُ الصَّالحُ). و دائماً هذا الانسانُ المُؤمنُ، و المُواطنُ الصَّالحُ، يتركُ كلٌّ مِنهُما، بَصماتٍ واضحَةً، في حياةِ المجتَمَعِ، تَّتَسمُ بالعَطاءِ و تَحقيقِ نَقَلاتٍ، نَحو الأفضلِ، في حياةِ المُجتمع الّذي يَعيشانِ فيه. و هذا العَطاءُ البنَّاءُ، تَتَوضَّحُ صُوَرُهُ بجَلاءٍ و وضُوحٍ، على أَرضِ الواقعِ، عندَما يكونُ الانسانُ المُؤمنُ أو المُواطنُ الصَّالحُ، يَعملانِ في إِطارِ المَسؤوليَّةِ الوَظيفيَّةِ العامَّة.
و لو أَضَفْنَا الى مُواصفَاتِ، الانسانِ الُمؤمنِ أو المُواطنِ الصَّالحِ، اعتباراتٍ روحانيّةً، يَفرِضُها أَيُّ مَنهَجٍ عقائِديٍّ سَماويٍّ صَحيحٍ، أو يَفرِضُها وازِعُ الضَّميرِ النَّقيّ، المُتجذِّرِ مِن حُبِّ الخَيرِ، للذَاتِ و الآخرينَ، نَجدُ هذهِ الدُّفُعاتِ اللامادِّيَةِ، تُسْهِمُ بشكلٍّ كبيرٍ، في رَسْمِ صورَةٍ واضِحَةٍ، لمُجتَمَعٍ مُتوازنٍ يَنعِمُ بعلاقاتٍ مُستقرِّةٍ، تَسُودُ جميعَ مُكوناتِه.
في يومِ الثَالثِ مِن شهرِ رمضانَ المباركَ، المُصادِفُ في 1/7/2014، انعقدَتْ أَوَّلُ جَلسةٍ، لمجلسِ النُوَّابِ العراقيّ، لدورتِهِ الجَديدةِ، و ترأسَ هذهِ الجَلسةَ الدّكتورُ مهدي الحافظ، أكبرُ الأَعضاءِ سنّاً. و تَمَّ أَداءُ اليمينِ الدستوريَّةِ، للاعضاءِ الحاضرينَ، و كانَ عددُهُم (255) عُضواً، مِن أَصلِ (328) عُضواً، بعدَما تغيَّبَ عن حُضورِ الجَلسةِ (73) عُضواً.
كانَ الهدَفُ مِنَ الجَلسَةِ، كما جاءَ في الدِّستورِ العراقيّ، انتخابُ رئيساً للمجلسِ و نائبينِ له، و انتخابُ رئيساً للجمهوريَّةِ، و رئيساً للوزَراء. لتَبدَأَ بذلكَ دَوْرةٌ جديدَةٌ، في الحيَاةِ السِّياسيَّةِ للشَعبِ العِراقيّ المَظلوم. لكنَّ المؤسفَ، أَنَّ مَا حَصَلَ في هذهِ الجَلسَةِ، الّتي قَدَّمَت للعراقيينَ، بدايَةً لا تُبَشِّرُ بما كانَ يَتمَنّى، الشَّعبُ منها. فابتدأَتْ بمهاتَرَةٍ، قامَتْ بها النَّائبةُ عَن التَّحالُفِ الكردي (نجيبة نجيب). حيّثُ خَاطَبَتْ فيها، السيّدَ رئيسَ الوزراءِ، (ما أسمَتْهُ)، برفعِ الحِصارِ عن اقليمِ كردستانَ. و تَناسَتْ هذه النَّائبةُ، عمليَّةَ تهريبِ النَفطِ العِراقيّ، من الاقليمِ بطريقةٍ غيرِ مشروعَة. حتّى أّنَّ هذا النَفطَ المهرَّبَ ابتاعَتهُ اسرائيلُ، عَن طريقِ سِلسِلَةٍ، مِن عَملياتِ البَيعِ، تَمَّتْ مِن ناقِلَةِ نَفطٍ الى أُخرى، بَطريقَةٍ غيرِ مَشروعَةٍ أَيْضاً. و إِنَّ أَموالَ النَفطِ المَسرُوقِ، تُودَعُ في أَحَدِ المَصارِفِ التُركيَّةِ، و هذهِ كُلُّها مُخالفاتٌ دُستوريَّةٌ و قانونيَّةٌ، تَقومُ بها حُكومَةُ الاقلِيم.
و بعدَ مُهاتَرةِ (نجيبة نجيب)، اقترحَ أُسامَةُ النُّجيفيّ، على رَئيسِ الجَلسةِ، باعطاءِ استراحَةٍ للحاضرينَ، لمدَّةِ نصفِ ساعةٍ، لفَسحِ المجالِ أَمامَ الاعضاءِ للتَّداول. لكنْ كانَ هذا المقترحُ، يَستبطِنُ نيَّةَ الخُداعِ و المَكْر. فقَدّ أَعطَتْ هذهِ الخُدعَةُ، المجالَ لأُسامَةَ النُّجيفي، و اعضاءِ قائمتِهِ، و أَعضاءِ التَّحالُفِ الكُرديّ، فُرصَةَ الهروبِ و عدمِ الحَضورِ، عندَ استئنافِ الجلسةِ، بعدَ الاستراحَة. الأَمرُ الّذي أَخَلَّ، بالنِّصابِ القَانونيّ للجَلسَةِ، مما أَدى الى تأجيلِها، الى يَومِ 8/7/2014.
لهذا البَيَانِ، تَكمِلَةٌ في البَيَانِ الرَّمَضَانِيّ الاحِقِ، و الّذي يَحمِلُ الرَقْمَ (3)، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعالَى.
[email protected]