23 ديسمبر، 2024 4:03 م

بي بي سي عربي و”الزنا المقدس”!

بي بي سي عربي و”الزنا المقدس”!

يعود موضوع “زواج المتعة” للواجهة من جديد، مع قيام قناة بي بي سي عربي ببث فيلم استقصائي، يكشف فضائح “زنا” يرتكبها رجال دين في مدن عراقية عديدة، من بينها العاصمة بغداد.
ورغم رفضه اجتماعيا وقانونيا، خلال الفترات التي سبقت عام ٢٠٠٣، حيث كانت تحكم الناس قوانين صارمة تمنع مثل هذه الزيجات، إلى جانب القبلية والعشائرية التي يتمتع بها المجتمع العراقي، إلا إنه تصاعد بعد “تبريره” من قبل مراجع دينية، بعد الاحتلال، لتنتشر على إثر ذلك مكاتب لمؤسسات إيرانية في بغداد وكربلاء والنجف وغيرها من مدن الجنوب، تشجع الرجال والنساء على إقامة هذه العلاقات، مع توفير أماكن لذلك مقابل أجور مالية محددة.

الفيلم الاستقصائي الذي تضمن لقطات تم تصويرها بطريقة سرية، أظهر “رجال دين” يقومون بإبرام عقود زواج “المتعة”، لفترات قصيرة جداً، قد لا تتجاوز الساعة أحياناً، للتمكين من ممارسة الجنس، عبر صفقات مقابل أموال يتلقونها، وكأن الفتيات سلعة تباع حسب نوعها وجودتها ولسن بشراً، كما عرض الفيلم شهادات لفتيات وقعن ضحايا المتاجرة الجنسية التي يعقدها “رجل الدين” مع الزوج الذي يمثل “الزبون”.

وشاهدنا كيف تم استخدام كل الوسائل للمتاجرة بالجنس، بالطريقة التي تمتهن كرامة المرأة وإنسانيتها، من قبل هؤلاء المعممين للوصول إلى أهدافهم الدنيئة. وهو ما يتنافى مع أخلاقيات المجتمع العراقي المحافظ، كما يتنافى مع ما أوصت به كل الأديان السماوية، لا سيما الدين الإسلامي الحنيف من صون وحفظ لكرامة الإنسان من خلال الزواج المتعارف عليه في السنة النبوية الشريفة.

الأمر لم يقتصر على تسهيل حصول “الزوج” على النساء، بل أيضاً على فتيات قُصّر لا يتجاوز أعمارهن التسع سنوات، حيث أظهر الفيلم أن بعض “رجال الدين” يتصرفون كـ”سماسرة”، ويقدمون غطاء شرعياً لممارسات تأتي فيما يعّد “اعتداءات جنسية على القاصرات”، والمقزز في هذا الجانب، أن هؤلاء -رجال الدين- يرشدون الزبون إلى كيفية التعامل معهن، عن طريق لمس الجسد والمداعبة، وعندما سُئل أحدهم عما سيحدث إذا أصيبت الفتاة بأذى، ردَ بكل وقاحة: “الأمر بينكما، ويتوقف على مدى تحمّلها الألم من عدمه”.
ويأتي هذا الإمعان في هذه الممارسات التي لا يقبلها شرع أو عقل، من افتراء معظم المشرعين لهذه الزيجات، بأن “الشريعة الإسلامية تسمح بممارسة الجنس مع الفتيات الصغيرات”، مستندين على روايات لم يُتحقق منها.

المؤسف في بلد مثل العراق، ضعفت فيه هيبة القانون منذ عام ٢٠٠٣، وابتعاد الكثير عن القيم الموروثة الأصيلة، فسح المجال للقيام بمثل هذه الممارسات غير المشروعة، حتى بلغت انشاء بيوت للدعارة والترويج لها، باستدراج الكثير من النساء، وهذا ستكون له تداعيات سلبية خاصة مع وجود ملايين النساء الأرامل والمطلقات في المجتمع العراقي، اللواتي لا معيل لهن ولا راع، مما يجبرن على مثل هذا السلوك بتشجيع بعض رجال الدين، الذين لا يتورعون عن المضي بهذا الانحدار الأخلاقي والقيمي.