لعلكم تتذكرون ما جرى للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتون في نهاية القرن الماضي حينما اعترف علناً بأنه كذب على شعبه، وأنه حقاً كان على علاقة غير شرعية مع موظفة البيت الأبيض مونيكا لوينسكي. ولسنا الآن بصدد هذه العلاقة طبعاً، ولكن ما يهمنا حقاً المأثرة التي سجلها كلنتون في صالح الشعب الأمريكي حين أخبر الصحفيين أمام المحكمة الدستورية العليا أنه لم ينم ليلته الماضية خوفاً من رهبة القضاء، لا من الفضيحة. ومعلوم أيضاً أن أول كلية أسست في العراق هي كلية القانون في بداية القرن العشرين، ناهيك عما جاء به عمنا الأول حمورابي في مسلته التي لا نعرف مصيرها اليوم. ويبدو أن القضاء العراقي اليوم يخطو خطوات ماراثونية حتى أنه لم يعط الفرصة لرئيس البرلمان بأن يخبر الصحفيين عن أرقه احتراما للقضاء وخوفاً من هيبته، فقد دخل الرجل إلى المحكمة يبتسم، وخرج منها بعد دقائق يضحك، فأضحك كل العراقيين. وليس مطلوباً اليوم من رئيس البرلمان أن يحرق الثوب الأزرق أمام العراقيين ليثبت براءته، أو حتى أن يذرف دمعة كاذبة على الأطفال الذين ذهبوا فدية للطبيب الأريب جاسب ووزيرة الصحة، فالذي لا يستحي يفعل ما يشاء، بلا حسيب أو رقيب.
والسؤال المطلوب هنا ماذا سيفعل العبيدي؟ والجواب ما عليه إلا أن ينتظر، فما هي إلا أيام حتى تسقط قبة البرلمان على الرؤوس، لا محالة. فصدام نفسه كان الصديق الأريب لبوش، وكلاهما يعرف صاحبه أحسن مما يعرفه كل العراقيين، لكن ما جرى كان بحكمة السماء، ولسنا قدريين فيما نقول. ستتحول ضحكة رئيس مجلس النواب إلى بكاء مر، لو أسعفته الفرصة للبكاء، وسيضحك العبيدي والعراقيون طويلاً، ملْ أشداقهم. لكن لا ينتظر أحد من العراقيين أن يسمع كلمة أسف من أي منهم. لن يعترفوا بشيء، ذلك لأن الكراسي قد زحزحت، ووقفوا عراة.
لم تسجل المزابل التاريخية يوماً كلمة اعتراف واحدة
وذكّر إن نفعت الذكرى…