23 ديسمبر، 2024 1:14 م

بين كابوتشى و اوردغان ، بين الاصل و الصورة

بين كابوتشى و اوردغان ، بين الاصل و الصورة

هيلاريون كابوتشى ، هذا ليس مشعل واردوغان والقرضاوي والغنوشي وغنيم وملوك وأمراء وشيوخ بول البعير وتجار القضية والدين… هذا هيلاريون كابوتشي المطران الحلبي السوري الفلسطيني الذي مد المقاومة بالسلاح وسجن وتم نفيه الى روما ومات فيها بالوجع وهو يحلم بالرجوع الى فلسطين ووضع الكحل في عينيه على ابواب الناصرة… لروحك السلام ايها الاب العظيم في الذكرى الاولى لرحيلك…. هكذا كتب أحد الاصدقاء على جدار صفحته ، طبعا هناك فرق كبير بين الخونة و المناضلين الاحرار و بين الاصيل و التابع و بين بائع الضمير و نصير القضايا العادلة ، لذلك سنطل على المتابع الكريم بالسؤال التالى : ماذا قدم السيد رجب طيب أوردغان للقضية الفلسطينية من ملموس ؟ المساندة المعنوية و الشعارات ؟ فى هذا هل يختلف الرجل عن بقية الحكام العرب ؟ إذا نعيد السؤال بشكل آخر : ماذا استفادت القضية الفلسطينية من مساندة و شعارات الرئيس التركى ؟ بطبيعة الحال لا شيء لان بقية الحكام العرب قدموا نفس الاسناد و نفس الشعارات تقريبا ..و نسأل مرة أخرى بإلحاح شديد : لماذا اصرار البعض على أن السيد رجب يختلف عن الاخرين و مساندة و شعارات السيد رجب تختلف عن المساندات و الشعارات السابقة ، طبعا المسألة لا تتعلق بقناعة مبنية على معطيات ثابتة بل مسألة اصطفاف ايديولوجى بحت بين الاخوان .

المطران كابوتشى كان رجلا مناضلا و مدافعا عن الحق ، لذلك لم يلتجئ للشعارات و لا للمساندة الفضفاضة و لا للخطب الرنانة بل اكتفى بالنزول الى الشارع مع الشعب الفلسطينى و تحمل مواجهة القوات الصهيونية و غطرستها و سجن بعد أن سعى الى تقديم السلاح للمناضلين الفلسطينيين فى حين شح الدعم الخليجى و العربى بهذا الدعم المطلوب للوقوف و للرد على العدوان ، أيضا لم يستغل الرجل وسائل الاعلام لتلميع صورته كما يفعل السيد رجب منذ صعوده الى الحكم بل أدار الكاميرا لتصور مأساة الشعب الفلسطينى و معاناته اليومية و ما تنفذه سلطة الاحتلال من اعتقالات و ضرب للحريات اضافة الى الاستيطان و بناء المستوطنات و الاعتداء على المقدسات و اهمها القدس تحديدا ، لم يحتج المطران كابوتشى للخطب و الكلام المنمق لينقل واقع الشعب الفلسطينى للعالم بكل تضاريسه التى تتحدث عن مظلمة القرن و ما سمى بالتغريبة الفلسطينية ” ، لذلك اعتبر الاحتلال ان الرجل يمثل خطرا على الوجود الصهيونى و كان عليه اسكات هذا الصوت بالإبعاد تماما كما يفعل مع كل الاصوات الفلسطينية الرافضة للاحتلال .

رجب طيب أوردغان لم يكن رجلا شجاعا و لا مناضلا و لا مدافع عن الحق كما يظن بعض المتابعين ، لذلك التجأ للشعارات الرنانة و الخطب العنترية ، و على حد علمنا لم تأخذ اسرائيل منذ انبعاثها بهذه الخطب و الشعارات و لم تعرها اهتماما ، اسرائيل قوة استعمارية لا تكترث بالشعارات و الخطب لكنها تقف بعين المتابع النبيه تجاه كل قائد عربى يخطط و يعد العدة من السلاح و العتاد و المهارات و الخبرات و ينفذ ، هذا ما حصل دائما مع سماحة السيد حسن نصر الله و مع حزب الله بالتحديد ، ليس غريبا فى هذا السياق ان تتحدث وسائل الاعلام الصهيونية عن مراكز الرصد و البحث و المتابعة و التحليل التى اعدتها اسرائيل لفهم ما يحدث فى لبنان و فى عقل سماحة السيد و ما تدبره المقاومة اللبنانية ، هكذا تعبر اسرائيل الاستعمارية عن الاهتمام و هكذا نفهم اهمية القيادات السياسية التى تأخذها اسرائيل بعين الاعتبار و تعد لها ما استطاعت من قوة على كل المستويات لمواجهتها ،ليطرح السؤال مجددا ، هل اقامت اسرائيل مراكز دراسات و بحث و خصصت للرئيس التركى مساحة تعبر فيها عن اهتمامها بخطره المحتمل على وجود اسرائيل ، بالطبع اسرائيل لا تهتم بالرئيس التركى و لذلك أذلت سفيره و قتلت ابناءه على سفينة ” مرمرة ” فى تلك الحادثة الشهيرة فى موقف بالغ الاستفزاز للدولة التركية .

الزعماء و الاحرار لا يموتون و فى حين لا يزال الشعب الفلسطينى يتذكر بكثير من الاسى فقدان المطران كابوتشى فان السيد رجب أوردغان لا يلاقى لدى الفلسطينيين و لدى اغلبية الشعوب العربية نفس الاهتمام و نفس الاحترام ، نحن لا نفهم كيف يسعى الرجل الى تطويق مصر بالاتفاق مع السودان و لا نفهم كيف يقف مع جزء من الشعب التونسى ضد جزء اكبر اخر و لا نفهم هذا السعى المحموم للوقوف مع قطر ضد السعودية و الامارات و لا نفهم سر هذه اللغة العنيفة ضد القيادة العراقية و هذا السعى المحموم لضرب وحدة الدول الخليجية بأتباع سياسة فرق تسد ، ان الحالة العربية اليوم لا تحتاج الى شخص يبحث عن مزيد تقسيم و تفتيت الدول العربية بل عن قائد مصلح يسعى لوئد المؤامرات الغربية و فى هذا السياق نحن لا نفهم سر اصرار الرئيس التركى على انشاء قواعد عسكرية تركية فى قطر لان السؤال سيطرح بقوة ، الى من سيوجه الرئيس التركى مدافعه من قطر ، هل ينوى سيادته ضرب اسرائيل مثلا ؟ هل ينوى “اقلاق ” راحة المارينز القابعين فى قاعدة العيديد القطرية مثلا ؟ أم أنه يريد حماية العرش القطرى الايل للسقوط من بعض الرياح السموم السعودية التى تنذر بعواقب وخيمة ، لعل الشعوب العربية اليوم قد كشفت المستور و تبينت من بعض الحقائق و هى تعلم اليوم أنه شتان بين كابوتشى و أوردغان ، بين الاصل و بين الصورة ..