والقازوغ هو خشبة مدببة الطرف كانت تستعمل للتعذيب، فيقولون: (افلان قوزغوه، اي اجلسوه على القازوغ )، ويحكى في هذا ان شابا كان يتعشق ابنة السلطان، فسمع السلطان بذلك، فأمر بنصب عدة قوازيغ حول القصر، وامر الحرس ان يظفروا بالشاب ليجلسوه عليها، وفعلا مسكوه ووضعوه فوق اول قازوغ، فطلب من الحرس ان ينقلوه الى القازوغ الثاني، فنقلوه وبعد فترة طلب منهم ان ينقلوه الى قازوغ آخر،فسألوه عن سبب تنقله فقال: بين قازوغ وقازوغ راحة، وهذا يضرب لأرتياح الانسان بين تعذيبين، وهكذا انتهت الراحة التي اعطتها الولايات المتحدة للعراق وسيأتي القازوغ قريبا، قازوغ الثمانينيات كان الحرب مع ايران، وقازوغ التسعينيات احتلال الكويت والحرب على العراق، لتنجب الحصار الاقتصادي، بعدها جاء كخاتمة لقوازيغ المرحلة قازوغ اسلحة الدمار الشامل، وكانت حرب 2003 وسقوط النظام العراقي، مع جبروته على ابناء الشعب ليأتي بعده اللانظام العراقي مع سنوات الفرقة والقتل والتهجير، والعراقيون في تنقلهم بين هذه القوازيغ يظفرون بشيء من الراحة والهدوء، او يحاولون في هذه الفترات اي فترات الراحة انجاز جسر لايفتأ ان يخرج من الساحة بمواصفات مليئة بالغش والفساد، او يناقش اثناء راحته ايجاد بدائل للكهرباء كالمولدات الاهلية مثلا .
الحكومة في العراق نايمه ورجليها بالشمس، لم تعط للأكراد مايريدون واختلفت معهم على اربعة مليارات دولار، ولم تسو خلافاتها معهم فخلقت عدوا في الشمال، ومن جهة اخرى قام رئيس الوزراء بتجميع اخطاء السياسيين ظنا منه ان هذا الاسلوب هو اسلوب مثالي في تطويع الخصوم، ولم يدر بخلده ان هذه الملفات ربما استخدمت ضده بصفته رئيسا للحكومة، والداهية الاكبر انه وضع القوى العلمانية في زاوية ضيقة، ولم يحاول ان يأتلف معها بكتلة او كيان على الاقل لكسب تأييد المثقفين الذين استوعبتهم الصحف والفضائيات واغرتهم بنهج المالكي الديني وباموال ضاعفت خلالها من هجمتهم على الحكومة، في حين وقف رئيس الوزراء كالمتفرج وهو يحسب ان الصمت في مواقف كهذه مفيد، وبدأ يلوح بملفاته الساخنة، واضاف اليها واحدة اخرى هو التهديد بحكومة الأغلبية ما ادى الى امتعاض الوزراء وقلقهم، فأخذوا يستقيلون تباعا وهو يتفرج على بنية الدولة مخربة بالكامل ولايفعل شيئا سوى التهديدات والوعود والشكوى من الكتل الاخرى.
هذه السياسة ليست سياسة دولة ولاتمتلك برنامجا واضحا، ربما تصلح ان تكون سياسة لأدارة فريق كرة قدم مثلا، او لادارة عشيرة، (فلان مايقبل يدفع فصل اكسروا عصاته وذبوه من العشيرة)، لكن دولة بمؤسسات ومسؤوليات وشعب كانوا يقولون عنه انه مفتح باللبن ، فهذا غير وارد، بعض الاحيان اشعر ان جميع امور الدولة العراقية ارتجالي ولايرقى الى التخطيط والجهد والتعب،مشورات مقربين واحاديث ليل يبني عليها المالكي قراراته وانتهى الامر، وهذا ما أوصلنا الى هذه المرحلة ولنعود منها الى مرحلة سابقة هي مرحلة القوازيغ، ولكن هذه المرة سيكون القازوغ معدا مسبقا ومهيئا تهيئة جيدة ليدفع الشعب ثمن اخطاء المالكي وفشله في استيعاب خصومه من الكتل الباقية، ناهيك عن الكتل والتيارات التي تحالفت معه وكانت تعمل بالسر لاسقاطه سرا او علانية.
عسى اننا نرتاح راحة اخيرة قبل الانتقال الى القازوغ الآتي، وعسى لاميركا والدول المحيطة بالعراق ان تتريث قليلا قبل ان تضع القازوغ، وعلى ما اعتقد فهو القازوغ الاخير ليعرف بعدها كل حجمه الطبيعي ويجلس ويستقر كما يقول الشاعر:
فألقت عصاها واستقر بها النوى………. كما قرَّ عيناٌ بالاياب المسافرُ