بعيدا عن كل المجاملات والدبلوماسيات والتصريحات والأحاديث التي نسمعها من الكثير من المسؤولين والسياسيين ومن النواب عبر وسائل الأعلام وفي الندوات والمؤتمرات واللقاءات التي تجريها الفضائيات والضيوف الذين يحظرونها على أختلاف مللهم ونحلهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية وأنتمائاتهم الدينية والطائفية ، ( بأنهم ينبذون الطائفية ويكرهونها!) ، فتلك أقوال ولا يزكي الأنفس!! ألاّ الله عز وعلا ، لأن الحقيقة التي يعرفها الجميع والواقع الذي نعيشه ، يقول غير ذلك تماما! ، حيث أن العراق أصبح من بعد الأحتلال بلداً طائفيا بأمتياز!! ، وتلك حقيقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ولا يمكن نكرانها أو القفز عليها . كما لا يمكن وفي كل حال من الأحوال ، أن ننكر بأن أعداء العراق سواء أكانوا في الداخل أم في الخارج ، نجحوا الى حد كبير باللعب بهذه الورقة الصفراء بكل سمومها وشرورها ، حتى أستطاعواالتأثير على وحدة الصف الديني والمذهبي في العراق وأصابوا جداره الديني المتنوع والجميل (حيث كان يطلق على التنوع الديني والطائفي والقومي والمذهبي والعشائري بشدة الورد!) ، بالكثير من التصدع والتشوه!! ، بعد أن تركوا الكثير من الأثار السيئة عليه . وحقيقة من الصعب نسيان وترميم ذلك الفراغ الكبير التي أحدثته تلك الفرقة من جراح عميقة في النسيج الأجتماعي والديني! ، ولا زال أعداء العراق من الداخل والخارج ، يعملون في أثارة الفتن والنعرات الطائفية من خلال وعبر وسائل الأعلام المختلفة! .ولو أننا الآن في حال أحسن بكثير بالمقارنة مع سنوات الجمر الطائفية الرهيبة التي مرت على العراق ( 2005 –2006 ) ، ألا ان الأمرلا يطمأن حقيقة!! ، فلا زالت نار الحقد الطائفي تتقد تحت رماد تلك السنوات في قلوب الكثيرين من الجهلة والأميين ومعهم ومع الأسف ممن يدعون الثقافة والمعرفة وهؤلاء هم الأخطر على المجتمع! .فالعراق ومنذ الأحتلال يعيش رهان الحرب الطائفية التي لا زال يقرع طبولها ويوقد نارها أعداء الله والأسلام والوطنوالشعب العراقي . وعندما أخترت هذا العنوان لمقالي ( بينعمر وعلي) ، لم أقصد أن هذا شيعي وذاك سني ! ، كما سيفهم الكثير من السذج والأميين والجهلة وأنصاف المتعلمين وحتى من يحسبون أنفسهم من المثقفين!! ، بل (( لأن عمر وعلي هم من شيعة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام في الأول والأخر، وهم من أتباعه وموضع ثقته وصفوته المختارة مع أبي بكر وعثمان رضوان الله عليهم جميعا ، بأمر من الله عز وعلا)) . لقد أنتهج اليهود منذ فجر التاريخ سياسة الدس والوقيعة بين الشعوب والأمم بكل أطيافهم لتحقيق مآربهم ومصالحهم وأطماعهم التي لا حدود لها ، ولقد كان لهم دورهم الخبيث منذ فجرالرسالةالمحمدية العظيمة ، في كل ما حيك من مؤامرات ضد شخص الرسول العظيم (ص) ورسالته السماوية وضد أتباعه وصحبه الكرام من المهاجرين والأنصار ، وقد باءت كل خططهم وفشلت كل دسائسهم بعناية الله سبحانهوتعالى وبرحمته ، وأيضا بوعي وأدراك هذه الصفوة الألهيةالمختارة . وتحكي كتب التاريخ والأسفار أنه وفي زمن ليس ببعيد ألتقى الحبر الأكبر لليهود مع بعض الكهنة ليتداولواويتشاوروا في أمورهم وما هي السبل لأدامة شجرتهم الخبيثة بعد أن تغيرت الأحوال وتبدلت الظروف فأشار أليهم قائلا (( لقد حاولتم تحريف القرآن ففشلتم ، وحاولتم تبديل القبلتين فبئتم بالفشل أيضا، فأجابوه ومع العمل أذن فقال : عليكم بالدسيسة بين المسلمين وأيقاع بعضهم ببعض وأثارة النعرات الطائفية بينهم ، فانها السبيل الوحيد لتدمير كيان الأمة الأسلامية والمسلمين في كل بقاع الأرض وتحقيق أحلام اليهود!)) ، الى هنا أنتهى ماقاله الحبر الأكبر لليهود . نعود بالقول : أن العراق ومنذ الأحتلالالأمريكي والبريطاني الغاشم ، يمر بمخاض صعب وعسير، وخاصة بعد أن ظهرت على سطح الأحداث التي جرت وتجري بالعراق منذ 2003 ولحد الآن الغلواء الطائفية، والتعصب المذهبي الأعمى ، بأخطر صوره وأشكاله ، وفي الحقيقة أن كل شيء مقدورعليه ألا هذه الورقة الصفراء وفتنتها التي لعن الرسول العظيم محمد (صلعم) كل من يوقضها! ، ولا بد للجهود الخيرة والأنسانية للطيبين وعقلاء القوم من المراجع العظام أن تتظافر أكثر وأكثر لوئدهاوأطفاء غلوائها . وفي مرة سألوا الأمام الصادق (ع ) عنمعنى التعصب فأجاب ( هو أن ترى شرار قومك أحسن من خيار قوم آخرين !) . وفي الحقيقة أن الخوف ليس من المرجعيات العليا الدينية بكل أطيافها ومللها ونحلها لكونهم عرفوا بالتعقل والأعتدال والأبتعاد عن العصبية والأصطفافمع الحق وتقديم النصيحة بذلك ، أن الخوف كل الخوف يكمن في بسطاء الناس والسذج والأميين والجهلة منهم ،الذين جعلوا من الدين مضغة بأفواههم وراحوا يتصرفونويصرحون ويفرقون حسب أهوائهم وأمزجتهم ونفوسهم المريضة وغوغائيتهم العمياء دون أي فقه أو علم في الدينومعرفة بالتاريخ!! . وسأذكر هنا شيء بسيط مما ذكرته كتب السير والأحاديث عن العلاقة الأخوية والحميمية والقوية الصادقة ، وعن مدى حب وتآلف وتصاهر وتماسك الصحابة الكرام وخاصة الخلفاء الراشدين (رض) بعضهم ببعض ، لكونهم الصفوة الألهية المحمدية العظيمة التي أختارها الله عز وعلا لتكون سندا للأسلام والمسلمين ولرسوله العظيم محمد (ص) . فقد نقلت لنا تلك السير، أن الأمام جعفر الصادق (ع ) قال : أن أبي بكر الصديق (رض) ، قد ولدني مرتين! حيث أن أم فروة ، وهي والدة الأمام جعفر الصادق (ع) ، هي بنت القاسم أبن محمد أبن ابي بكر الصديق (رض) ، ويعود نسب والدتها الى عبد الرحمن أبن أبي بكر الصديق (رض) ، ويذكر لنا التاريخوكتب السير، ما أصاب الأمام علي (ع ) من غم وحزن كبير عندما سمع بنبأ أستشهاد محمد أبن ابي بكر الصديق (رض) ، حيث قال (لقد فقدنا حبيبا لنا) ، حيث كان محمد أبن أبي بكر الصديق من أقرب الرجال للأمام علي وأكثرهم أخلاصا وحبا له . وقد تجلت تلك العلاقة في أبهى صورهاوأعظمها وأصدقها بين الصحابة الكرام (رض) في مواقف كثيرة ، فها هو أبي بكر الصديق وعمر وعثمان (رض)يذهبون مسرعين فرحين الى السوق لبيع درع وسيف الأمام علي (ع) ليكون مهرا لفاطمة الزهراء (ع ) ، وليقوموا هم بتجهيز بيت الزوجية البسيط للأمام علي (ع). وفي قصة أخرى من روائع التماسك الروحي والأنصهار الوجداني بين الخلفاء الراشدين عليهم جميعا أفضل السلام ، هو في طلب الخليفة العادل عمر بن الخطاب (رض) مصاهرة الأمام علي (ع ) من أبنته (ام كلثوم) ، لتكون زوجة له في حب وشوق وفرح كبير لا مثيل له ، وكذلك تجلى ذلك الحب والتآلف الروحي بين الخلفاء الراشدين (رض) ، أنهم ومن فرط محبتهم لبعظهم البعض ، كان كل واحد منهم يسمي أبنائه بأسماء الخلفاء (رض) ، حيث يذكر أن الأمام علي(ع) ، سمى خمسة من أبنائه بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان (رض) . هكذا كانت العلاقة بين هذه النخبة والصفوة الطيبة الألهية المختارة ولا عجب في ذلك فهم التلاميذ الأوائل للمدرسة المحمدية العظيمة والرسالة السمحاء التي تؤكد على الحب والأخاء والمساوات ونبذ الخلافات والفرقة . أخيرا نقول : فعلينا نحن المسلمون أن ننهل من فيض وعلم وأخلاق هذه المدرسة ما أستطعنا الى ذلك سبيلا ، أن كنا مسلمين ومؤمنين صادقين ، وليس فقط بالأسم!.