قد يستغرب الكثير من القراء هذا العنوان, وقد يُنظر إليه على أنه جامع لنقيضين في كل شيء!السيد عمار الحكيم, كرجل دين, ينحدر من عائلة علمية دينية فقهية, خدمت الدين والمذهب على مدى عقود طويلة وممتدة, وجعلت من إعلاء منظومة الأخلاق الدينية الإلهية, شعارا وهدفا استراتيجيا لها, حاولت زرعه في نفوس أبنائها جيلا بعد جيل, وبذلت من أجله الغالي والنفيس, من الدماء والأموال؛ ومن ناحية سياسية, كذلك للسيد عمار الحكيم رصيد عائلي, في مجال ممارسة العمل السياسي, إن كان على صعيد مقاومة المحتل (كجده الإمام محسن الحكيم مع الإنكليز) , أو على صعيد التأسيس للأحزاب الإسلامية, التي حاولت وضع نظريات إسلامية شيعية للحكم, ومساهمات عمه السيد الشهيد مهدي الحكيم كمثال على ذلك. أما من ناحية الجانب الممارساتي للعمل السياسي (السلمي- المدني), نجد أن السيد عمار الحكيم نفسه, مثل صوتا نموذجيا مهما للاعتدال, في التجربة السياسية المعاصرة في العراق, بعد سقوط الطاغية, محاولا في كل نشاطاته, أن يثبت مفهوم أهمية تكوين دولة عصرية عادلة, يكون القانون هو الحكم والحاكم فيها على الكل, من أعلى هرم في الدولة, إلى أدنى هرم فيها. الطرف الثاني من المعادلة, وهو النائب البرلماني كاظم الصيادي, والذي مثل نموذج للإنسان البسيط في العمل السياسي, الذي لا يمتلك إرثا عائليا ولا جهاديا ولا علميا ولا دينيا, بل كان يمثل البساطة في كل مفاهيمها, مكنته آلية الوصول الحزبي والسياسي والعشائري, من الصعود إلى أعلى كرسي سياسي في البلد, وهو كرسي السلطة التشريعية, والذي يمثل أعقد وأهم وأصعب قسم, من أقسام الممارسة السياسية, في الدولة المعاصرة؛ فقد تميز في مجمل عمله وممارسته السياسية, بالفوضوية في التعاطي والتفكير, وفوضوية في ردات الفعل, وفوضوية في احترام المجال الذي يمثله, ويعمل فيه كممثل للشعب! من المفترض أن ما يجمع النموذجين, هو أنهما يمثلان جانبا من رجل السياسة في العراق, وإن كان هناك إختلاف وفرق شاسع بينهما! وفي الجانب الثاني, من المفترض أن يكونا خاضعين للمنظومة القانونية الحاكمة في البلد, والتي تبين من خلال حادثة أبو كلل, أن السيد عمار الحكيم أكثر إحتراما وإلتزاما بها من الصيادي؛ واللطيف في الموضوع (وهو محل الشاهد في المقال), أن كاظم الصيادي جاء إلى السيد الحكيم خاضعا, صاغرا منكسرا ذليلا, ومعه جمع من شيوخ العشائر والوجهاء, لكي يتدخل سماحته من أجل التنازل عن الدعوة القضائية (القانونية!) التي رفعها أبو كلل ضد الصيادي وحمايته. كاظم الصيادي على الرغم من كونه سياسي, في أعلى مؤسسة رسمية في البلد, وعلى الرغم من شراسته وصلابته, وانتمائه لحزب قوي, إلا أنه خضع للقانون, بسبب إرتكابه هو وحمايته, خطأ يحاسب عليه القانون! (العِبرَة من الموضوع): الهجوم الإعلامي المضلل الموجه ضد السيد الحكيم, والتهم التسقيطية الباطلة والمُضَلِّلَة الموجهة ضده, لو كان هناك ما يثبت قانونا صحتها, لوجدت السياسيين الموجودين في العملية السياسية, أول من يطارد السيد الحكيم قانونيا من أجل مقاضاته, كما فعل (السياسي) عمار الحكيم, بــ(السياسي) كاظم الصيادي!