20 ديسمبر، 2024 3:01 ص

بين ضريح علي وخربة معاوية

بين ضريح علي وخربة معاوية

المقامات والاضرحة شاهد التاريخ على التاريخ البراق وفضح تاريخ النفاق ، يقولون لماذا الشيعة تهتم بالاضرحة والعتبات والمقامات ؟ بالاضافة الى ما اغدق الله عز وجل عليها من البركات وعطر النسمات وفيض الرحمات ولا ترد الدعوات فانها تاريخ لا يقبل التزوير وعلى ذلك من الشواهد الكثير الكثير

شاهدنا في مقالنا المختصر هذا الشاعر الدكتور محمد المجذوب السوري (1907 ــ 1999) هو داعية وأديب سوري ولد في بيت متدين لأسرة تعمل في التجارة، ولها صلة بعلوم الدين واللغة العربية. تلقى دراسته الأولية في الكتاب، ثم في مدارس الدولة العثمانية، ثم على الشيوخ ومنهم عمه الشيخ عبد الله المجذوب. شارك في النضال ضد الفرنسيين، وتعرض للسجن والمطاردة والاضطهاد مع إخوانه المناضلين. وفي سنة 1936م، بدأ عمله في سلك التعليم في سورية، ثم هاجر إلى المدينة المنورة سنة 1383هـ، حيث عمل مدرساً بالجامعة الإسلامية إلى نهاية سنة 1403هـ، حيث تقاعد وبقي بالسعودية حتى سنة 1996 حيث عاد لمسقط راسه حتى وفاته.

زار النجف وراى قبة ومنارة الامام علي تعانق السماء والناس تطوف حوله وتلهج بالدعاء، وهو في ذهوله لما راى رحل عقله الى الشام ليذكره بخربة يقال عنها قبر معاوية فاستذكرت خواطره لتؤلب مشاعره فانطلق قلمه بقافيته الدالية ليقارن بين ما جنى علي وما خسر معاوية فخاطب معاوية اولا قائلا :

أين القصور أبا يزيد ولهوها والصافنات وزهوها والسؤددُ

أين الدهاء نحرت عزته على أعتاب دنيا زهوهـا لا ينفدُ

آثرت فانيها على الــحق الذي هو لو علمت على الزمان مخلدُ

تلك البهارج قد مضت لسبيلها وبقيت وحـدك عبرة تتجـددُ

هذا ضريحك لو بصرت ببؤسه لأسال مدمعك المصير الأسودُ

كتل من الترب المهين بخربـةٍ سكر الذباب بها فراح يعربدُ

خفيت معالمــها على زوارهــا فكأنها في مجهــل لا يقصــدُ

والقبة الشمـاء نكس طرفهــا فبكـل جزء للـفناء بها يدُ

تهمي السحائب من خلال شقوقها والريح في جنباتها تــترددُ

وكذا المصلى مظــلم فكأنه مـذ كان لم يجتز به متعبدُ

أأبا يزيد وتلك حكــمة خاـلق تـجلى على قلب الحكيم فيرشدُ

أرأيت عاقبة الجموح ونزوة أودى بلبك غّـيها الترصـدُ

تعدوا بها ظلما على من حبه ديـن وبغضتــه الشقاء السرمدُ

ورثت شمائــله بــراءة أحمد فيكاد من بريـده يشرق أحمدُ

وغلـوت حتى قد جعلت زمامها ارثـا لكل مدمم لا يحمدُ

هتك المحـارم واستباح خدورها ومضى بغير هـواه لا يتقيدُ

فأعادها بعد الـهدى عصبية جـهلاء تلتهم النفوس وتفسدُ

فكأنما الإسلام سـلعة تــاجر وكأن أمـته لآلـك أعبدُ

فاسـأل مرابض كربلاء ويثرب عن تـلكم الـنار التي لا تخمدُ

أرسلت مارجــها فــماج بحره أمــس الجدود ولن يجّنبها غدُ

والزاكيات من الدماء يريقها باغ على حرم الـنبوة مفسدُ

والطاهرات فديتهن حواسرا تنــثال من عبراتهن الأكبدُ

والطـيـبـيـن من الصغار كأنهم بيض الزنابق ذيد عنها الموردُ

تشــكو الظما والظالمون أصمهم حقد أناخ على الجوانح موقدُ

والذائدين تبعثرت اشلاؤهم بدوا فثمة معصم وهنا يدُ

تطأ السنابـك بالظغاة أديمها مثـل الكتاب مشى عليه الملحدُ

فعلى الرمــال من الأباة مضرج وعلى النـياق من الهداة مصفدُ

وعلى الرماح بقّــية من عابـد كالشمس ضاء به الصفا والمسجدُ

ان يجهش الأثــماء موضع قدره فلقــد دراه الراكــعون السّجدُ

أأبا يزيد وساء ذلك عـثرة ماذا أقول وباب سمعـك موصدُ

ثم نادى على معاوية ليرى النجف

قم وارمق النجف الشريـف بنظرة يرتد طرفك وهو باك أرمدُ

تلك العظــام أعز ربك قـدرها فتــكاد لولا خوف ربك تعبدُ

ابدا تباركــها الوفود يحثــها من كــل حدب شوقها المتوقدُ

نازعــتها الدنيا ففزت بوردها ثم انقـضى كالحـلم ذاك الموردُ

وسعت إلى الأخرى فخلد ذكرها في الخالديـن وعطف ربك أخلدُ

أأبا يزيد لتــلك آهة موجع أفـضى اليك بها فؤاد مُقصدُ

أنا لست بالقالي ولا أنا شـامت قـلب الكريم عن الشتامة أبعدُ

هي مــهجة حرى اذاب شفافها حزن على الإسلام لم يك يهمدُ

ذكرتـها الماضي فهاج دفينها شمل لشعب المصــطفى متبددُ

فبعثته عتــبا وان يــك قاسيا هــو في ضلــوعي زفرة يترددُ

لم اســتطع صــبرا على غلوائها أي الضلــوع على اللضى تتجلدُ

لقد ﺗﺠﺎﻫﻞ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻤﺠﺬﻭﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ. ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺸﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ (ﻧﺎﺭ ﻭﻧﻮﺭ) ﺍﻟﻤﻄﺒﻮﻉ ﺳﻨﺔ ٧٤٩١، ﻭﻻ ﻓﻲ ﺩﻳﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ (ﻫﻤﺴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﺐ) ﺍﻟﻤﻄﺒﻮﻉ ﺳﻨﺔ ٠٧٩١ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻧﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻬﺎ ﺳﺎﻣﺤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻊ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﺻﺪﻕ ﻗﺼﻴﺪﺓ ﻗﺎﻟﻬﺎ، هذا ما اكده الاستاذ هاشم عثمان في كتابه مزارات ومقامات ال البيت في الشام.

أحدث المقالات

أحدث المقالات