في اليوم الذي سقط فيه نظام بشار الأسد بدء العراقيين المقارنة بين الظلم الذي مارسه بشار مع شعبه وبين الظلم الذي تعرضوا له من قبل نظام صدام
وكيف تعامل الاعلام العربي مع سقوط نظامين قد روعوا شعوبهم
مع الاخذ بنظر الاعتبار ان النظامين انبثقوا من فكر سياسي واحد والذي يتمثل بحزب البعث العربي الاشتراكي
سقوط نظام بشار افرز كم كبير من التناقضات والتي ظهرت لدى المجتمع العراقي والسوري على حد سواء
ففي العراق بعض الفئات المتحيزه لنظام البعث العراقي لم تتحيز الى نظام البعث السوري والسبب واضح ويرجع لخلافات قديمه في اصل الحزب … فحزب البعث في العراق وسوريا قد اتخذوا طرقا مختلفه في طريقة صناعة حلفائهم وكذلك مصالحهم الاقليميه ويمكن الرجوع الى التاريخ لمعرفة عمق هذا الشرخ الذي حصل داخل الحزب ولكن تبقى القاعدة المشتركة في الحزب هي طريقة تعاملهم مع شعوبهم والتي لا يختلف عليها اثنان خاصة فيما يتعلق بطريقة القمع التي مارسها الحزب في البلدين
التعاطف مع سوريا جاء في الاعلام العربي بسبب التحالفات التي صنعها نظام بشار مع ايران وروسيا ومع محور المقاومه
وقبول ايران ومحور المقاومة للبعث السوري كحليف في المنطقة جاء من منطلق المصلحة التي تتطلبها القضية التي تتبناها ايران ومحور المقاومة
عند فهم هذه المعطيات سنعرف لماذا العالم العربي تعاطف مع الشعب السوري عندما اسقط بشار ولم يتعاطف مع العراق عندما سقط صدام
وسائل الاعلام العربية أظهرت سقوط بشار الأسد كسقوط الظلم
واظهرت سقوط صدام كسقوط بغداد بيد المغول هكذا تعامل العالم العربي
وبين سقوط النظامين اخفى العرب مظلومية العراقيين واظهر مظلومية السوريين
لا ننسى ان مشهد سقوط النظام في العراق كان برعاية امريكيه وبشكل علني وبطريقة عسكرية بحته
يقابله سقوط النظام في سوريا كان بمشهد عسكري ثوري على الرغم من وجود دور تركي استطاع الاتراك ان يكونوا فيه خلف الكواليس وذلك لاعطاء شعبيه وزخم شعبي لهذا التغيير
ولكن فعليا هل كان المجتمع العربي سيقبل ان يسقط نظام صدام عن طريق ثورة شعبيه
وللاجابة عن هذا السؤال يجب الرجوع في التاريخ الى الثالث من اذار عام 1991 وهو تاريخ اندلاع ثورة شعبية في عموم العراق شملت 14 محافظة عندما خرجت الأمور عن االسيطرة وفقد النظام سلطته في هذه المحافظات وبات سقوطه وشيكا لو لا تدخل الأطراف الدوليه الخارجيه والتي من ضمنها دول عربية قد تضررت من نضام صدام وحملت هذه الاضطرابات عنوان شعبي واحد وهو اسقاط نظام صدام وكانت انتفاضه شعبيه جماهيريه شملت أطياف مختلف من العرب و الاكراد وسميت بالانتفاضه الشعبانيه واسماها النظام صفحة الغدر والخيانه
اجهض المجتمع الدولي والعربي هذه الانتفاضه على الرغم من معرفتهم مدى الظلم الذي تعرض له الشعب العراقي على يد هذا النظام ولكن الإرادة الدولية رأت ان وجود نظام ضعيف في المنطقة افضل من وصول وصناعة نظام قوي حليف لإيران باعتبار ان السواد الأعظم من الممنتفضين اما شيعة او اكراد وبالتالي حتى الاكراد وان كانوا غير حلفاء لإيران ولكنهم ليسو أعداء مع الاخذ بنظر الاعتبار ان هناك اطراف كرديه تعتبر حليفه لإيران … وجود هكذا نظام في المنطقة وخاصة بعد حرب استمرت 8 سنوات يعتبر كابوس بالنسبة للعرب والعالم العربي الذي استمات ودفع المليارات من اجل دفع العراق للانتصار في حربه مع ايران وانتهت الحرب باضرار كارثيه على العراق وايران وفي نهاية الحرب بقى النظامين الإيراني والعراقي في سدة الحكم ومن البديهي سقوط صدام بثورة شعبيه يعني نتيجة حتميه وصول نظام حليف لإيران او على الأقل نظام غير معادي لإيران وبالتالي تحقق ايران ما لم تحققه في حرب الثمان سنوات وخاصة ان الانتفاضه حصلت بعد ثلاث سنوات من انتهاء الحرب لذلك رفض المجتمع العربي والعالمي ان تخرج ايران منتصره حتى لو كان ذلك على حساب مظلومية الشعب العراقي
بعد قمع هذه الانتفاضه بطريقة وحشية ودمويه اصبح سقوط نظام صدام حتميا ولكن تم التأجيل فقط من اجل اخراج مشهد السقوط بطريقة دراميه تعطي للجيش الأمريكي صورة البطل المحرر وتعطيه ميزة التحكم بزمام الأمور لضمان عدم وصول نظام حليف لإيران وهذا هو الضمان الذي اعطته الولايات المتحده للدول العربية وكذلك السقوط كان برعاية ودعم الدول العربي والتي حاولت ان تكون حاضره بمشهد اعداد نظام معادي لإيران ولكن الرياح أتت بما لا تشتهي أمريكا وحصل الانسحاب الأمريكي والاكتفاء ببعض القواعد والتي يعمل العراق حاليا على الغاء تواجدها في الأراضي العراقي
المشهد العام الذي رافق سقوط النظام في العراق كان شيعيا بامتياز على الرغم من الوجود العسكري الأمريكي واستطاع الشيعة في العراق تصدر المشهد السياسي وفرض نظام ديموقراطي يمثل الأغلبية الشيعيه في العراق
وباعتبار ان الصورة النمطيه لدى المجتمع العربي تجاه الشيعه هي صورة سلبيه جدا لم يكن هناك تعاطف مع مظلومية العراقيين وما حصل معهم من قمع وقتل وتنكيل وتجويع وسجون فكان نظام صدام اكثر دمويه من نظام بشار بمراحل كبيره
وحصلت الاضطرابات في العراق بعد سقوط صدام وخاصه اعمال العنف التي مورست ضد الشيعة في الوسط والجنوب ولم نرى عدد من المفخخات والانتحارين كما رأيناه في العراق قد شهد العراق اكبر عدد تفجيرات انتحاريه في التاريخ واصبح الخطاب الطائفي واضحا في المجتمعات العربيه واصبح العراق بعيدا عن الحاضنة العربية التي بدأت تنكل بالعراقيين وأصبحت الفتاوي علنا تكفر الطائفه الشيعيه في العراق
وعندما سقط ثلث العراق بيد التنظيمات الارهابيه أصبحت وسائل الاعلام العربيه تسمي هذه الجماعات بالثوار وتحاول تبيض وتلميع صورة هذه الجماعات فوصل الاحتقان في ذروته حتى بانت الصورة واضحه وجليه
ان هذه الحرب التي خاضها العراق كانت حربا وجوديه بامتياز حرب قد سعى فيها اخوتنا العرب جعل الارهابين ثوار شعبيين خارجين لمحاربة الظلم
بعد كل هذه المحاولات لابادة فئة في العراق تشكل اغلبيه كبيرة اصبح لزاما على العرب التعامل مع واقع الحال حتى لو كان تعاملهم فيه تحفظ
لذلك جاء سقوط نظام بشار ليفضح ازدواجية التعامل بشكل واضح وصريح ليست لديهم مشكلة بوصول إرهابي مثل الجولاني التي تلطخت يديه بدماء الأبرياء ما دام معاديا لإيران ليست لديهم مشكله بإدانة جرائم بشار لانه علوي
ولكن لديهم مشكلة كبيرة بإدانة جرائم صدام
ومن هذا المنطلق اصبح التعامل الطائفي واضحا على مستوى دول وأصبحت الحق والباطل يتم تحديده على أساس هويتك المذهبية
الاعلام العربي الذي اخفى هوية الضحية عند سقوط صدام واخفى هوية الظالم أيضا وذكر على استحياء بعض الجرائم وذلك بطريقة مفرغه من دون تعريف واضح لهوية الظالم والمظلوم وتم تمييع مظلومية الشعب العراقي فقط لان المظلوم يحمل هوية مذهبية لا تحبذ وسائل الاعلام اظهارها بموقف الضحية وحتى ان فضحت هوية الظالم فان الوسائل تلمع هذه الشخصيه بعنوان انه يمثل نفسه او انه يحمل فكرا قوميا لا يمثل طائفته ولم نراهم يطبقون هذا المعيار مع بشار
ولكن عند سقوط بشار لم تبخل وسائل الاعلام عن اظهار هوية الظالم وهوي علوي وشملت العلوين واظهرت هوية المظلوم السني وكأن السنه لم يشاركوا في سلطة بشار
فلن نستغرب التعاطف مع سوريا ولن نستغرب انكار مظلومية العراقيين ومدح الظالم صدام فقط لانه من طائفة معينه او لانه يعادي دولة معينه تحمل مذهبا معينا لا يهم كم قتلت ولا يهم كم ظلمت ما دمت من جماعتنا ( مذهبنا , قوميتنا , طائفتنا ) فانت في امان سنجعل منك بطل قومي.