21 ديسمبر، 2024 8:19 م

طلعت علينا الكثير من صفحات الفيس بوك وغيرها من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة ببعض الشخصيات من مسؤولينا, واصحاب القرار ومبسوري الحال, وهي تحمل اجمل بطاقات التهنئة والتبريكات بسبب وجود عدة مناسبات سعيدة في هذا الشهر في محاولة منهم لتلطيف الاجواء بينهم وبين جمهورهم ومتابعيهم, خاصة ونحن مقبلون على موسم انتخابي محتدم , معتقدين أن المواطن لا هم له سوى انتظار تلك البطاقة الأنيقة المطرزة بباقة من الزهور والامنيات الطيبة في حين أن معظم المواطنين ان لم نقل كلهم ينتظرون بفارغ الصبر أخبارا أخرى !!, فمنهم من ينتظر خبرا عن رواتبهم المتأخرة , وأخرون ينتظرون سماع أخبار الانتصارات على داعش , ومنهم المهجرين والنازحين الذين يتلهفون لسماع اخبار العودة الى مدنهم المهجومة , وبعضهم يتصفح بحثا عن اخر صور هيفا الفاضحة وشائعات حمل اليسا السري ؟؟.
ومن أكثر المواقف المتناقضة التي كثرت هذه الايام وأنت تتصفح حسابك بالفيس بوك , تشاهد الكثير من اياهم وهم يحتفلون بمنشوراتهم الروحانية التي تشع ايمانا بمناسبة دينية مثلا ,ظنا منهم أنهم يكفرون عن سيئاتهم التي لا تحصى بحق مواطنيهم الذين حملوهم امانة المسؤولية ؟؟ فمنهم من سرق الوطن وأبناءه بوضح النهار, ثم تراه يضع مقولة : هذا من فضل ربي , واجهة لحسابه ؟؟ , ومنهم من باع البلد والولد مقابل منصب او حفنة من الورق الاخضر, واخرون اشتروا كل ما أمكن شراءه من شهادات مزورة , وكراسي منمقة, وضمائر معتقة ,ثم يجعلون شعاراتهم في حسابهم الشخصي : رأس الحكمة مخافة الله ؟؟.
وفي هذه اليومين الاخيريين زادت حمى التسابق في منشوراتهم بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة وكلها تحمل أجمل التهاني والامنيات الرقيقة بسلامة البلاد والعباد, وتناسوا حضراتهم أن نصف مواطني البلاد يعانون الفقر والعازة وضيق الحال وضنك المعيشة , وأن أكثر من ثلاثة ملايين من أبناء البلد بين مهجر أو نازح بسبب داعش , وثلث مدن الوطن مهدمة ومهجورة , وكل ذلك يتطلب منهم ترك غرفهم المحصنة ومكاتبهم الخشبية الغالية والتواجد مع ابناء جلدتهم لموازرتهم والتخفيف من معاناتهم , وحتى لو تطلب الامر اخذ صور سيلفي فقط مع اولئك القابعين في المخيمات ؟.
كنا ننتظر منهم أن يقلدوا الممثلة ( انجلينا جولي ) التي تركت كل شئ من أجل تخفيف ألام ومعاناة المنكوبين في بلدنا , وقطعت الاف الاميال في سبيل ذلك وهي التي لا تنتمي الى بلادنا ولا الى ديننا ولا الى اعرافنا لكنها الانسانية والضمير الحي الذي جعلها تترك الترف والحياة الرغيدة وتبقى لايام وسط المشردين والمعذبين , حتى أنها خسرت زوجها الخائن الوسيم الذي ضجر كثرة سفراتها واهمالها بيتها ؟؟.
لقد ملأتم صفحاتكم بصوركم الكثيرة وأنتم ترتدون أغلى الملابس الايطالية , وتركبون أجمل السيارات الفارهة وحان الوقت لتملئوها بصوركم وأنتم تقفون مع أبناء جلدتكم الذين في امس الحاجة الى وقفتكم في هذه الظروف العصيبة الصعبة علينا جميعا.
وبالرغم أن الصدقة يجب أن تكون من مال حلال , لكن لا بأس أن تتصدقوا على المحتاجين والبؤساء من الاموال الحرام التي نهبتموها , فهي كلها اموال ابناء الوطن الذين بسبب نزاعاتكم وتقاتلكم على السلطة , تشردوا وضاعت حقوقهم وأصبحوا تعساء فقراء؟؟ , وأنقذوا بتلك الاموال الاف المصابين والمرضى ومن يعانون الجوع والمرض والظلم والقهر.
لا بأس أن تصوروا أنفسكم بمختلف الكاميرات الرقمية وأنتم توزعون أرخص انواع الطعام حتى لو كان فاسدا , المهم سدوا رمق الجياع في هذا البرد القارص, ولا تنسوا انكم ستحتاجونهم عن قريب فموسم الانتخابات قريب ؟.
وتذكروا أن الذين يسكنون الخيام الممزقة والبيوت المهدمة , لا يحتاجون الى أمنياتكم وتهانيكم الانيقة, بل هم بامس الحاجة الى الاكل والماء والدواء, وما يحميهم من قساوة البرد وزخات المطر, وبدلا من تدافعكم على سفراتكم الى منتجعات بيروت الصحية , تدافعوا مع طوابير المنكوبين والبؤساء وما اكثرهم في بلادنا ؟؟. تسابقوا على فعل الخير وقدموا المعروف لكل من يحتاجه , فتلك تسجل لكم ولتأريخكم الى ابد الدهر.
وتذكروا أن الميسورين والسعداء في بلادنا الذين يقبعون خلف مواقع التواصل الاجتماعي ينتظرون أخبار وصور بنات ال كاردشيان المحترمات وهن ينفخن ما ينفخن ويشفطن ما يشفطن , ولا ينتظرون صوركم وأنتم ترتدون بدلات وأربطة أنيقة , دفعتم أثمانها من اموال المواطن المسكين التي شفطتموها ؟؟.
وتذكروا أن صدقة السر تطفأ غضب الرب , وأن قيمتنا تقدر في الاساس بما نعطيه وليس بما نأخذه.
ملاحظة : هناك من البعض الذي وقف الى جانب ابناء شعبه في محنته وقدم كل ما يملك في سبيل تخفيف معاناتهم وهم معروفون بوطنيتهم فشكرا لهم الف مرة.