22 ديسمبر، 2024 1:52 م

بين سعدي الشاعر والساعدي القائد تتجسد ثقافة الارهاب

بين سعدي الشاعر والساعدي القائد تتجسد ثقافة الارهاب

الموصل وابو تمام ، والشعر والحرب ، والمدح والهجاء ، والقائد والجيش ، والشعر والشعراء، مفردات تتردد في معجم يربط بين الماضي والحاضر. الماضي الذي دونته يد السلطان الجائر وزبانيته واللاهث خلف مجد الحروب ، والباحث من ورائها للحصول على الغنائم والجواري والغلمان. عندما كان اسلاف سعدي الشاعر يتخذون الغزومهنة لاشباع غرائزهم المادية بالغنائم وشهواتهم الجنسية بالجواري والغلمان كان الشعر ديوانا وسجلا حافلا يعج باوصاف تمجد البطولات العظيمة والانتصارات الكبيرة للخلفاء والقادة والامراء في حروب كانت تدعى مقدسة. تلك الحروب المقدسة التي يحكي لنا عنها التاريخ بفخر واعتزاز والقابعة في بطون التراث تمثل نسخة حقيقية لواقع عشناه في زمن فتوحات داعش الارهابية في وقتنا الحاضر. كان شعر المديح يا شاعرنا سعدي يوسف سجلا حافلا يخلد الجرائم البشعة التي سطرها قادة الجيش الاموي والعباسي باسم الفتوحات الاسلامية. وكان الشعراء من اسلافك يتغنون بامجاد اولئك السفاحين . هؤلاء الشعراء الغاوون الذين تستوحي منهم صورك الشعرية وتستعذب استعاراتهم الجميلة وتنهل من لغتهم المجازية هم الذين صوروا معارك داعش الاجداد ونقلوا مشاهد ابطالها الينا. فلا عجب ان تبكي ذلك المجد وانت ترى كيف تسقط اسطورة الماضي الداعشي في الموصل. انت لا تبكي على اطلال الموصل والحجر بل ترثي ابطال داعش الماضي وداعش الحاضر.

لا لوم عليك ولا تثريب عندما تهجو قائدا مثل عبد الوهاب الساعدي الذي يقبل الاطفال مبتسما ويمشي راجلا بين جنوده الابطال متواضعا ، لان ذاكرتك المعطوبة لم تزل تحتفظ بصور الابطال الدواعش ذووي الوجوه المتجهمة والقلوب القاسية واصحاب البطش والجبروت وقادة الفتك وسفك الدماء. ويعجبك شعرالبحتري وهو يصف قائدا للجيش دكتاتورا متجبرا طاغية بقوله :

– اذا ما مشى بين الصفوف تقاصرت / رؤوس الرجال عن طوال سميـــــدع

– اذا سار كف اللحظ عن كل منظر / سواه ، وغض الصوت عن كل مسمع

– فلست ترى الا افاضة شاخص / اليه ، بعين او مشــــير باصـــــــــــبع

نعم ، تعجبك شخصية قائد الجيش ، الطاغية المتعجرف ، ولكن عبد الوهاب الساعدي لم يرق لك منظره متربا ، حاسر الراس متعبا ، يتكلم همسا خفيض الصوت متواضعا . لا يعجبك الساعدي ، لانك شاعر من زمن الدواعش ، واعزيك بزمانهم لانه انقضى.

ذكرت ابا تمام في هجائك له متناسيا قول ابي تمام الذي يمدح فضائله صادحا:

– واذا اراد الله نشر فضيلة / طويت اتاح لها لسان حسود

– لولا اشتعال النار فيما جاورت / ما كان يعرف طيب عرف العود

أردت الاساءة له بكلمات بائسة ، معنى ومبنى ، ولكنك كشفت لنا عن وجه قبيح ولسان فض سليط.

نطقت فقلت: عار السواعد

ونقول : انك انت ابن الدواعش

وقلت فوصفته بـ: هادم المدن العراقية

ونقول: انه محرر ارضكم وحامي عرضكم من الوهابية

وقلت عنه : انه المستنصر بغير الله

ونقول عنه : انه مؤمن بالله ليس شيوعيا ومستنصربالله ليس دعيا

وسألت قائلا : ماذا سيظن الناس قائلين عنه ؟

ونجيبك: انا جاعليه فخرا لنا ورمزا

ونختم قائلين : فبئسا لثقافة الارهاب التي مثلتها وتعسا لالفاظ نطقت بها.