في الماضي كان الخوف موزع جغرافيا بشكل مدروس ففي المنطقة تخاف جارك البعثي وأصدقائه وأعضاء الفرقة الحزبية الذين يذرعون الازقة والشوارع كل حين وتعرف مسؤول الفرقة الحزبية من خلال السماع وترسم له صورة مرعبة في خيالك المذعور حتى من قهقهة مع صديق وانت تسير في الشارع وعليك ان تجد تفسيرا مقنعا لهم عندما يحاصرك أحدهم بسؤال عنها وفي الدائرة كذلك إذ يتناثر الحزبيين هنا وهناك تعرف بعضهم وتجهل اخرين لكنك على معرفة تامة بشخص مسؤول الدائرة الحزبي الذي تكون سطوته فوق صلاحيات المدير وفي مراكز المدن يضاف خوفا آخر من عناصر الأمن والانضباط والشرطة من دون أن يكون لك ذنبا أو تهمة واضحة لان الهدف هو ان تعيش خائفا ومتهما على الدوام لكن هؤلاء جميعا رهنا بقرار المسؤول مهما كانت حدود مسؤوليته فاقصى ما يستطيع الحزبي المتواجد في أزقة المنطقة هو ان يخبر مسؤوله بشكوكه فيك ومن ثم يمنحه كل الصلاحيات وهكذا الأماكن الأخرى لكن أخطر من هؤلاء جميعا هم كتاب التقارير فانت لاتراهم وربما لا تعرفهم وتقاريرهم مهما كانت ظالمة ومحشوة بالكذب والافتراء فإن لها القدرة على ايصالك إلى مديرية الأمن ومن ثم محكمة الثورة وصولا إلى( ابي غريب ) أو أعواد المشنقة أو كلاهما وكان الزي والسكن وطول المدة هي دلالات للتعرف عليهم .. أما الخوف في الزمن الحاضر فهو مختلف تماما بعد أن غابت رموز الخوف الماضي وحلت محلها رموز أخرى وحسب المراحل إذ كانت في البداية الرموز قوات محتلة وطائفية وعناصر إرهاب ومسلحين وحمايات مسؤولين وملثمين وكواتم ثم تحولت إلى( سوات ) ومقاومة الشغب وأصحاب القبعات والطرف الثالث والمجهولين والرمي العشوائي والانسداد حتى وصلنا إلى لجنة ( ابو خبزه ) بعدها إلى آخر رموز الخوف في زمننا الحاضر وهو ( ارتفاع الدولار ) بشكل مجنون بالنسبة لنا ومدروس لغيرنا وارتفاع الدولار هو آخر أسلحة الصراع بين أمريكا وإيران على أرض العراق وسيواصل الدولار صعوده ليتناسب طرديا مع خوفنا حتى يصبح الدينار مثل ليرة لبنان أو ينتصر أحد الطرفين ثم يبحثون لنا عن رمز جديد للخوف .