عد كثير من المراقبين؛ أن كلام السيد عمار الحكيم في ذكرى المبعث النبوي الشريف؛ خطاباً قوياً وصريحاً ويحمل في طياته معانٍ كثيرة وتهديدات لأطراف تستغل بساطة بعض المواطنين او موقعها البرلماني وعلى إستعداد لإحراق العراق من أجل مصالحها، وإستدرك المراقبون أن الحكيم إمتاز بالخطاب الهاديء والإيحاء والسعي لمهمتين أساسين هما: بناء التحالف الوطني والقدرة على بناء التحالفات، وفات المراقبون كثير من نقاط كان يقصدها الحكيم لم تك وليدة لحظتها.تركز الخطاب على أربعة نقاط مهمة: الموقف من الشرعية، إستغلال الإصلاح، التحالف الوطني والمسؤولية التاريخية، والمشروع الوطني الجامع.أعلن الحكيم بصراحة عن موقفه الرافض للنواب المتراشقين بقناني الماء، وعابري الشرعية بإثارة الشغب وتعطيل البرلمان، وقوى سياسية تستغل الإصلاح كغلاف لمآربها ولا تُبالي أن إحترق العراق لتحقيق مصالحها؛ أما التحالف الوطني فضعفه سبب مشاكل العراق، ويبدو أنه شخص الخلافات لم تعد بين الكتل والأحزاب؛ بعد أن حاولت كل كتلة تصدير مشاكلها على السطح العام، وحدد أفضل آلية للخروج من الأزمة الحالية؛ بمشروع وطني عابر للمكونات.الواضح أن الحكيم ممتعضاً من إنحراف الإصلاحات عن مساراتها، وإتخاذها خطين متناقضين، أولهما توجيه الأنظار الى التغيير الوزاري، والتصوير أن الكنوقراط نهاية مطاف المشاكل المتراكمة؛ في دليل على إبعاد النار عن ما دون الوزير والهيئات المستقلة والمناصب بالوكالة، التي ما تزال تخضع للحزبية وإتخاذها كمقاطعات رابحة، ويرادف ذلك قوانين معطلة بسبب تفسيرات قضائية خاضعة للسلطة، وتعمد الحكومة منذ ولايتين على إخضاعها للحزبية، والثاني إستمرار منهج إتهام البرلمان بالمشكلات والترويج للشارع؛ أن أنسداد مجرى المياه وقطع الكهرباء بسبب البرلمانيين.ألزم الحكيم نفسه بالعمل على تحالف عابر للمكونات، ويبدو أن زيارته الأخيرة للمرجعيات الدينية في النجف؛ دليل على المضي بهذا المشروع وإطلاع المرجعيات بالخطوات القادمة والحصول على تأيدها، ومن الواضح أن علاقات الحكيم مع الكورد والسنة وإنفتاحه على قوى التحالف الوطني؛ يجعل من الممكن إقامة تحالف وقد ينضم له بعض النواب المعتصمين، ومن المتوقع أن يدخله التيار الصدري وجناح العبادي.إن الإنقسام واضح داخل القوى السياسية فيما تشضى وتشرذم التحالف الوطني، وتحمل تبعات صراع دولة القانون بين جناحي المالكي والعبادي، والصدر والمالكي، وبروز قوى إستطاعت إختراق الغضب الجماهيري للمطالبة بتغيير الدولة بأكملها وإستهداف نظامها السياسي ومرجعياتها الدينية، وتهتف بالضد من ايران وترك داعش الدول الساندة لها، وإبعاد الأنظار عن الإصلاح، الذي يهدف الى ضرب منظومات الفساد ورؤوسها الكبيرة، وأن تحويل الصراع من حاجة مواطن لخدمات وملاحقة مسببه؛ الى إسقاط هيبة الدولة ومنع وصول المرحلة الثانية الى الوكالات والهيئات.أعلن الحكيم موقفه الواضح من النواب المعتصمين وقفزهم على الشرعية، وإنفلات بعض المتظاهرين لإستغلال الإصلاح، وحمل التحالف الوطني مسؤولياته التاريخية؛ بالإختيار بين فشل التجربة أو الحلول الوطنية.لايعني موقف الحكيم من النواب المعتصمين، ولا المتظاهرين المنفلتين، أن يكون مانع من إنضمام التيار الصدري وجزء من دولة القانون الى التحالف العابر للمكونات، وربما الزيارة الأخيرة للمرجعية؛ تعطي دلالات على قناعات المرجعية ودعواتها المتكررة للقوى السياسية بالعودة للعقل وإستشارة العلماء وحلول ” العين الصافية” في إشارة الى النجف مدينة علي ومرجعيتها، وإشارتها في آخر خطبها من عدم الجمع بين من أحسن ومن أساء للعراق؛ أي لا يمكن ( شلع وقلع) المُحسن بجريرة المسيء، وإلاً لا حلول أقرب للواقع من تحالف عابر للمكونات في الوقت الراهن، والعودة الى جوهر الإصلاحات، التي لا تعني الوزير فقط، ويبدو أن تشكيل تحالف عابر للمكونات أصبح من الممكنات؛ في ظل حاجة البلاد وإشارات المرجعية، وقدرة الحكيم على جمع الأطراف المتنافرات.