القواعد الجديدة جعلت المبارزة التلفزيونية الثانية بين دونالد ترامب وجو بايدن في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية أكثر حضارة. وكان لا يمكن أن يتم ذلك بالكامل بدون إجراءات قسرية: بينما كان أحد المرشحين يعلق على موضوع جديد، تم كتم صوت ميكروفون الآخر لفترة وجيزة. وفي الواقع، كان لديهما ما يقولونه لبعضهما البعض خلال المناظرة التلفزيونية ليلة الجمعة. لأن المبارزة بين دونالد ترامب وجو بايدن قبل ثلاثة أسابيع غرقت في حالة من الفوضى. الآن التقى الخصوم مرة أخرى في الاستوديو في ناشفيل ـ تينيسي. للمرة الأخيرة في هذه الحملة الانتخابية المستقطبة الساخنة، وقفوا بجانب بعضهم البعض في الاستوديو لمدة 90 دقيقة. برزت خمس لحظات على وجه الخصوص، كشفت الكثير عن الحملة الانتخابية. عندما تعلق الأمر بكورونا بغض النظر عمن يجلس في “البيت الأبيض”، اتخذ الرئيس الأمريكي موقفا دفاعيا، ويبدو أن كلا المرشحين، يتطلعان أكثر نحو الوصول للقاح والتعافي الاقتصادي. ومن الموضوعات الأخرى التي تناولتها المناقشة، التي جرت بولاية تينيسي، علاقة ترامب بحاكم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، والشؤون المالية الشخصية للمرشحين، والتأمين الصحي والهجرة. بايدن حث ترامب الذي يقاوم إقراراته الضريبية ” التوقف عن الحديث عن الفساد”. كما اتهمه بأنه “أحد أكثر الرؤساء عنصرية” في التاريخ. فيما تمسك ترامب بالحجج القديمة، لكنه لم يحقق نجاحات، وعلى ما يبدو، أراد منع الجمهور من الانزعاج من مواقفه.
سيتم انتخاب الرئيس الجديد في الولايات المتحدة يوم 3 نوفمبر. ويبدو أن بايدن وفقا لآخر استطلاع لرويترز ـ إبسوس، يتقدم حالياً بثماني نقاط مئوية على ترامب، وإن حظوظ فوزه ستكون نتيجة تقدير واحترام الناخبين من أصول أفريقية وآسيوية لـ “كامالا هاريس” المرشحة لمنصب نائب الرئيس.
إذا كان جو بايدن سيفوز في الانتخابات، فسيكون للولايات المتحدة أول نائبة سوداء للرئيس، وأول نائب رئيس آسيوي في آن واحد. في الوقت نفسه، أدى ترشيحها إلى ظهور حركة “أبداً بايدن” من “التقدميين” بين الناخبين الديمقراطيين.. من المفارقة أن الإعلان قد جاء في وقت كانت “كامالا هاريس” تتحدث إلى جانب أمثال جورج كلوني وليوناردو دي كابريو في مهرجان السينما من أجل السلام في لوس أنجلوس… وأصبح الحديث عن تغيّر المناخ العالمي لا يشكل تحديات الغد بل اليوم، وأشارت آنذاك دراسة أمريكية حديثة، إلى أن درجات الحرارة في العراق حطمت الرقم القياسي في شهر آب من هذا العام حيث سجلت أكثر من 51 درجة مئوية تهدد الحياة، وإنها تشكل نظرة “تقشعر لها الأبدان” للحياة المناخية والسياسية في بغداد، وأنه إذا كانت السياسة تجاه تغير المناخ هي “العمل كالمعتاد”، فإن أجزاء من الولايات المتحدة ستشبه الطقس السائد في بغداد، في إشارة إلى سخونة المعركة الانتخابية بين بايدن وترامب.. الطريف أن المخرج الشهير أليكس جيبني Alex Gibney الحائز على جائزة الأوسكار قد “قضى سراً الأشهر الخمسة الماضية” في إنتاج فيلم وثائقي مليء بالحيوية بعنوان “تماماً تحت” حول سيطرة فيروس COVID-19. بطولة صوفيا هاروتيونيان والممثلة سوزانه هلينجر، تم عرضه بواسطة NEON في 20 أكتوبر. وكانت صحيفة لوس أنجلوس قد كشفت مؤخراً سر هذا الفيلم بمقال لها تحت عنوان ساخر “نتمنى لك الشفاء العاجل” بقلم كويندريث جونسون جاء فيه: ترامب مصاب بفيروس كورونا، لكن هل يعرف أن أليكس جيبني لديه السيطرة الكاملة؟. قد يبدو هذا وكأنه رسالة ذات حدين إلى الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، دونالد ج ترامب.
لم تتوانى “كمالا” التي تعني “زهرة اللوتس”. عن تعاطفها الكبير ورؤيتها الدولية كمتحدثة في مهرجان السينما من أجل السلام في لوس انجلس مع حملة “مساعدة هائيتي” التي دعا لها في آب / أغسطس 2020 الممثل ومخرج أفلام وكاتب السيناريو الأمريكي الذي يعتبر أحد الممثلين البارزين في الفيلم الأمريكي المعاصر والحائز على العديد من الجوائز العالمية “شون جاستن بن” Sean Penn. وهو حدث سنوي للتوعية من أجل ضحايا الزلزال المدمر في هايتي. بحضور حشد من المحسنين مثل إيلون موسك، الأب الروحي لـ براين لورد، ومواهب مثل جورج كلوني، وجوليا روبرتس، وليوناردو دي كابريو. خاطبت كامالا هاريس شون بن بالقول: “هذه اللحظة لم تكن لحظة مأساة فحسب، بل أيضاً لحظة أمل. لحظة ذكّرتنا بأفضل المواقف الإنسانية. لحظة رأينا فيها المحسنين بيننا، بما في ذلك صديقنا العزيز، شون بن، الذي قام بتأسيس “منظمة الإغاثة الهايتية” Haitian Relief Organization ، مع القيام بهذا العمل الريادي، يظهر ما يمكننا القيام به كأميركيين في الوصول إلى إخواننا وأخواتنا في جميع أنحاء العالم.
منذ عام 2002، أصبحت سينما السلام مبادرة عالمية، تعمل على تعزيز الإنسانية من خلال الأفلام مع دعوة الأعضاء من المجتمع السينمائي الدولي لحضور حفل توزيع جوائز السينما من أجل السلام سنوياً ضمن مهرجان برلين السينمائي الدولي “البرليناله”. لقد أنشأت منصة للسلام والتسامح في صالة الأوركسترا يعرض خلالها عمل سينمائي يبرز حالة الإنسان والقيم الانسانية، أيضاً، عرض مقتطفات من الأعمال النموذجية والاحتفال بالمخرجين والمنتجين بجائزة سينما السلام للأعمال الجديرة بالثناء مع الاحتفاء بقوة الصورة المتحركة وقدرتها على توحيد الثقافات.. تجمع سينما من أجل السلام نجوماً دوليين وشخصيات عالمية من عالم السينما والإعلام والسياسة والأعمال والمجتمع. هذا الحدث المرموق هو رمز للسلام والحرية والتسامح، له تأثير دائم على عالم السينما والإعلام وتبادل الأفكار بحرية.
بينما تتساءل نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي “الكونغرس” بشدة في كل مناسبة، عما إذا كان دونالد ترامب لا يزال عاقلاً بما يكفي ليكون رئيساً، وبينما من المرجح أن يتولى مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن منصبه في سن 78 عاماً، فإن آمال التغيير والخلاص تكمن في كامالا هاريس مرشحة نائب الرئيس الأمريكي الديمقرطي جو بايدن. بعد فوزها في النقاش ضد مايك بنس في الرأي العام بنسبة 60 إلى 40 في المائة، أصبحت القوة الرائدة في السياسة الأمريكية وفي العلاقات الدولية، وتغير المناخ، والعدالة الاجتماعية، وسيادة القانون، وعودة أمريكا إلى الديمقراطية – لسيدة أمريكا الاسيوية الأصل التي توصف في العديد من الأوساط التخبوية والشعبية بـ “المرأة الرائعة” أو”السيدة الإعجوبة” قضايا هامة ولها الأولوية في ممنصبها الجديد.
فمن هي كمالا هاريس؟. ولدت كامالا هاريس لأم هندية وأب جامايكي في كاليفورنيا بالولايات المتحدة. كان جدها جزءاً من النضال الهندي من أجل الاستقلال. سار والداها ضد حرب فيتنام ومن أجل الحقوق المدنية وكانا جزءاً نشطاً من تنظيمها واستمرارها. في السياسة الأمريكية فشلت كامالا هاريس في امتحان قبضتها لكنها أصبحت أول امرأة سوداء من كاليفورنيا والثانية في الولايات المتحدة تصل إلى مجلس الشيوخ بينما كانت أيضاً ثاني رئيسة لسينما من أجل السلام في لوس أنجلوس إلى جانب جوليا روبرتس.
بصفتها عضواً في مجلس الشيوخ الأمريكي، قدمت تشريعاً لإصلاح العدالة الجنائية خلال الأسابيع الستة الأولى لها. في كتابها ” الحقائق التي نحتفظ بها” The Truths We Hold، تتحدث عن قضية في بداية حياتها المهنية كمتدربة كانت لحظة حاسمة في حياتها. (كان من المفترض أن تقضي أم شابة بريئة عطلة نهاية الأسبوع في السجن حيث لم يكن لدى القاضي الوقت الكافي لمراجعة قضيتها بعد ظهر يوم الجمعة). تتعاطف هاريس مع الأم الشابة وأطفالها وحدهم في المنزل، وناشدت المحقق أن يتم استدعاء القضية في نفس اليوم، وبعد أن عاد القاضي أخيراً وراجع قضيتها، كانت السيدة حرة في الذهاب. أدركت في ذلك اليوم أنه حتى مع السلطة المحدودة كمتدربة، يمكن للأشخاص الذين يهتمون أن يحدثوا خرقاً.
كامالا هاريس قاسية أيضاً على المتواطئين في الجرائم. عملت عدة ليالٍ في مسرح جرائم القتل والجريمة، عندما كان مجلس الشيوخ يشكك في مؤهلات جينا هاسبل “مدير وكالة الاستخبارات المركزية”، أسئلتها المركزة والحاسمة حول ما إذا كانت هاسبل تعتقد، بعد فوات الأوان، من أن استخدام وكالة المخابرات المركزية للتعذيب كان غير أخلاقي، أدى ذلك إلى المكاشفة، مما جعل الزيناتور والسياسي من الحزب الجمهوري الأمريكي الذي كان من أشد منتقدي ترامب “جون ماكين”، يفقد ثقته في الأحكام الأخلاقية لهاسبيل وإحساسها بالمسئولية لمناهضة التعذيب. لقد كتبت نقداً صارخاً لفشل إدارة ترامب قائلة: “… لقد رأينا إدارة تنحاز إلى المتعصبين البيض في الداخل وتتقرب من الديكتاتوريين في الخارج، ينزع الأطفال من أذرع أمهاتهم في انتهاك فظ لحقوق الإنسان، منح الشركات والأثرياء تخفيضات ضريبية ضخمة مع تجاهل الطبقة الوسطى، إفشال حربنا ضد تغير المناخ، تخريب الرعاية الصحية وحق المرأة في السيطرة على تعرض جسدها للخطر، انتقاد كل شيء وكل شخص يتعرض لذلك على ما يبدو، بما في ذلك فكرة صحافة حرة ومستقلة”، ودعت إلى الالتزام بالقيم التي تمثلها أمريكا. ونبذ الطغاة والديكتاتوريين الذين يحكمون بلادهم على أساس مصالحهم الخاصة، والالتزام بالديمقراطية في الداخل والخارج، وبسيادة القانون، والنظام الدولي الذي يعزز السلام العالمي، والقيم التي ورثتها عن الآباء، “إن خدمة الآخرين هي التي تعطي الحياة هدفاً ومعنى”، مثلما تستحق أن تنال أفضل ما في الوجود من قيّم.