19 ديسمبر، 2024 5:48 ص

بين النسيان والادمان على صناعة الاصنام…العراق نموذجا (سونار سياسي)

بين النسيان والادمان على صناعة الاصنام…العراق نموذجا (سونار سياسي)

في استطراد لمجمل الاحداث التي وطات تأريخ العراق مابعد سنوات القحط السياسي وتلاشي المقدرة البعثية في تفسير الرؤيا والبقرات السمان والسنابل العجاف مما افضى بسقوط المعبد وهلاك أمون العراق في انهيار يشبه الى حد كبير فلم ممسرح على خشبة هوليود اذا لم نقل انه كان من صناعتها ,بدايات لاتخضع الى منطق عملي او استدراك سياسي  تمثل في ظهور مفاجئ وصادم لتطلعات وارادات الشعب ,واستمرار في رحم الازمات والانتصارات الممنهجه والمرسومة مسبقا ,وانعطافات خرجت عن مرصد التوقعات ,حروب وغزوات وشذوذ سياسي وانغماس سلطوي وصولا الى احتلال من اجل التحرير ليسدل الستار عن كتاب القائد الضرورة في ساحة الفردوس بسقوط التمثال كصاحبيه على ساحة فردوس الامنيات ,هكذا ولدت الحكاية وانتهت قاطعة ثلاين عاما من عمر الدولة العراقية بل وضعتها في سلة العلة والابتلاء .
عراق خال من صنم ودولة على كفة الأمال  وشعب ظمئان الى حياة حقيقية بعد موت طويل بيد ان الدم لم يعود الى الشريان العراقي ألا بجرعة سكرات الموت التي كادت ان تقتل الحاضر والحضارة فضلا عن  الصعقة الامريكية للجسد العراقي التي  اسهمت في عودة الرافدين الى منصة الارض ,صورة غامضة لمشهد ضبابي دولة تنبعث من ركام دكتاتورية مقيتة وضعت ستالين وموسولين وهتلر مراجع فكرية لها في طريقة الادارة والتعامل وكيفية العلاقة بين السلطة والمتسلط عليه ,بدأت تدور العجلة للمؤسسة العراقية على الرغم من البطئ في الحركة والسير ,ومع الاستمرار في دوران الماكنة تتوالد معها سموم الاحتراق التي لابد تسريبها في سماء الطرد والابعاد بغية خلق بيئة سياسية صالحة للاستخدام البشري للتتشكل على غرار تلك المعطيات شكل الدولة بزي ديمقراطي وفق المفاهيم الحداثوية التي تبنى بها المؤسسات الدولية الحديثة ليكون العنوان عراق تعددي برلماني فيدرالي وهو بطبيعة الحال مذهب سياسي اتفق عليه وأتلفت عليه الرعاة والرعية ,كتب الدستور واقرت المضامين وتوضحت المسارات مع ان منغصات الانتقال كانت ثقيلة في تداعياتها غير انها تلك الاشكاليات قد بوبت تحت ضريبة التحول والانتقال من الشمولية الى التعددية وبمثابة القيح الذي لا مناص من اسالته حتى يتطهر الجرح ,وبقيت العملية السياسية في قارورة اعناق الزجاجة ومختبرات الشد والجذب السياسي والكلام يطول ويتناثر في ماهية الشكل الجديد للعراق المتغير بعد التغير وللضرورة الظرفية بنيت حكومة محاصصة او مايعبر عنها او يجملها بحكومة الشراكة الوطنية للوصول الى اكبر تمثيل لجميع مكونات الطيف العراقي بعد ان انتهت مراسيم مجلس الحكم والجمعية الوطنية ,قيادات المعرضة التي انتقلت من مواضع المهجر الى مواقع سلطة والتي دخلت طرفا رئيس في تشكيل الحكومة وبناء الدولة كانت تفتقر لأليات وخبرات الادارة لدولة من موقع المسؤولية والتصدي مما افضت في اختلال نصاب الحضور الدولي للعراق بين الخارطة الدولية من جهة ,ومن جهة اخرى ارادة وسطوة الاحتلال الامريكي  في التأثير على القرار العراقي  وعملية انتاج وتصدير عراق جديد الى الشرق الاوسط وبما ينسجم مع المصالح القومية للبيت الابيض مما حدى به ان يؤثر  سلبا وبشكل كبير في الوصول الى ماهية وكينونة الحكم في العراق .
التحديات والاحداث التي دخلت على خط التأثير في البيت العراقي الجديد من ارادات اقليمية ومصالح دولية والمخاوف من قيام حكومة عراقية لايعرف توجهها او مبهمة الشكل مما حدى بتلك العراقيل ان تقف في طريق الوصول الى ارضية صلبة يتم من خلالها البناء والانطلاق بورقة نظام سياسي متزن واضح التحرك والخطى صوب تحقيق المصالح والاهداف ,عراق ينفذ الى الخارج بمنظار وطني لا من شباك طائفي او اثني ,يحترم التنوع والتعدد العرقي وتعد تلك السلوكية التي ظهرت بشكل علني مابعد سقوط النظام الصدامي من اهم الاشكاليات التي ترافق عملية التحول الديمقراطي بأعتبار ان الديمقراطية حتى تنضج وتنمو لابد من توافر بيئة صالح ومناخ ثقافي واستعداد عقلي وهي ثلاثية معروفة في منهجيات العلم السياسي وهو مايفسر وعلى سبيل الذكر كيف ان الشعب كان منقسما على التصويت لدستور بينما كان البعض يرمي الموافقة عليه دون قراءته كان هنالك يطرح رفضه ايضا دون الاطلاع على مضامين الدستور وهو مايؤشر لمواقف مسبقة تشكلت على اساس العرق والطائفة ولم يطرح الدستور على طاولة القراءة الحقيقية التي تسبر في اغوار التشريع وملاحظة مكامن الاختلال او التضاد مع مايتوافق مع المصالح العليا للوطن والمواطن .
مما ذكر يتوضح ان الحكومة وبناء مؤسساتها هي منتجات لمنهجية فكرية توعوية تسبق تلك وتهيأ لها اسباب النجاح والاستمرار ,ربما الديمقراطية التي اعطيت كجرعة واحدة قد اسهمت في هذا التشرذم السياسي والانفجار المجتمعي أزاء المواقف والمتبنيات التي تعرض في شاشة المشهد العراقي ,تلك الافرازات تحتاج الى مراجعة سياسية واعية جادة في رسم خارطة طريق لعراق الغد والابتعاد عن القفز الى الامام وترك المشاكل والاشكاليات معلقة واحتواء الازمات بطريقة الذئب والشاة فلا الذئب يموت ولا الغنم تفنى فلابد من تفكيك العناصر وادخالها في قاروة الاختبار والتحليل ولا مقدس في ابجديات السياسة الا البلاد واهلها وعليه كل شئ قابل للالغاء او التعديل وليس هناك من ثابت سوى الثابت الوطني الكفيل بولادة عملية سياسية مقتدرة ولادة للحلول لا مفتعلة للأزمات.
العراق اليوم هو أسير تلك المستنقعات ونحن امام براكين وزلال مؤامراتية البعض من صناعة محلية والبعض الاخر يأتي من خارج الاسوار ,اقليم كردتسان يزحف الى بغداد للتأثير في القرار السياسي وفك الالتحام معها بعدما وجد المكان والمكين المناسبين لتلك الامنيات التي رافقت الكرد منذ سنوات طوال ,والقوى السنية تسحب اهل السنة الى مشاريع الانقسام والابتعاد عن حكومة المركز ,والقوى الشيعية بين منتقد ولائم لحكومة بغداد ,وبغداد اسيرة المشاريع السياسة للسلطة ,والقوى الاقليمية تبحث عن منصات للانطلاق من خلالها وتعزيز نفوذها والعراق ارض للصراع وكعبة للطامعين ,ومن تلك العواصف والاهواء لابد من البحث عن اجابة على سؤال يطرح للاستفسار والاجابة هل ان العراق وكما يقول عالم الاجتماع اغرب تركيبة اجتماعية معقدة في التوجه وصعبة الرضوخ والقبول باعتبار ان المجتمع العراقي قد انحد من اصول بدوية ودخلت الحياة المدنية بمدد زمنية غير كافية لانضاج مفهوم واضح في تقبل المفردة الحديثة بعيدا عن التعصب العشائري والقومي والمذهبي أو اننا لانستطيع ان ننتج نظاما الا في جلباب تمثال .

أحدث المقالات

أحدث المقالات