السوال المهم والمحير… هل ان الاديان كلها أستُقت من مصدر واحد في التنزيل ، هو الله تعالى كما نعتقد ؟..اذا كانت كذلك ، فلماذا أصبحت نصوص التعاليم الآلهية مختلفة في التطبيق..؟ وخاصة في مجال الاخلاق والتشريع والوعد والوعيد..؟ وهل لمؤسسات الدين حق التفسير المختلف الوهمي بين اصحاب عقيدة الدين الواحدة..؟ ومن أجاز لها ذلك شرعا وقانونا في التطبيق ؟ . فمن أين جاءت المذاهب بلا نص مكين ، لتجعل الدين اديان ومذاهب لا دين واحد كما يدعي القرآن الكريم : ” ان الدين عند الله الأسلام،آل عمران 19″…وبين تفسير الفقهاء الذي برروا وجود مذاهب التفريق وبين نزول النص ثابتاً منذ أكثر من 150 سنة قمرية..قبل التدوين .
نلاحظ هناك بون شاسع فيما يطرحه النص الفقهي من عقيدة الدين على الناس.. وما يطرحه القرآن ..وخاصة في تطبيق قوانين المحبة ، والغفران، ونظرية الخلاص، والدنيوية والأخروية ، والمصير الابدي ، والتشريع ،وحرية الرأي ، وحقوق المرأة والناس.والحفاظ على المال العام ، وخيانة الأوطان ..ولماذا هذا الطرح المختلف بين التوراة والانجيل والقرآن وسيَر الانبياء، فاذا كانوا كلهم من المرسلين ومن مصدر واحد هو الله؟ كما ذكر القرآن فعلام الاختلاف ان كنتم تؤمنون..؟ ومن خول لكم صلاحية الأختلاف ؟مع ان الله تعالى طلب من محمد الرسول (ص) ان يتعلم وبآية حدية ملزمة ، الكتاب والحكمة والتوراة والأنجيل ،يقول الحق: “ويعلمة الكتاب والحكمة والتوراة والأنجيل..آل عمران 48. الا تشعرون بالتناقض في النص عند التطبيق..بين ما أمربه الله تعالى وما اعتادت عليه مؤسسات الدين ؟ فهل هذا جائز في عرف الحق والدين ؟.
من يخرجنا اليوم من أكبر الأزمات عنفا في حياتنا ..الدين ام الايمان بالوطن أم بهما معاً ؟ ..فأذا كان الدين فقد عبدناه منذ أكثر من 1400 سنة ولم نحصل على حق او وطن سوى الفرقة والتباعد والاقتتال لتخريب الحياة في الزمن – قتال بيننا وضياع لحقوقنا عند حاكم الزمن- لايعملها الا من لا يعتقد بدين ..بينما الشعوب التي لا تؤمن بدين مثل غالبية شعوب جنوب شرق اسيا قد حققت كل الحقوق في الوطن للمواطنين ..هنا السؤال لماذا ….؟
اعتقد ان السلطة السياسية هي التي جاءت الينا بدين أخر،ألم يقل المنصورالعباسي :”انما انا سلطان الله في أرضه…” لا كما جاء في التنزيل الحكيم ، والا كيف جاز لهم الاختراق دون مسؤلية ضميرية من صاحب الدين ؟..فأخذناه دون معرفة بقوانينه ومتطلباته وحقوق الآدميين..خاصة بعد ان حول الحاكم الطاغية النص الى حديث نبوي ليستطيع التلاعب بأفكار المعتقدين ..وحتى جاء اصحاب الحديث من امثال مسلم والبخاري وصاحب بحارالانوار ليحولوا النص المقدس الى حديث ..ففقدنا الدين والايمان والوطن معاً…
نحن بحاجة ماسة الأن لكي نعرف ماذا نقصد بكلمة الدين ..وماذا نقصد بكلمة وطن..؟ وأين المنهج الدراسي الصحيح ليعلمنا ماذا نقصد بهما دون تفريق من رأي في الدين والوطن..بعد ان حولت الدولة العثمانية اثناء الاحتلال العثماني المنهج التدريسي عندنا الى تخريف..؟ وهل اصبحت معتقدات حكومات النفاق والقتل والظلم وسرقة اموال الناس بالباطل بديلاً عن الدين الاساس ،وهل هم فعلا يعتقدون بدين .. وهي ونحن تلهث خلف المرجعيات الدينية وتفسيرات الفقهاء – اساس فرقة المواطنين في الدين كما فسروا كلمة الجهاد خطئاً في الدين .. كما نراها اليوم في اوطاننا التي فقدنا فيها كل كلمات الحق والعدل في الدين.. عند التطبيق ؟
الدين هو الطاعة وقوله تعالى :”مالك يوم الدين” اي يوم الحكم على اعمال البشر..وقوله تعالى:”ما كان ليأخذ في دين المُلك ،يوسف 76 ” اي في طاعته وحكمه..فالدين منهج جديد في اصول التشريع قائم على البينات المادية، واجماع الأكثرية ، وان حرية الرأي والأختيار ، هما اساس الحياة الانسانية.هنا يصيح الدين هو خروج الانسان من مملكة الحيوان الى مملكة الانسان.ولزومه بما أمر الله به دون تفريق بين انسان وانسان ..اي هو نفحة الروح التي طورته نحو البشرية وامتلاكه الحقوق دون تفريق. بعد ان يلتزم بقوانين الوجود..فهل لدينا معرفة بهذا القصد النبيل ..؟
هنا يتبين لنا ان دين الاسلام يشمل كل المسلمين من نوح الى محمد كما في قول الحق : ” انا أوحينا اليك كما أوحينا الى نوح والنبيين من بعده،النساء 163 “لذا يجب ان نؤمن بالصيرورة الزمنية ( التطور) في التغيير ..فالنص اذن يخضع في تأويله وتفسيره لتحرك الزمن وليس للفقيه الجامد العقل في التفسير…اذن لا تحجر ولاتزمت ولا تعنت في النص المقدس ..حين ذاك يصبح الدين خالٍ من النقائص والعيوب ..وليس لأحد سلطة له على الاخر في التطبيق..هنا ايضا يصبح النص”لكم دينكم ولي دين” تعبير عن واقع التغيير التاريخي في حقوق البشر في الدين..وكل ما جاءت به كتب الفقهاء والمفسيرين كان تحت طائلة الخطأ في التطبيق.فعلام هذا التكرار في طبع الآلاف من هذ الكتب لتوضع تباهيا وراء جهلة الدين.فهم منذ البداية كانوا فقهاء سلطة لا فقهاء دين ، ولا زالوا على ما كانوا عليه يكررون..دين..دين..
الدين واحد ولا مذهبية فيه ابداً مادام هو من مصدر واحد..،وألا هل يعقل ان الله انزل الآديان مختلفة ليفرق بين الناس..وهو آله الناس؟ وهو الذي يجمع بينهم في الطاعة والعدل وحقوق الآدميين (أنظر الوصايا العشر في الآديان ،الأنعام آية 151-153))..اذن لا فرق بين دين سماوي وأخر في الهدف والتطبيق.. ما دامت من مصدرواحد هو الله “..انه دين الحق اي دين الوجود الموضوعي خارج الذات الأنسانية..,وهو الذي يحتوي على القوانين الناظمة للوجود ولحركة التطور في الزمن..فالأستقامة هي النص الثابت في التطبيق.. والحنيفية أسم جنس هي المتغير من التاريخ.. .ولهذا قال النبي أبراهيم على لسان القرآن ” وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلماً وما انا من المشركين”اذن..ما يدعون به اصحاب المذاهب الفقهية الدينية لا يتطابق وحقيقة الاسلام كدين.
يقول السيد محمد سعيد العشماوي في كتابه الاسلام
السياسي ؟ ان حاكمية الله فكرة غير صحيحة ،لان الحكم والمسئولية هي للبشر فعلا ..ويقول الامام علي(ع) الحاكمية لله ، ولكن من يحكم غير البشر باسم الله”نهج البلاغةز.ونقول :
ضرورة تفسير ايات القرآن وفقا لظروفها التاريخية ،أي تاريخية النصوص ،ويقول الدكتورالعشماوي :
العدالة في الاسلام تسبق العقوبة ..أي العدل يسبق الحدود ..لذا لا يوجد اسلام بداوة واسلام حضارة بل اسلام اخلاق وقيم ولاغير..وهنا لايقصد ان البداوة عاشت بلاقيم واخلاق..وانما كل منها فهمت بحسب ما فسره الفقهاء خطئاً..وهذا ما تقوله اليوم حركات التصحيح في الاسلام.
ورغم ان دول الاسلام التي عاشت ولا زالت تعتقد بالتفسير الفقهي الخطأ ، قد صادرت الافكارالصحيحة وحبستها عن الجمهور وأخترقت العدل الآلهي دون أعتبار من تقدير.. وهي تدري انها تعمل ضد متطلبات الدين الصحيح .
ولو أطلعت على أراء الفقهاء لوجدت ان النص الديني لا يشكل المعيار الوحيد للسلوك السياسي عندهم..حتى اصبح الحاكم الظالم وفق تنظيرهم الفقهي أفضل من انعدامه أنظر ، الغزالي (ت505 للهجرة) في الامامة والسياسة ،والماوردي (ت450 للهجرة) في نظرية اهل الحلِ والعقد،وابن تيمية(ت728 للهجرة في نظريته( الدفاع عن الحاكم حتى لو كان ظالماً وفاسقاً )،والمرجع كاظم الازدي في (الدفاع عن الحاكم خوفا من الفتنة.)
وفي العهد البويهي من أمثال يعقورب الكليني (ت 447 للهجرة) ،والشيخ المفيد (431 للهجرة)، ومحمد بن بابوي(ت381 للهجرة) وكلهم وقفوا من نظرية المعتزلة المنفتحة موقف الرفض والتعنت.لذا فقد أسسوا لاصول الضعف واحلال الفكر التبريري في النص الديني.
نحن بحاجة الى المراجعة الحقيقة وتجاوز الطائفية والمذهبية للوصول الى المرونة التامة في فهم النص وتفسيره ، وفق منهج الفهم السليم…ولانهم لا يقدرون على ما نطرح فأنهم يعلون صوتهم باسم السيف على المجادلة الحقة عند العارفين .
ان اصحاب نظرية تسيس الدين ..هم الذين اعلنوا الحرب على الاسلام الصحيح الذي يدعو للوحدة والعدالة .. وما دوروا ان هم واحزابهم الدينية الاسلامية ما هي الا فرية على الاسلام والمسلمين ..كما في حزب الدعوة والحزب الاسلامي والاخوان المسلمين ، وحزب التحرير، وحزب الله وولاية الفقيه وكل المسميات الاخرى ، هؤلاء الذين جاء مقلديهم لبلادنا كعصابات تفليش لا بناء على حد قول النائب الفاسد محمود المشهداني الذي لا زال ترنو نفسه الضعيفة لمنصب في دولة العميان…عليهم جميعا ان يقتنعوا انهم اصبحوا في نظرالشعب و المثقفين والعارفين اليوم خارج التاريخ.
بهذا الخصوص نريد ان نفهم القارىءالفرق بين الدين والآيديولوجيا وماذا يقصد بهما في الاتفاق والاختلاف ؟
أفكار .فاذا كان الدين هو العدالة والسماحة وانسانية الانسان.. فالآيديولوجيا هي الشمولية والدكتاتورية والجنوح الى ترغيب العنف والأرهاب..الدين هو الرأي والرأي الاخر، مسند من النص المقدس او حتى من اصحاب الديانات الوضعية كالبوذية مثلا والزرادشتية قديماً..اما الايديولوجيا فهي رفض الخلاف ، وان كان على رأي سليم ..
من هنا لا امل بالاصلاح المجتمعي ابداً الا بفصل الدين عن السياسة…
لحرمان مدعي الدين من استغلال الوطن والمواطن دون حق وعدل في العالمين فالسياسة عمل غير مقدس ولا ثابت…وهي فن الممكن الذي لا يخضع لمعايير الاخلاق في التطبيق ،والعكس هو الصحيح ..من هنا يتحول الطريق الى الحق والعدل بدلا من المال والسلطان.
لذا على اصحاب المناهج المدرسية والجامعية ان يتوجهوا بهذا التوجه الصحيح وان لا يعيروا اهمية في المنهج لرجال الدين ومؤسساتهم التي دمرت المجتمع العربي الاسلامي خلال الزمن الطويل..بقدر ما يمكن ليصبح الحوار حوارا بين طرفين دون حقد واسفاف..وجدالا بغير عنف ودم…فهل سنصل الى ما نريد..ذاك موكول للزمن ولوعي المجتمع في التطبيق..؟
في الدين جاءت الآوامر أختيارية في التطبيق..آيات محكمات احتوت على قواعد السلوك الأنساني.الواحد..وآيات متشابهات بحاجة الى تأويل..وآيات لامحكمات ولامتشابهات لقول الحق :” وما كان هذا القرآن ان يُفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه….يونس 37″. آيات لا زالت في المجهول من التفسير ومصطلحات لازالت غامضة على المسلم الى اليوم مثل مصطلح الذي بين يديه..ويقصد به الرسالة ، اي التي جاءت ثابتة المعنى في التطبيق.
لذا أعتبر القرآن هو مجموعة القوانين الموضوعية الناظمة للوجود ولظواهر الطبيعة والاحداث الانسانية..فهل يعقل ان صاحب هذه الفلسفة الربانية الفريدة في الوجود يبعث معها قوانين التفريق المذهبي بين البشرية ..؟ليُنشأ منها أحزاب التدمير.. والتفريق .
[email protected]