23 ديسمبر، 2024 9:49 ص

بين الظروف والمطالبات تناشز وتباين

بين الظروف والمطالبات تناشز وتباين

بعيدا عن البروغاندا وتجنبا للوقوع في منزلقاتها الأحادية في توجيه الرأي العام, والتأثير في سلوك الأفراد وفق متبنيات و إيديولوجيا ضيقة لا تنسجم ومتطلبات المرحلة وتنوع مكونات أبناء البلد الواحد, نجد من المناسب عدم خلط الأوراق وشخصنتها من اجل إثبات وجهة نظر دون أراء الآخرين وتوجهاتهم , أو التأسيس لبناء عصف جهوي موجه ودس السم بالعسل من اجل تمرير إرادة حزبية أو فئوية أو مكوناتية..

فرق الجهد…!

إن اتساع الهوة بين المواطن والطبقة السياسية الحاكمة أدت بالنتيجة إلى انعدام الثقة بالعملية السياسية برمتها فضلا عن المتصدين للعمل السياسي والإداري في مؤسسات الدولة بشكل تراكمي، مما انعكس بطبيعة الحال على المنظومة القيمية للمجتمع والتي كان من ابرز تجلياتها؛ غياب الشعور العالي بالمواطنة لدى اغلب طبقات المجتمع وعلى وجه الخصوص الفقيرة والمتوسطة منها، كونها لطبقة الأكثر تضررا من بين طبقات المجتمع, بمعنى إن إدراك المجتمع لضرورة ألالتزام بالقوانين والأنظمة بات أمر مستصعب، إن لم يكن مستحيلا، فان غياب التخطيط الواقعي والمناسب للنهوض بالواقع المزري الذي يعيشه المواطن، كنقص الخدمات وانعدامها في بعض المناطق وارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب, وغيرها العديد من الأزمات المتعلقة بالواقع الصحي والتربوي التي أصبحت من ملازمات المواطن العراق ويومياته منذ أمد ليس بقريب.. يقابله ترف المعيشة والتمتع بخيرات البلاد وسط شبهات الإسراف والفساد لدى معظم الساسة والمتصدين للمسؤولية في مفاصل الدولة، أدى و باللاشعور إلى خلق بيئة مناسبة لنمو نزعة التمرد على القوانين والأنظمة لدى الموطن، وذلك بسبب التلازم الاعتباري المترسخ في ذهنية الفرد العراقي والشرقي بشكل عام؛ بين الحكومة والطبقة السياسية من جهة والأنظمة والقوانين من جهة أخرى، فالتمرد على النظام يعني التمرد على الحكومة والتمرد على الحكومة لا يكون إلا من خلال التمرد على القوانين والأنظمة..!,

وذلك لان السياسة في دول العالم الثالث على تماس وعلاقة يومية مع المواطن بشكل عام, بينما في المجتمع الغربي لا نرى المواطن العادي مهتما بسياسة البلد على المستوى الداخلي والخارجي, مقارنة بالشعوب العربية, وذلك يعود الإناطة السياسة بالسياسيين أنفسهم, لأنهم وصلوا إلى سدة الحكم ومراكز القيادة من خلال انتخابات حرة ونزيهة, إذ يقع على عاتقهم وحدهم رسم سياسة البلد بالشكل الذي يرونه صحيحا, ومن ورائهم قانون حازم يحاسب المقصرين والمخالفين محاسبة صارمة, لاعتمادهم على نظام مؤسساتي في إدارة الدولة.

بالنتيجة فان السياسية هي فن من فنون إدارة المجتمع و إحدى المحركات الحيوية في بناء وإدارة الدولة ورسم السياسات العامة للبلد, و السياسيين هم نتاج ذات المجتمع, بالتالي فان عظمة الشعوب تنعكس على الحكام والمتصدين للعمل السياسي, فالشعوب العظيمة تنتج وتفرز القادة العظام.. أما الجاهلة فيمتطيها من يصادفها ويوجهها حيث ما درت معايشه..

فغياب الإدارة المؤسساتية الحقة وتوغل ما يسمى بالدولة العميقة وسطوة الأجنحة المسلحة لبعض التيارات والأحزاب السياسية في شتى مفاصل الدولة ساهم وبشكل متسارع باتساع فجوة لا يمكن جسرها في انعدام الثقة بين المواطن والحكومة بسلطاتها التشريعية والتنفيذية بل وحتى القضائية أيضا فضلا عن نظام الحكم بأكمله…