بلا جغرافية الطريق / ولا كيمياء المعرفة / يتدرجُ الماشي الى مصيره / من صفر الى آخر / تاركاً قدميه تركلان المسافة ما بين الحلم والواقع / هو سائقُ هواه الى اللامصير / مصيرُه دخان خصيب فوق حطب جمريّ / يغتربُ ويغيبُ ويحترقُ ويهوى ويهوي / المعابرُ لولبية شوكية شركيّة / والذهنُ مطاردٌ في مماشي المعصية / كنتَ تحملُ صرة السفر/ فيها زادٌ وعقل وأملٌ / فيها غربتُك العارية / وسنونُ معارجك / من يتم الطفولة حتى شيخوختك البالية / عُدْ بخطاكَ الى مبتدأ الملتقى / الى جسر الشقاء / حيثُ الأصلُ الأصيلُ يُسلقُ على قارعة التعب / خللَ المسار كانت مراياك تُرينا شوقك يتزنبقُ ويتريحن / ممتلئاً شذا / وشبقَاً مبرّءاً من آلية اللياث / ما تتذكّره بساط ٌ من الثيل / نافورة ٌثرثارة / لها مظلة ُرذاذ مائي / وممرّاتُ قدّاح وياسمين / وشظايا ذكريات قُمعت في يباب منسي / ما تزالُ خُطاك ، وهناً على وهن ، جارية ً / بين الشاطيء والشتاء / وتمرُّ أمام درب ناظريك / ضحكاتٌ ، اسورة ٌ، أعمارٌ طريّة ، براءة ٌ من عسل الجبل / ثغاءُ محبة ينتقلُ بين جدران الحيرة / جيراناً : آباًءً وامهاتٍ كانوا / يعلكون الفرح / ويُضمرون لك بنوة َ أبنائهم / وسط هباب الفقر / وعصا ابيك تُطاردك عند كلّ زلة / وما أكثرَ زلاتِ طفولتك التي لم ترعو ِ ولم تسورْه حدود ٌ / فما ادّخرته من قاع ِهناك رذاذ ُ هباب وقتر / عَدْوَ ذاكرة لا تشيخُ / فعلٌ لا يتوارى عن ساحة العقل / والكتابُ / اول كتاب قرأته من الغلاف الى الغلاف / كان عن حبّ مُحرّم ٍشرعاً ومتداول في الخفاء / يقترفه امامُ الجامع والجدُ والأبُ والأمُّ والمعلمون والرهبان / والأولياءُ اللاصالحون / وحدَك تجهلُ ابجدياتِه / كنتَ تعلمته من” إيفان تورجنيف” / ثمّ التهمتَ باصرتك بقية روايات الهلال / منها عرفتَ الحبّ / وشُغفتَ بغير واحدة / وكلما رأيتَ اخرى / تقولُ : هي حبيبتي / وتعدّدتِ الحبيباتُ والقلبُ واحدٌ / وتأخذك مسالكُ الأمان من صقع سنوات الى اصقاع اخرى / تنطوي على خبرات / تمنحُك إياها دروبُ المعرفة / والمعرفة ُ احياناً أثقلُ من جبل ينوءُ بها كاهلُك / وأنت من دونها قشّة ٌ سائبة ٌ / تطوفُ بك الريحُ من قفر الى فقر الى دُوّامة الى ضياع الى مجهول / وعليك أن تستعين بأهون الشرّ / واهونُه اللامبالاةُ / تدورُ بك خلل زمان هشّ / وكلُّ زمان مطرقة ٌ تهوي على صدغك وصدوع حزنك / ولكلّ حياة جزية ٌ يدفعُها الحيُّ / لكنّ الحياة مقدّسة ٌ ولو حِيقتْ بها الظلمة ُ / وصارت فتيلة باهتة ترجف بين يقظة وموت / احتضنك التشرّدُ / وتخلّى عنك مَنْ آويتهم في القلب / وضحيّتَ من أجلهم / تركوك للجوع والتشرّد / ثلات سنوات من يفاعتك ضيّعوها / ولهم التلدُ والسفرُ والزمالاتُ والأمن / ولك الأيْنُ / فأينهم الآن ؟ / كان غربوا في مجاري الخطأ ولمّا يزالوا / ليس لديهم افقٌ / بل ماض ٍ يلوكونه / غرسوا فيه رؤاهم / وعاشوا ثمة / ولا قربى بينهم وبين الآن / هم محضُ وهم ٍعلى الطريق / سأترُكُهم لا كما تركوني / ما زلتُ اسمعُ اخبارهم / اتابعُها عن كثب / وادينُ لهم بمعارفي وهويتي /
تحتقنُ حواشي الشاطي والشتاء بالورم الأثير / بلاجدوى الإصطلاء بالعقل / فأنت بين الإثنين ريشة بلا ذاكرة / عهنٌ يتمرأى للريح فينساقُ مع عصفها / ومَنْ منا سيوقفها عن الهرولة ؟ / للبيان لسانٌ وصوتٌ من كلمات / والكلماتُ حرّة قد تُنحرُ في سياق المجازفة والبله / وقد تنبتُ عِبَراً تستوقفكَ في الطريق / لكَ الآهُ ، والإلاهة ُ تصطليك / او تتخفّى وراء الغمام / فما بقي لي ولك ؟ / بقي شحوبُ العمر / أيامُه المتخمة بجدوى الإبداع والمثابرة / بالحبّ يُضطرم كلّ ساعة لمَنْ حواليك / للبعيد النائي / والالى افلوا / ومَنْ سيأتون / للفرح الجاري في اوردة الساعات الآيبة / للكلمة المؤتلقة تنتقلُ هي واخواتها الى نصّ ابداعي / للأمل يسطع عليك أوانَ اليقظة والمنام /
……………
المصائدُ مصائبُ الطيور المُهاجرة / مكاسبُ العاطلين / وفُرجة ٌ لنا / نحنُ الصغارَ المولعين بالدهشة / نصطادُ مرأى وقوع الطير في الأفخاخ المُهلكة /
…………
تُرى اكنا في قاعة طويلة / اوصدوا بابَها ؟ / مرة ً يُفتحُ / يُطلُّ بنا على هاوية بلا قرار / ومرة ً على أرض يباب تتخللها أشجار الصبير العالية / تستعرضُ قاماتها الشوكية / ويستمرُ الباب في الإنفتاح والإنغلاق / فيُرينا السماء صحواً وغيماً / وأرصفة َ محطات خالية / والبحرَ صفواً وموجاً / والليلَ هادئاً وصاخباً / والحلم َ رائقاً / الينا ينتمي / واليه ننتمي /
…………………….
تائه ٌ/ عديمُ النظر / يسعى في افق ٍ مهجور / يرتمي بين الوجد والتوحّد / والمسراتُ / تفلتُ من بين اضالعه / تهربُ من الندم المُخضّل بالعرق / فرقٌ بيني وبينه / هو يمخرُ في الأثير الفقير / وأنا موغلٌ في فضاء اليقين / صوتي حقلُ سنابل /
هو يصرخ ُ / يجرحُ هلام الطريق / يسترسلُ في الشطط العارم / ما لديه بدٌّ سوى مقارعة فقره الجميل /
وأنا المفازةُ والسيلُ والهجرة ُ والحقلُ /
أنا الشاطيءُ / مؤئلُ الرمل والمدّ والجزر /
وهو الشتاءُ / رفيقُ الظلام والملل والريح والعاصفة والزمهرير /
لكنّنا اخوَان لا نُشكّلُ مُعضلة ً / ولا نُثيرُ نقعاً / فليس لنا سوى ان نحيا جارين مُتحابّين/