17 نوفمبر، 2024 12:39 م
Search
Close this search box.

بين الديموقراطية والديكتاتورية

بين الديموقراطية والديكتاتورية

الحقيقة تخبرنا ان خوارزمشاه ملك خوارزم لم يكن شجاعاً حين ملأ آذان رسل المغول بالرصاص المذاب , فهو قد عاش هارباً من جيوش المغول حتى مات في إحدى جزر البحر الأسود بالمرض , تاركاً شعبه أسيراً فريدا . ولم يكن صدام شجاعاً حين ادخل شعبه في ثلاثة حروب أهلكت الحرث والنسل ولم تبق للبلاد من باقية , لأنه وجد هارباً في جحر تحت الأرض بعدئذ . وكذلك هو ديكتاتور كوريا الشمالية وديكتاتور تركمانستان . القضية أنهم جميعاً جبناء ، وجبناء جدا ، وليس لمحيطهم تاريخ حضاري . كل ما في الأمر أنهم استغبوا شعوبهم (( فاستخف قومه فأطاعوه انهم كانوا قوما فاسقين )) وصدّقتهم هي . لقد قتل هؤلاء القادة الفضلاء والحكماء والنخب ولم يكن لتلك الشعوب من حركة , فبقيت غالبية غبية مقادة ضعيفة . ولما كان (( كيد الشيطان كان ضعيفا )) فلا شك أن عقول من يقودهم أضعف . ومن ثم فنظرية الاستغباء هي أقوى سلاح بيد الحاكم الظالم .

الإمبراطورية المغولية حازت على لقب أكبر دولة في التاريخ بعد ان أنشأها موحّد قبائل البدو الآسيوية جنكيز خان الا انها كانت تعتمد في تنظيمها وبقائها على الشعوب الأخرى والكفاءات الغريبة عنها . واليوم منغوليا أفقر بلدان العالم وتزداد فقرا . بينما انطلقت الشعوب التي احتلها جنكيز خان من جديد بالاعتماد على ارتكازها الحضاري كالصين وإيران . هناك دول تقوم على السلاح مثل الدولة المغولية ، ودول تقوم على المال مثل معظم دول الخليج التي تفتقر إلى المقومات الطبيعية والكفاءات البشرية وارتكازها إلى الصحراء والبداوة ، تنتهي جميعاً بانتهاء السلاح ، او المال الذي يبقيها قائمة على أسس مصطنعة . لذلك نثق بقدرة العراق على النهوض .

لكن لم يتم الاستفادة من هذه الحقيقة على المستوى الرسمي , ولم يتم تنمية روح المعرفة لدى الجمهور , بل على العكس تم تجهيل الجيل الشاب بأكمله ودفعه في اتجاهات غريبة موجهة . فالشاب الذي كان قبل أيام يبارك انتصارات الحشد الشعبي ويفتخر بتضحياته وانجازاته صار يهاجم مقراته دون وعي ولا هدف يفهمه .

في الأسبوع الأخير المجلس الاعلى للإعلام في مصر يشترط على وسائل الإعلام فيها عدم الحديث او نشر أي خبر عن ليبيا وسد النهضة وسيناء وفايروس كورونا الا بما تنشره حكومته . وبذات الأعذار المعروفة ( المنعطف الخطير ) و ( الأمن القومي ) و ( الوحدة الوطنية ) . في نتيجة متوقعة لأي انقلاب عسكري على الثورة الشعبية . وهذا ما أتوقعه للعراق وفق المسار الحالي في ظل نفس الخطوات الدولية والسذاجة المحلية وتبعية وسائل الإعلام العراقية المحركة للرأي العام وانشغال الكتل السياسية بمصالحها .

وديموقراطية سيئة أفضل من ديكتاتورية خاضعة للأجنبي بالتأكيد . فإلغاء مجالس المحافظات واختيار المحافظين من قبل المركز ووجود رئيس وزراء مخابراتي وتقوية نفوذ الأجهزة الأمنية في المجال السياسي بوجود نفوذ مخيف للسفارات الأجنبية هو ابتعاد واسع جداً عن الديموقراطية واقتراب خطير جداً من الديكتاتورية مع غياب الوعي ودليل على نجاح الخطط غير الوطنية وأن الأمور تسير بتخطيط غير منظور وأن الله هو القادر على إخراج الناس مما هم فيه فقط بعد تشتتهم وتفرقهم عن حقهم .

أحدث المقالات