لم أسمع أو أقرأ الكثير من تسليط الضوء على حركة دبيب الغرف المغلقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير الخارجية الاسبق (هنري كيسنجر) وبينه والرئيس الروسي (فلاديمير بوتين ).
حيث وصلت العلاقات الروسية الأمريكية في تقارب الوفاق سياسيا الى نقاط حرجة بعد أن قامت أمريكا بضرب ولعدة مرات قوات الجيش السوري والقوات الحليفة معها قرب الحدود السورية الاردنية العراقية تحت حجة اقترابها من قاعدة التنف التي تعسكر فيها امريكا وحلفائها وتمنع التقرب منها بقطر 55 كلم مما صعد الرفض الروسي الذي اعتبره خرقا للسيادة السورية وموقعا سقوط بعض المدنيين نتيجة هذه الضربات وكانت تبريرات أمريكا بأنه دفاع عن النفس لإبعاد خطر تقرب الجيش السوري من معسكرهم ومن يحالفون..
ولهذا بحثت كل من أمريكا وروسيا عن ابواب خلفية تخفف حدة التصعيد بينهما الذي وصل الى حد التلويح بالرد حسب مقتضيات الخرق الأمريكي من قبل روسيا ..
ونرى بأن نجاح الطرف الروسي بتحويل مشروع المناطق الأمنة التي سعت لها كل من تركيا وأيدتها أمريكا في بعض الاحيان الى مناطق خفض التوتر يسجل قدرة الدبلوماسية الروسية على النجاح عكس الإدارة الأمريكية التي بقت تراوح بين ستراتيجية الشك أو خوض غمار التصعيد .. وكان لاجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر لمناقشة موضوعين هما روسيا وسوريا في شهر ايار/مايو 2017 قد ساهم بشكل واضح على امتصاص بعض زخم التوتر بين الطرفين، وهو لم يكن اللقاء الاول بينهما حيث سبق أن التقى ترامب بثعلب السياسة الخارجية الأمريكية هنري كسينجر في شهر ديسمبر عام 2016، وقال ترامب للصحفيين عقب الاجتماع إن الحديث كان “يتعلق بروسيا وموضوعات مختلفة أخرى”.
حيث يرى هنري كيسنجر على أن يتنازل السيد ترامب عن التشديد على دور موسكو في المسألة الاوكرانية وبعض نفوذها على جمهوريات الاتحاد السوفياتي، ويدفع الثعلب الماكر(هنري كيسنجر) إدارة ترامب عن التخلي عن لهجة التعالي التي استخدمها سلفه اوباما في إدارة أزمة العلاقة بين روسيا وأمريكا وعلى ترامب أن يأخذ الروس على محمل الجد.
وقد كان سعي وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر الى لقاء الرئيس بوتين في الكرملين وذلك قبل لقائه المرتقب مع نظيره الرئيس دونالد ترامب على هامش قمة العشرين في هامبورغ هو لترتيب “صفقة أمريكية روسية” يعدها كيسنجر بطلب من السيد ترامب قبيل لقائه المنتظر مع بوتين على هامش قمة العشرين في ألمانيا، قد أتى أوكله بالنسبة للطرفين حيث قال ترامب “نحن نتحدث عن سوريا وأعتقد أننا في طريقنا إلى القيام بعمل جيد جدا فيما يتعلق بسوريا”. وتابع ترامب قائلا، “سنوقف القتل والموت”.
وهذا ما توصلوا اليه فيما بعد بهدنة ايقاف اطلاق النار في مناطق الجنوب السوري.. والتي أراها بانها كانت لإبعاد خطر المواجهة بين الطرفين أكثر من تخفيف حدة التوتر في سوريا لأن الأمر قد وصل الى نقطة حرجة بين روسيا وأمريكا في استعراض العضلات ولا سيما بعد عملية التراشق الصاروخي على الاراضي السورية والاستعداد لاستخدام منظومة اس 400 وغيرها، والتقليل من الخرق “الإسرائيلي” للسيادة الجوية السورية بأكثر من مرة وأن يكون هناك رد سوري مثل ما فعل سابقا.
ولهذا حفظت أمريكا ماء وجهها من أن تتواجه مع الدفاع الجوي السوري أو تعرض معسكراتها لتحدي الضربات الأرضية من قبل الجيش السوري وحلفائه والذي سيضطر أمريكا من أن ترد وبشكل أعنف وهذا ما دعا أمريكا بأن تلوح مرة أخرى بوجود شبهات استخدام الكيماوي أو استعداد سوريا لاستعماله مرة أخرى حتى ترجح أوراق الضغط في يديها اثناء التقارب الذي قال عنه وزير الخارجية الأمريكي إن الروس قد يكونون على حق أكثر من الولايات المتحدة في سوريا، لا سيما وأن كلماته تشير الى أن واشنطن تقبل بما تفعله روسيا في سوريا.
فاصبح من المعلوم بأن هذا الاتفاق لن يقدر على ايقاف المعارك في سوريا ولكنه قد يخفف من سقوط المزيد من الضحايا. فهل يستطيع أن يمنع كل من تركيا وأمريكا متابعة إقامة مناطق أمنة (Safe Zone) والتي تعد لها العدة لأن تكون نواة إيجاد كونتانات ذات بعد قومي وطائفي ومناطقي يقسم سوريا حتى مع تشديد أغلب الاطراف على وحدة سوريا.
وكم سيقدم من تطمينات للدول التي سعت لتحجيم الدور الإيراني في المنطقة؟ والتي كانت من وراء تصعيد التوتر الطائفي ولا سيما بعد احداث ما سمي الربيع العربي بالمنطقة العربية.
فهل ستعمل الدول التي وعدت على محاربة الارهاب في القمة الأمريكية الإسلامية من تقليل دعم الجماعات المتطرفة والمتصارعة على مناطق النفوذ والسلطة في العراق وسوريا؟
إنها اولى حلقات التقارب الروسي الأمريكي في هذا اللقاء الذي سعى به الثعلب الماكر هنري كيسنجر بين الدب والفيل فهل سي
ون مدعاة لنا أن ننظر الى أبعد من بقاء مساندة روسيا لإيران وسوريا بنهجها الحالي؟ أو سيكون هناك تقارب صوب مصالحها بشكل تدريجي مثل وما سبق أن دعا وزير الخارجية البريطاني روسيا الى إن “بوسع موسكو الانضمام إلى التحالف الدولي الذي يضم 60 بلدا لمكافحة “داعش” والحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في سوريا مع فرصة بناء علاقات ثمرها أوفر مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكان الرد الروسي آنذاك متهكما ساخرا من وزير الخارجية البريطاني.
وهذا ما تم مؤخرا عبر اللقاء بين الدب الروسي والفيل الجمهوري في قمة الـ(G 20)، فهل ثمرة الهدنة بإيقاف اطلاق النار ستكون كافية ام أن هناك المزيد…؟.
ومدعاة تساؤلاتنا هو إن الكرملين (لم يردّ بقوة على إسقاط الأمريكيين لطائرة سورية هدّدت قوات سوريا الديمقراطية قرب الرقة في 18 حزيران/يونيو). فما هو تأثير التقارب الروسي الأمريكي على طبيعة الدعم لكل من إيران وحلفائها مستقبلا.. وهل نحتاج أن ننظر بمعق أكبر الى النصف الفارغ من الكأس؟؟.