بين الحق والتجاوز: الكويت وخور عبد الله.. أين تقف حدود الجوار؟

بين الحق والتجاوز: الكويت وخور عبد الله.. أين تقف حدود الجوار؟

بعد بحث طويل واطلاع واسع، وبعد أن طرحت الكثير من الأسئلة وراجعت وجهات النظر المختلفة، توصلت إلى قناعة راسخة بأن قضية خور عبد الله ليست ملفاً بسيطاً أو هامشياً بل هي قضية سيادة وطنية كبرى تستحق أن نرفع صوتنا عالياً من أجلها لأن ما يحدث اليوم في هذا الشريان البحري يمس جوهر وجودنا كدولة حرة ومستقلة.  

الكويت.. من الجار الصغير إلى الشريك الضاغط

ما بعد عام 1991 لم يكن مجرد مرحلة ما بعد حرب بل لحظة إعادة تشكيل التوازنات. وبينما كان العراق يعاني من الحصار والدمار، أحسنت الكويت استغلال الفراغ، فدفعت باتجاه قرارات أممية وترسيمات حدودية أعادت رسم الواقع الجغرافي متجاوزة مفاهيم الجيرة والعدالة التاريخية

ومع دخول العراق حقبة ما بعد 2003، استغلت الكويت هشاشة الدولة وضعف القرار السيادي العراقي لتثبيت اتفاقيات، أبرزها اتفاقية خور عبد الله عام 2012، التي ينظر إليها اليوم كواحدة من أكثر الملفات جدلية وإضراراً بالمصلحة الوطنية، إذ حولت الممر البحري العراقي إلى ممر مشترك تتحكم الكويت بجزء حيوي منه.

ميناء مبارك… مشروع أم مخطط لخنق العراق؟

لا يمكن فهم النوايا الكويتية دون التوقف عند مشروع ميناء مبارك الكبير المشيد عند حافة الخور والمصمم بطريقة تجعل من حركة الملاحة العراقية مقيدة ومختنقة. ورغم كل التحذيرات والدراسات، استمرت الكويت بالمضي قدماً في المشروع، ما يؤكد أن الأمر ليس مجرد تخطيط اقتصادي، بل تجاوز صريح لمبدأ السيادة وحقوق الجوار.

الخطاب العراقي المطلوب: حازم بلا عداء، وطني بلا تنازل

أمام هذا الواقع فإن العراق، حكومة وشعباً بحاجة إلى خطاب وطني جديد يقوم على:

الوضوح السيادي: لا تفاوض ولا تراجع عن أي حق بحري أو حدودي للعراق

التحرك القانوني والدبلوماسي: إعادة عرض الملف على المؤسسات الدولية وتفنيد الاتفاقيات التي تمت في ظروف استثنائية

إعادة بناء الثقة الداخلية: على البرلمان والحكومة أن يصغيا لصوت الشارع ويترجما ذلك إلى قرارات لا تصريحات فقط

إرسال رسالة صارمة للجيران: حسن الجوار لا يعني التنازل، والسكوت لا يعني القبول، وإذا كانت هناك رغبة كويتية في تهدئة الأمور، فلتبدأ من احترام سيادة العراق الكاملة في مياهه وحدوده

الختام: عراق واحد لا يفرط، وشعب لا يخدع

في هذه اللحظة الحساسة نحن بحاجة إلى روح المواطنة الفاعلة، إلى شعب واع لا يستدرج إلى الانفعال، لكنه لا يسكت على التفريط. وإلى حكومة تدرك أن السكوت عن حق، هو تفريط بالوطن بأكمله

نقولها بصوت واحد: العراق ليس ضعيفاً بل صبور، ليس متنازلا بل حكيم وإذا دفع إلى الزاوية، فإن أبناءه من الجنوب إلى الشمال سيكونون سداً منيعاً في وجه كل من يعتدي على سيادته أو يهين كرامته

وللجارة التي لم تحترم أصول الجيرة نقول :هذا الشعب الذي سامح يوماً لن ينسى ولن يسمح أبداً بتكرار الخطأ فخور عبد الله عراقي والسيادة لا تقبل المساومة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات