23 ديسمبر، 2024 9:41 م

اذا ما الجهل خيم في بلاد رأيت أسودها مسخت قرودا
لا اعرف ما هو السر الذي يجعلني اطرب لذلك البيت منذ ان كنا في المراحل الأولى للدراسة كان اكثر الطلاب يرددون هذا البيت للشاعر الرصافي , حقا انه شعرا مختلفا ومحيرا هزني واستوقفني متسائلا ترى كيف يمكن للأسد ان يصبح  قردا ولماذا قردا دون باقي الحيوانات ..ربما اراد الرصافي ان يقول ان الاسد ورغم شجاعته وقوته ورزانة  شخصيته بإمكانه ان يستخف ويتصعلك كما يفعل القردة ترى مالذي جعل الاسد قردا انها الوصفة البسيطة والعجيبة الجهل الذي يحيل النورظلاما والاسد قردا.. في مقابل الجهل دائما العقل ..ماذا لو ان العقل خيم في بلاد بلاشك ستبقى الاسود اسودا والقرود قرودا ..وربما اكتسبت القرود رزانة الاسود ماذا عساه يقول الرصافي اليوم فليس الجهل وحده قد خيم انه المرض مرض الفساد الذي له خاصية اشتراك مع الجهل ويفوقه اضعاف مضاعفه فاذا كان الجهل يمسخ الاسود قرودا فان الفساد المستشري في بلادنا له قابلية مسخ النسور الى دجاج مزارع ويحيل الاسود الى تماثيل زينة وحيوانات لحمل الحطب ..الفساد الذي اصبح عنوان عريض وجزء من التركيبة السيكولوجية  للكثير من افراد الشعب العراقي وبلدنا الذي تأخر في كل شيء الا في احراز المرتبة الثالثة عالميا في الفساد ومن الامور الغريبة ان هناك تناسب عكسي بين المرض والعلاج كلما كثر الصياح ان هناك فسادا يجب استئصاله كثر الفساد وشمر عن ساعديه متحديا كل اولئك الذين ينادون بقتله  لأنه ولد معهم وهو جزء لا يتجزأ منهم قائلا من شب على شيء شاب عليه  ربما لديه خاصية العناد التي يتمتع بها شعبنا ولا اكتمكم سرا ربما صيحتي هذه ستزيد الطين بلة لأنه ذات يوم همس جدي في اذني قبل ان يفارق الحياة وهو شيخ مسن اعلم انك كلما سمعت هتاف يحيا الوطن فاعلم ان هناك وطنا ميتا وكلما سمعت يعلو الوطن فاعلم ان هناك وطن في الحضيض. لست متشائما جدا كما يبدوا للقارئ العزيز لكني اقول ما ارى وليس ما اسمع ربما سيأتي يوم يكون التناسب طرديا بين الصيحات والاستماع وبين المرض والعلاج بانتظار ذلك اليوم  لأنه دائما ثمة بريق امل وبصيص نور ..