23 ديسمبر، 2024 10:16 ص

كانت قريش تمثل العدو الاكبر للإسلام منذ ان كان في بدايته, ايام الدعوة السرية الى ان اصبحت له جغرافية (المدينة المنورة), فجهزت جيش لحرب الاسلام فكانت معركة بدر, وعندما هزمت عادت في العام التالي للحرب فكانت معركة احد, وعندما وجدت انها لم تظفر بشيء تعاهدت مع اليهود فكانت حرب الخندق, بعدها وجدت ان الاسلام اصبح كبيرا لذلك لجأت قريش لخيار الهدنة والمعاهدة, فكان صلح الحديبية, فكانت ثمرات معاهدة الحديبية باتساع رقعة الاسلام, الى ان تم فتح مكة من دون حرب, ليتحول رموز الكفر الى مسلمين رغما عنهم بعد ان فقدوا الخيرات البديلة, فكان الطلقاء ومنهم ابو سفيان.

كان الرسول الخاتم (ص) حريصا على سلمية الفتح الاكبر, فأخلاق الرسول اعظم من الاحقاد, فتغاضى عن ابو سفيان وامثاله من القريشيين.

لقد قبل الرسول الاعظم الظاهر من الناس بإعلان اسلامهم, وترك حقيقة باطنهم لله عز وجل, فدخلت قريش مكرهه للإسلام, النطق بالشهادتين طريقا لحفظ دمائهم, وقد حفظ التاريخ درس عظم استاذه الرسول الخاتم, ففي يوم فتح مكة وقف على باب الكعبة يخطب بقريش, فقال: (( يا معشر قريش: ان الله قد اذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالإباء, الناس من ادم وادم من تراب)) ثم تلا عليهم {يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكرا وانثى شعوبا وقبائل لتعارفوا, ان اكرمكم عند الله اتقاكم } ثم سألهم عن ما سوف يفعل بهم فقال: (( يا معشر قريش: ما ترون اني فاعل فيكم؟)), هنا هتفت قريش تسترحم الرسول وتطلب العفو فقالوا: خيرا, اخ كريم وابن اخ كريم, فقال لهم (( اذهبوا فانتم الطلقاء)).

فدخلت قريش الاسلام وهي متماسكة مع بعض, وهدفها الاطاحة بالإسلام ولو بعد حين, تتحين الفرص قد مدت يدها لحزب المنافقين, فكفرهم الخفي كان اشد من كفرهم الظاهر, كالمنافقين الذين خطرهم كان جسيما, فوحدة الهدف وهو المصلحة قد وحدتهم ضد (محمد وال محمد), فكانت اجتماعهم بالتناوب في بيتوهم, كل ليلة في بيت احد رجالات قريش, للتخطيط والاعداد لقادم الايام.

· قريش وبيعة الغدير

في يوم الغدير اعلن الرسول الاعظم (ص) ولاية الامام علي (ع) على سائر الناس وتنصيبه خليفة للرسول, بعدها حصل استياء كبير داخل الحزب القريشي, بل تعدى هذا الاستياء ليصل القريشيين ممن كانوا يعدون ضمن الصحابة السابقين, فحقدهم على الامام علي كبير جدا, فهو قاتل ابائهم وابنائهم, عدوهم الذي لا يرحم, الذي اذل شرفهم وكسر هبل معبودهم, لذلك تنصيب الامام علي امر لا يطيقه القريشيين من السابقين في الاسلام واللاحقين, وحادثة الحارث بن النعمان توضح مدى الحقد على علي بن ابي طالب, فقابل النبي واعلن اعتراضه على تنصيب الامام علي خليفة من بعده فقال: ” اللهم ان كان ما يقول محمد حقا, فامطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب عظيم” اما القريشيين فلم يكن بمقدورهم التعبير عن استيائهم وعدم رضاها بتنصيب الامام علي خليفة, حتى وان كان امرا من السماء وبإعلان نبوي.

كان الكل يدرك ان هنالك امور يتم التخطيط لها, حتى قال العباس للنبي الاعظم : “ما لنا اذا رآنا رجال قريش وهم في حديث قطعوه, واخذوا في غيره….”.

· الوصية والرزية

الرسول الخاتم (ص) في ايامه الاخيرة عمل على محورين, الاول اعداد جيش بقيادة اسمة بن زيد وضع فيه كل من يحذر منهم الانقلاب على وصيته, وقال: لعن الله من تخلف عن جيش اسامة” في محاولة لأبعاد المنافقين والحزب القريشي عن المدينة عند ساعة رحيله عن الدنيا, والخطوة الثانية انه قرر في اخر خميس في حياته ان يكتب وصيته, وبهذه الخطوتين كان سيثبت ولاية علي من بعده على عامة المسلمين, لكن الخط القريشي كان ايضا يتحرك ويحاول افشال ما يخطط له الرسول, فعمل على تأخير تجهيز جيش اسامة ومنع من التحرك, فلم يتحرك الجيش الا بعد وفاة الرسول الاعظم (ص) عند استباب الامور للخط القريشي.

اما قضية الوصية وهي مشهورة في الصحاح بعنوان “رزية الخميس”, فتم تعطيل الوصية عبر الخط القريشي الذي اتهم الرسول بالهجران! كي يجعل كل ما يصدر لاحقا منه غير ملزم للمسلمين, وتقدمهم عمر بن الخطاب الذي صاح : (ان الرجل ليهجر) يقصد النبي! وسانده رجال قريش والمنافقين, وتصايح ضدهم اصحاب الرسول الخلص, عندها امرهم النبي جميعا بالخروج من غرفته من دون ان يكتب الوصية, لأنه لو كتب شيئا لتم تفعيل تهمة “الهجر” التي اطلقها عمر بقوله “ان الرجل ليهجر حسبنا كتاب الله”.

هكذا اصبحت الامور مخيفة والقادم لا يبشر بخير, والقريشيين والمنافقين واليهود كلهم ينتظرون موت النبي على احر من الجمر, كي ينفذوا مخططهم بالانقلاب على بيعة الغدير.

وللكلام بقية…