4 نوفمبر، 2024 9:27 م
Search
Close this search box.

بيتنا وبيوت الجيران

بيتنا وبيوت الجيران

في أواخر السبعينات، كانت الأسرة تتحلق حول التلفزيون، لمشاهدة المسلسل العراقي ” بيتنا وبيوت الجيران”، المأخوذ من سلسلة كتب بغداديات للكاتب التراثي الراحل عزيز الحجية.
المسلسل كان يحكي عن تقاليد الزواج البغدادية، وكيف أن قرار الخطبة ليس من صلاحية الإبن، بل من غير اللائق أن يفاتح أبيه بهذا الأمر، إذ كان الأب هو من يحدد ذلك مسبقاً بإشارة الى زوجته: نريد نزوج الولد، ومن هنا تبدأ إجراءات الخطبة.
اذكر أن الشاب في المسلسل، احب بنت الجيران، وهو حب من أول نظرة، من دون همس او لمس، وانما مجرد تبادل رؤى مكسورة بالإستحياء، حتى تحول الى عشق مكبوت سرعان ما اوقف حركته، فحارت أسرته امام حالته، فهي لاتعرف الذي اصابه، حتى قال لهم العطار الذي كان يؤدي دور الطبيب، ويسمون مهنته بطب العرب، إن ما اصابه هو الحب، لكن انعقد لسانه عن ذكر اسم محبوبته، لذا اقترح أن يذكروا على مسمعه اسماء بنات الطرف، ولما يضطرب جسمه ويظهر على محياه السرور، تبدأ المرحلة الثانية من العلاج، وهنا أخذت نسوة البيت يذكرن : شفت هيلة هي شلون هيلة، حتى عثروا على حبيبته، وتعافى الولد بعد أن وعده ابوه بأن يزوجه بها.
كان المسلسل يحاكي حقبة زمنية من الماضي، لكن مشاهد الخطبة وطقوسها، والزواج ومراسيمه، والملابس وحمام السوق، والمزين، والمخشلات الذهبية، واغراض العرس، وغرفة الزوجية، أعطت جمالية للمشاهد الذي تفاعل مع هذه التفاصيل التي غابت عنه واصبحت مجرد ذكرى، غير أن لكبار السن رؤية أخرى، بل حنين من ضاقه الضيم فتذكر أيام عرسه.
لم يكن العمل مؤثراً على العراقيين فحسب، لكنه امتد الى المحيط العربي، حتى أن الصحفية المصرية نوال محمد، صرحت بأنها “لم يزل المسلسل العراقي ” بيتنا وبيوت الجيران” عالقاً في ذهني ولطالما تابعت حلقاته بشغف كبير”.
ليس هذا فحسب، وانما تتذكر بعض ابطال العمل، إذ تقول : كان كل من فيه متألقاً، يوسف العاني، ووجيه عبد الغني، وراسم الجميلي، وحسن الجنابي، وفاطمة الربيعي، وسهام السبتي، وهناء محمد، وآخرين.
وللعباءة حكايا مع المخرج فلاح زكي، حيث يروي : “طلبت العباءة الخاصة التي ترتديها العروس في الزفه قبل 70 سنة أو أكثر إذ كانت تؤدي الدور بجدارة الفنانة هناء محمد، ولم يفلح مساعد الانتاج الراحل علي حاتم من ايجادها في كل بغداد وكان اشبه بالمستحل العثور على هكذا عباءة مطرزة وذات الوان خاصة، حتى فاجأني الراحل عزيز الحجية الذي كلفته ان يكون مستشاراً في المسلسل للشؤون الوثائقيه لكي لااقع في خطأ تاريخي، قال لي : ساجلب لك عباءة والدتي المرحومة والتي ارتدتها مرة واحد فقط في عرسها قبل 50 عاماً.
وفعلاً جاءني بالعباءة في اليوم التالي وكانت محط انظار الجميع لجمالها ورونقها حتى ان الحجية هو الذي وضع العباءة قبل تصوير المشهد على رأس هناء، وفور انتهاء تصوير المشهد استرجع الحجية العباءة، وكان فرحاً جداً لأنه أسهم بشكل فاعل على تحقيق مشهد تتمثل فيه الواقعية بجميع جوانبه.
اودعناكم

أحدث المقالات