8 أبريل، 2024 4:15 ص
Search
Close this search box.

بيئة العمليات المستقبلية واستحقاقاتها الحتمية

Facebook
Twitter
LinkedIn

تغيرت بيئة العمليات في العقد الأخير تغيرا كبيرا القى بضلاله على ساحات العمليات المحتملة وتسليح الجيوش وتجهيزاتها واجبارها على مغادرة أساليب القتالات القديمة بعد ان ثبت عدم فاعليتها فلم يعد تكتيك النار والمناورة او النار والحركة كاف لتحقيق النصر لجنود المشاة ولم تعد للضربات الجوية اثار فعالة تؤدي الى حسم مسبق للمعركة فقد اصبح الفاعلون الحقيقين ليسوا بجيوش ولا دول ولكنهم يكبدون جيوشا ودول خسائر جمه ويدمرون افاق البلدان ويثبطون خططهم التنموية كما اصبح العامل الخامس وهو البعد السابراني كما يسميه البعض وهو مجال الترددات للانترنت في الفضاء عامل زاد من تعقيدات الصراعات وطرق المواجهة وبهذا فقد تمكن هذا البعد من اسقاط دول وحكومات راسخة .

جميع الحروب التي حدثت في العقد الأخير كانت اغلب ساحات عملياتها هي مدن مأهولة بالسكان وليست جبهات ومواضع دفاعية على الحدود فحينما كانت المدينة ملاذا امنا لمن يهرب من ساحات القتال أصبحت الصحراء هي الملاذ للفرار من جحيم المعارك وبهذا أصبحت الحروب ذات سمات مختلفة منها :

1. مكلفة جدا وتحتاج الى ميزانيات هائلة

2. تحالفات عابرة للحدود .

3. مخرجاتها مدمرة للدول وبناها التحتية وتستنزف اقتصادها بعد الحرب وتؤدي الى تغيرات ديموغرافية وتهجير قسري للسكان .

4. طويلة الأمد وماراثونية الايقاع كما يحب ان يصفها بعض المحللين .

5. تحتاج لتكتيكات غير تقليدية وخطط مطورة ومرنه .

6. تراجع مبدأ وحدة القيادة ومركزية القرار فهذا العامل قد يسبب ضياع مواقع وخسارة مادية كبيرة مما يستوجب تخويل الصلاحيات الى السلسلة الأدنى .

7. دخول أسلحة جديدة وأساليب قتال مختلفة كالعبوات الناسفة البدائية والعجلات المفخخة والطائرات المسيرة وشبكات الانفاق تحت الأبنية .

8. استخدام أوسع للفضاء الالكتروني .

9. تغير كبير في مبادئ الكمائن التقليدية

10. نقل المعارك بسرعة من قاطع الى اخر وتداخل خطوط التماس

11. طرفي الصراع ينتمون لمجتمع واحد ووطن واحد وبروابط مشتركة .

حينما نفكر بما ورد انفآ نرى ان اية مواجهة مستقبلا تحدث في اية دولة مهما كان حجمها ومهما بلغ اقتصادها من قوة ستتداعى وتتراجع في كل شيء وستبقى تأثيرات تلك المواجهة لاجيال مقبلة وبهذا انتبهت الدول والحكومات لذلك الوحش المستتر الذي قد يقوض كل بناؤها ويبدد كل أحلام أبناؤها وتوجهت الى المعالجة الأقل كلفة والاسلم لها وهي تحقيق شرطان في السلطة وهي العدالة والحكم الرشيد النزيه .التصالح مع الشعوب اقصر الطرق لتجنب الحروب والعدل والمساواة ركائز تجسير العلاقة بين الحاكم والمحكوم .

اما بالنسبة للجيوش فعليها ان تغير من تعبئتها وتنظيمها وتدريبها وتجهيزها بما ينسجم مع تحقيق النصر على العدو المحتمل الجديد فقد تحقق مجاميع صغيرة مالم تحققه جيوش كبيرة في نتائج المعارك ولم يعد ربح المعركة هو النصر النهائي والحاسم فقد يسحق الجيش تلك المجاميع ويطردها خارج حدوده ولكنه سيؤدي الى تأخير نمو واعمار وبناء البلاد لعقود ويحطم ميزانيات كانت ستصرف من اجل التطوير والتعليم والصحة وبناء المجتمع . لذلك أصبحت المعادلة صعبة واكثر تعقيدا .

لابد ان نغير أولا أنظمة حكوماتنا ومن ثم نعيد بناء مجتمعنا قبل ان نبني جيشنا الذي يجب ان يرقى لمستوى المواجهة وان يتوحد المجتمع كله تحت راية واحدة هي راية الوطن .

المجاميع الإرهابية التي احتلت مساحة اكبر من بريطانيا خلال ٣ اشهر في العراق وسوريا والتي تسمى بداعش لا يزيد عدد مقاتليها عن ١٠ الاف مقاتل ولكن ماحققته من احتلال قد لا يمكن تحقيقه بعشرات اضعاف هذا العدد من الجيوش النظامية ! ومن اجل تحرير المدن وهزيمتهم احتاج العالم لتحالف من ستين دولة وجيشان وعشرات المليشيات وتريليونات من الدولارات إضافة الى تدمير كلي للمدن ، وسيكلف إعادة اعمارها تريليونات أخرى مما يجعل الدولة تتهاوى في وادي من العجز الاقتصادي لعقود قادمة .

ختاما هل سيعي العراق الدروس المستنبطة من هذه المواجهة وهل سنغير ونعالج مواطن الخلل ونكشف عن المقصر وهل سنكون قادرين لعبور محنة إعادة اللحمة المجتمعية ببرامج وخطط أساسها العدل والمساواة ..وهل سنرمم جيشنا المتصدع الذي فقد هيبته حينما سقطت بنادقه امام شلة من الأشرار ..كل تلك التساؤلات لن تجد لها أجوبة في ظل حكومة نخرها الفساد وجيش اضعف منقوات لانظامية تسمى حشد شكل بين ليلة وضحاها باعتراف قائده الميداني العام ، وتعدد الرايات التي تدعي الحسم سيكون له استحقاقات حينما يتحقق النصر الناجز مما سيولد معضلة جديدة .

ان تحقيق النصر الحاسم يتطلب التفكير الجدي لاعادة بناء العقيدة العسكرية وتغيير المهمة وكل ما يتبع ذلك من إجراءات وترتيبات تبدأ من تغيير مناهج التدريب وتنتهي بالتسليح والتجهيز وقبل كل ذلك بناء جديد للمنظومة الأمنية والاستخباراتية التي تتمكن حقا من تنفيذ ضربات استباقية للارهاب والعصابات ولابد لتلك المنظومة ان تكون قادرة على فرض السيطرة على الفضاء الالكتروني لانه التهديد القادم . الولايات المتحدة الامريكية قامت ببناء منظومة استخباراتية لها القدرة على الكشف عن الإرهابي او المجرم حال ما يفكر لتنفيذ جريمته أي قبل ان يبدأ بمرحلة التخطيط وكذلك الحال في كندا والسويد والامارات العربية المتحدة والصين فلن تفيد استخبارات تلقي القبض على المنفذين بعد التنفيذ بل تلقي القبض على خلاياهم التي تفكر ان تؤذي المجتمع ..هل قيادتنا المتخلفة قادرة على ذلك وجلهم من سياسيي المهجر ومفترشي ارصفة المدن والعواصم التي آوتهم ابان النظام السابق وكل مؤهلاتهم هو البحث عن سبل النهب وزيادة الأرصدة في البنوك من أموال الشعب وثرواته وقياداتنا الأمنية امعات لمن اختارهم طبقا للمحاصصة كما نحتاج الى ان نعيد رسم خارطة العدو والعدو المحتمل فاذا سلمنا الى ان العدو هو كل من يريد الاضرار بامن ومصالح الشعب وليس السلطة فقد يكون اعداؤنا بين ظهرانينا في السلطات الثلاث .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب