مقدمة:
يوماً بعد آخر، وبفضل العلم الحديث والتكنولوجية المتطورة، تنكشف عورة الفقهاء للملأ، وتسقط عنهم المصداقية وادعاء العلم والمعرفة، وما وراء الغيب وتهوى من عليائها الاسطورة والخرافة، وكل ما ليس له صدى يرن في اروقة الواقع الراهن.
ومن هذه الخرافات هي القول بأن بول الابل فيه شفاء للناس من مختلف الامراض، بما فيه مرض السرطان، ويروون في كتبهم ومسانيدهم احاديث بهذا الصدد ينسبونها الى النبي؛ والى يومنا هذا هناك العديد من السعوديين يشربون بول البعير، ولم نسمع منهم خبراً يقول أن كذا عدد من المرضى استعادوا صحتهم الى سالف عهدها بعد تناولهم لبول الابل!.
فالبول هو عبارة عن حوامض ويوريا تحتوي على بكتريا وسواها، وهي ايضاً فضلات استفاد منها الجسم ومن ثم طرحها الى الخارج، ولو بقيت هذه الفضلات في الحيوان، وحتى الانسان، عدة أيام ولم تخرج منه، فحتما إنه سيتعرض الى مخاطر الموت والهلاك.
علاوة على ذلك فأن الذوق السليم لدى الانسان، والفطرة الحسنة التي فُطر عليها تأبى عليه أن يناول، من مأكول ومن مشروب ما يناوئ تلك الفطرة، كالأشياء القذرة؛ والمعروف أن البول، سواء كان بول بعير أم بول بقر، تعد من القاذورات، فكيف يتناولها الانسان كنوع من العلاج!، ونحن نسير مع العلم الحديث ومع التجارب العلمية، حيث لم تثبت دعوات الفقهاء على صحة ما يدعون، من أن بول الابل فيها شفاء.
تعريف البول:
جاء في تاج العروس للزبيدي 7: 237 مادّة بول: البول معروف، الجمع أبوال، وقد بال يبول والاسم البيلة بالكسر كالركبة والجلسة، ومن المجاز الولد، قال المفضّل: بال الرجل يبول بولاً شريفاً فاخراً إذا ولد له ولد يشبهه في شكله وصورته وآسانه وآساله وأعسانه وأعساله وتجاليده، والبولة بهاء بنت الرجل، والبوال كغراب: داء يكثر منه البول، يقال أخذه بوال إذا جعل البول يعتريه كثيراً، والبولة كهمزة الكثيرة يقال رجل بولة.
حجية السنة في ذلك:
روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك قال: (قدم رهط من عرينة وعكل على النبي صلى الله عليه وسلم، فاجتووا المدينة، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “لو خرجتم إلى إبل الصدقة فشربتم من أبوالها وألبانها” ففعلوا، فلما صحوا عمدوا إلى الرعاة فقتلوهم، واستاقوا الإبل، وحاربوا الله ورسوله، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم، فأخذوا فقطع أيديهم، وأرجلهم، وسمل أعينهم، وألقاهم في الشمس حتى ماتوا).
والبخاري هذا عند السنة معصوم، وكل ما جاء في كتابه فهو صحيح بحسب زعمهم. والمملكة السعودية تطبق هذا الحديث، حيث يتناولون البول بكرة واصيلاً، ولا أدري هل غير السعودية من بلاد الله الواسعة يفعلون كذلك.
حجية الشيعة:
والشيعة هم ايضاً يرون أن شرب بول الابل والبقر سنة نبوية، ويروون في هذا احاديث كثيرة في كتبهم ومصنفاتهم، يسندونها الى النبي والى أئمة اهل البيت؛ لكنهم لا يطبقونها اليوم، ولم أر أحد من الشيعة يشرب بول الابل أو البقر أو يصفه كعلاج لبعض المرضى كما تفعل السعودية، بل قد يكون أسلافهم فعل ذلك، لكن ليس لدي علم بذلك أو يقين؛ لكن ابن بسطام وهو من الشيعة قد وصفه كعلاج في كتابه “طب الائمة”.
ففي كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي ج 25 ص 109 وما بعدها، (باب جواز شرب أبوال الابل والبقر والغنم ولعابها والاستشفاء بأبوالها وبألبانها):
عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال: سئل عن بول البقر يشربه الرجل قال: إن كان محتاجاً إليه يتداوى به يشربه، وكذلك أبوال الابل والغنم.
«عن جعفر، عن أبيه أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال: لا بأس ببول ما أكل لحمه».
-«عن الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن موسى (عليه السلام) يقول: أبوال الابل خير من ألبانها، ويجعل الله الشفاء في ألبانها».
-«عن موسى بن عبدالله بن الحسن، قال: سمعت أشياخنا يقولون: ألبان اللقاح شفاء من كل داء وعاهة، ولصاحب الربو أبوالها».
-«عن جعفر عن أبيه أن النبي (صلى الله عليه وآله سلم) قال: لا بأس ببول ما أُكل لحمه».
-«عن زرعة عن سماعة، قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن شرب الرجل أبوال الإبل والبقر والغنم يُنعت له من الوجع، هل يجوز له أن يشرب؟ قال: نعم لا بأس به».
وأخيراً:
واخيراً اقول: لو كان هذا الذي يدعيه الفقهاء صحيحاً لرأينا أوربا أول من استعملت بول الابل كعلاج يعالج به البشر من مختلف الامراض؛ حتى جاءتنا من أمريكا واليابان والصين وفرنسا وغيرهم أنواع العبوات وبأحجام مختلفة من الابوال الطازجة: الساخنة والمثلجة وبأسعار لربما عالية.