منذ عام واكثر.. اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي عن ذلك التغيير بقوة باطشة تطيح بالعملية السياسية في عراق ما بعد ٢٠٠٣.. وبين يوم واخر يظهر هذا أو ذاك للحديث عن مؤامرات واجتماعات تعقد.. بل ان البعض استغل الإعلام ليناء منصات بمسميات عفا عنها الزمن وتحاول أحياء الأموات.
السؤال الأكثر جدلا ليس كثرة هذا الصحب. بل من يمتلك قرار التغيير في العملية السياسية العراقية برمتها؟؟
في تحليل مصفوفة الاحتمالات.. ان واقع العملية السياسية في نظام مفاسد المحاصصة والمكونات انما هي نتاج مؤتمرات واجتماعات الاباء المؤسسين لعراق ما بعد ٢٠٠٣ مع الفواعل الراعية لسلطة الدولة اليوم… وما زالت ذات ثوابت هؤلاء الرعاة وان تضاربت مصالحهم.. فإن التعامل مع العراق يقف عند حافة الفوضى وعدم الاستقرار خوفا من عودة البلد في نهوض العنقاء الابدي.. هذه سياسات صهيونية تعتمد تفسيرات تلمودية تكررت اليوم فيما عرف بمرر داوود.. وصولا إلى كركوك مرورا بالسويداء وصولا إلى حيفا!!
يضاف إلى ذلك المخاوف الكويتية.. لان استقرار العراق يعني المطالبة بحقوفه التي ذبحت على طاولة مجلس الأمن الدولي ومن بعده في صفقات مريبة
كذلك مخاوف إيران من ضياع العراق الذي يفتخر الكثير من رموز العملية السياسية رفع العلم الإيراني في احتفالاتهم بدلا من العلم العراقي.. بل يعتبرون أنفسهم ولائيين ربما اكثر حتى من عتاة المتشددين الإيرانيين لولاية الفقيه!!
والموضوع ذاته يتطابق مع تركيا التي تريد التمدد جغرافيا على واقع الفوضى العراقية.
وكل هؤلاء تحت قيادة المايسترو البريطاني وسلطة الكابوي الأمريكي… لذلك يتكرر السؤال كيف يمكن تغيير عملية سياسية كل اعداداتها متشابكة بمواقف إقليمية ودولية؟؟
لذلك هذا الصخب الاعلامي لمنصات التواصل الاجتماعي مجرد هواء في شبك هذا التعارض وذاك التضارب والتضاد.. والاخطر انه انتج من حيث تدري قيادات الاباء المؤسسين او الأحزاب التي خرجت من معطفهم.. انتجت شرائح اجتماعية مستفيدة بل نهازة للفرص بابشع انواعها.. يتضح ذلك من أسلوب الحوار حتي فيما بينهم، طائفيا عنصريا مناطقيا.. والانكى ان هذا الصخب وصل في هذه المناقشات للتشكيك بالأخلاق.. بل ان شيوع ظاهرة الفاشنستات وغيرها.. ودخولهم أبواب السياسة العامة بشكل متزايد.. يؤكد ان نظام مفاسد المحاصصة.. يواجه اختناق حقيقي.. يعبر عن تنفيسه في ظاهرة الانتخابات.. لتدوير ذات الوجوه الحزبية.. التي تمسكت بالسلطة وان كانت على حصيرة مفاسد المحاصصة من دون رؤى لإعادة بناء عراق واحد وطن الجميع.
وفق هذا المنظور.. لا يمكن تكرار نموذج ثورة العشرين اليوم بقيادة المرجعية الدينية العليا.. ولا يمكن أن نتوقع صدور فتوى مثل فتوى الجهاد الكفائي تسقط معبد العملية السياسية على رؤوسهم!!
كما أن تنوع الولاء والبراء بمفهومي البيعة والتقليد.. لم يوجد قيادات عسكرية مثل الجنرال السيسي في مصر.. لاعلان انقلاب عسكري فكل جنرالات العراق على كثرة اعدادهم.. لا يمتلكون قدرات حقيقية للقيام بالانقلاب العسكري.
اما من يبشر بعودة الاحتلال العسكري الأمريكي المباشر.. فتلك قصة تخضع لمتغيرات إقليمية ودولية.. لا حاجة لها فيما يستطيع السفير البريطاني ان يظهر في برنامج تلفازي ويتكلم فيه عما توافق عليه بلاده وما ترفضه..!!
الجانب الاخر لهذه المصفوفة.. يتمثل في ذلك التوظيف الاعلامي والتحشيد الانتخابي.. وكثرة انواع الالهاء في لعب برامج التوك شو في القنوات الفضائية او منصات التواصل الاجتماعي.
هكذا نرى بين حالة وأخرى.. قضايا الالهاء تطرح في متوالية عكسية لما تطلبه الوقائع الحقيقية.. كما حصل مثلا عام ٢٠١٤.. في تلك السجالات حول منصات التظاهر… لكي تكون النتيجة دخول عصابات داعش الإجرامية لثلث الأراضي العراقية من دون أن تحاسب القيادة السياسية عن هذا الموضوع.. اليوم هناك من ينفخ في النيران الطائفية واستغلال تعارض المصالح بين إيران والوضع السوري الجديد.. لاثارة ذات الورقه من جديد.
من الرابح ومن الخاسر..؟؟
الرابح قوى إقليمية ودولية وجهات عراقية ترفع اعلام غير عراقية.. بعناوين مقدسة للولاء والبراء.. والاكيد الخاسر الوحيد فيها مستقبل اجيالنا المقبلة ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!