كل مجتمع يحوي طاقات لا محدودة وإرادات مطلقة لصناعة الحياة الأفضل , ولا يمكنها أن تصل إلى أهدافها وتطلعاتها , إذا غاب الوعاء الجامع والعقل الرائد القائد.
فالمجتمعات لا تختلف عن بعضها إلا بقدرات الإستثمار بطاقاتها وسبك قدراتها , وصبّها في بودقة صيروراتية وطنية ذات آفاق إنسانية صالحة للحياة في الحاضر والمستقبل.
ولهذا فالمجتمعات بحاجة لقوة جامعة , وهذه القوة تتجسد بالقائد القادر على وعي الطاقات , وتأهيلها للإنسكاب في بودقة الوجود الوطني الأقوى والأقدر , وبدونه تتبعثر الطاقات وتتآكل , بل أنها ستختزن قدرات خيباوية سلبية تتأهل للإنفجار والثبور والتدمير الشامل للزمان والمكان الذي تكون فيه.
ولا يمكن تحقيق التفاعل الإيجابي للطاقات والقدرات في مجتمعات تتشظى بإسم الديمقراطية , التي ربما ما عادت تصلح لحياة القرن الحادي والعشرين كما نتوهم , وهذا واضح في المجتمعات العربية التي أكلت طُعم الديمقراطية المستوردة , المدججة بالعمائم واللحى والأسلحة الفتاكة والمهارات التخريبية والتدميرية المروعة , والمؤزرة بالتقنيات الإعلامية والنفسية والصولات الإنفعالية الفائقة , الكفيلة بتأهيل الناس لإمحاق بعضهم وإلغاء وجودهم.
فالواقع العربي يتطلب قادة أقوياء ألبّاء يجدّون ويجتهدون في صب الطاقات ببودقة وطنية قادرة على صناعة السبيكة الوطنية الحضارية المعاصرة , التي تجمع وتمنع وتحقق التطلعات الإيجابية الصالحة للحياة الأقوى والأقدر.
وبغياب القيادة القوية فأن التداعيات العربية ستتواصل , والصراعات ستتفاقم , ولن تتمكن من الحياة والنجاة إلا المجتمعات التي بقيت عندها جيوش قوية مقتدرة صالحة لإحكام القبضة الوطنية على البلاد , وردع الأحزاب المتورطة بالتبعية والفئوية من تنفس هواء الحرية , وعليها أن تردع كل مستهين بحرمات الوطن وحقوق المواطنين , ولن يُصلح العرب إلا نظام حكم قوي صارم القرارات , ذو رؤية تربوية وتأهيلية لبناء الإرادة الذاتية للإنسان , وتعميق شعوره بالمسؤولية , لإعداده للعمل بحرية.
فقد بلغ السيل الزبى , ولا بد من هبة غيرة ونخوة رجاء وعزة وكرامة وإباء!!